اعترف "سفر الحوالي" أبرز رمز سروري، ومن يُطلق عليه الصحويون لقب "ابن تيمية عصره"، في كتابه الأخير "المسلمون والحضارة الغربية"، أن القاعدة تتلقى العون والمساعدة من إيران.
وكما جاء في معرض إجابته (صفحة 427)، عما وصفه تساؤلاً كثيراً ما يطرحه طلبة العلم، كيف تترك جماعات الغلو التفجير في إيران؟ قائلا: "إن الواقع العملي جعلهم يتخلون عن القطعيات التي يقولونها في التنظير، ويتعاملون بسياسة براغماتية تنظر في المآل والعاقبة، أي أن القضية قضية التقاء مصالح، فإيران توفر لهم الحماية واللجوء".
وحاول الحوالي تبرير موقف القاعدة أو من وصفهم بـ "الغلاة" من إيران، بأن العدو القريب وهم من وصفهم بالأنظمة التابعة للعدو الصليبي أولى بالقتال قائلا: "يبدو لي أن ذلك ليس اتفاقا بين الطرفين ولا يرجع ذلك إلى أن الغلاة لا يعرفون عداوة الرافضة... وإنما ذلك على ما أعتقد مبني على أصلهم في تقديم عداوة الغرب الصليبي والأنظمة التابعة له على عداوة إيران". موقف الحوالي من إيران الخمينية!
وإلى جانب تقديم سفر الحوالي التبرير السياسي لتعاون القاعدة والجماعات الراديكالية السنية مع إيران، سعى في ذات الوقت إلى تبرير الموقف بلغة فقهية وتسويغات مبتدعة، وهذه المرة تعبيراً عن موقفه الشخصي من إيران الخمينية، والمنسجم مع نظريات وأدبيات الإسلام السياسي.
وقال: "نتبع منهج أهل السنة الذي فيه أن المسلم المبتدع خير من الكافر.. كما ذكر أن بعض الجهمية أو الرافضة ذهبوا إلى بلاد الكفر فأسلم على أيديهم أناس كثير، فتحولوا من الشرك إلى البدعة، وهذا خير لهم من البقاء على شركهم".
فخلص سفر الحوالي في كلامه الذي لطالما كان أحد المراجع لعناصر تنظيم القاعدة، وباقي الجماعات الراديكالية المسلحة وعلى صلة وطيدة بهم، إلى أنه: "إذا طبقنا ذلك على واقعنا الحالي، نقول إن إيران على شرها أهون عداوة من إسرائيل وأميركا.. فأما إسرائيل فعداوتها ظاهرة ومعروفة لكل طالب حق".
ليقود هذا الحديث في الصفحة 425 إلى اعتبار استهداف الولايات المتحدة الأميركية لمقاتلي تنظيم القاعدة من "السعوديين" في أفغانستان والعراق واليمن، أكثر شراً من حرق إيران للسفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، قائلا: "والسعوديون الذين تقتلهم أميركا معروفون، وقتلهم شر من إحراق السفارة السعودية في طهران أو القنصلية السعودية في مدينة مشهد، فقد ثبت في الحديث أن المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.. ما أحرقت أمريكا هو أضعاف ما أحرق غيرها، فكل طائرة أمريكية إنما تقذف بالنار، ولذلك ترى النار عند غارات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وغيرها". كيف طالب الحوالي التعاون مع إيران
ومن مفارقات صاحب كتاب "الأقلية حين تحكم الأكثرية" والذي استهدف فيه شيعة السعودية، ما جاء فيما ذكره تحت أحد عناوين كتابه، من محاسن النظام الخميني وفيما يتفق هو شخصياً مع سياساته ومطالبه، من بينه: "ونحن نتفق مع السياسة الإيرانية في مطالبها فإن كانت صادقة فقد عملنا بمقتضى العدل الذي أمر الله به.. ضرورة مغادرة كل القوات الأمريكية الخليج، وأن إسرائيل دولة معتدية ظالمة، يجب أن تنسحب من كل الأراضي المباركة من النهر إلى البحر، فتوى الخميني بأن سلمان رشدي مرتد يحل دمه، أن المرأة المسلمة يجب أن تغطي شعرها، أن المنتخب إذا ذهب إلى مباريات كأس العالم يصلي في الملعب، أن السفير يجب أن يكون داعية، وليس مثل سفراء السعودية، وتسمي إيران مناوراتها باسم اسلامي مثل (الرسول الأعظم)".
أما مآخذ الحوالي على النظام الخميني والتي بدى أنها مجرد شكليات وهوامش، في إطار ما ذكره بشأن التعاون مع إيران المبتدعة لمحاربة إسرائيل والولايات المتحدة "الكفار" قائلا: "من جانب آخر نختلف مع إيران في أمور كثيرة، ليس هذا موضوع التفصيل ومن ذلك بإيجاز: إيمانها بولاية الفقيه، واحتلالها لأربع عواصم عربية، وإقامتها حكومة عميلة لها بالعراق، وقوفها المستمر ضد أهل السنة في كل مكان، وعداؤها الشديد للدولة العثمانية قديماً ولتركيا حديثاً( كذااااااب)، اتخاذها ستار وحدة المسلمين والعداء للصهيونية لكي تبث عقيدة الرفض وضلالاته..".
وفي سلسلة لا تنتهي من التناقضات والمفارقات التي أتى بها الحوالي في كتابه انتقاده تعيين شخصيات من المذهب الشيعي في مجلس الشورى السعودي فبحسبه "المبتدعة" لا يشاورون قائلا: "وقد بلغني أخيراً أن بعض أهل البدع من رافضة واسماعيلية أدخلوا في مجلس الشورى وتعلمون وفقكم الله حكم الشريعة في شورى المبتدع أو الفاسق وبم سيشير لو صدق ونصح؟"
واعتبر كثير من المراقبين أن ما جاء في كتاب سفر الحوالي، إنما يؤكد أن كل جماعات الإسلام السياسي تتخندق في ذات المعسكر وأن النظرة الحقيقية في العقل الباطن لدى الجماعات الحركية الإسلاموية للتجربة الخمينية نظرة إشادة وتقدير رغم أي حديث آخر.