استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب انحسار المخاوف بشأن الإمدادات إثر التفاهمات التي جرت بين السعودية وأمريكا بشأن تأمين الإمدادات وتوفير الاحتياجات اللازمة للمستهلكين.
وكانت أسعار النفط الخام قد حققت في نهاية الأسبوع الماضي مكاسب قياسية ربح فيها خام برنت 5 في المائة والخام الأمريكي 8 في المائة بسبب قوة الطلب والانحسار الحاد في المعروض النفطي في إيران وفنزويلا نتيجة العقوبات الأمريكية.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، جون هال رئيس شركة "ألفا إنرجي" البريطانية، إن التفاهمات السعودية - الأمريكية الأخيرة أعطت شحنة من الثقة والتفاؤل بوضع السوق النفطية خاصة مع تعهد السعودية بتوفير أي إمدادات إضافية وفق احتياجات المستهلكين وبما يضمن دفع السوق نحو الاستقرار والتوازن المستدام.
وأشار إلى أن السعودية تلعب دورا قياديا كبيرا لضمان استقرار الأسواق وتعويض أي نقص في الإمدادات، ويعزز قدراتها الطاقات الاحتياطية الواسعة والقدرة على الإنتاج السريع لتعويض أي نقص في المعروض، مرجحا أن تحدث زيادات إنتاجية متلاحقة في الشهور المقبلة لتعويض نقص إنتاج إيران والاستجابة مع معدلات نمو الطلب المتسارعة خاصة في فصل الصيف.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، سيرجي فاكولينكو مدير الاستراتيجيات في عملاق الطاقة الروسي "جازبروم"، أن القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والروسي فيلادمير بوتين والمقرر لها 16 تموز (يوليو) الجاري، في هلسنكي ستكون قمة مهمة وستتناول ملفات الطاقة خاصة أن هناك توافق أمريكي - روسي وأيضا مع منظمة "أوبك" لدعم استقرار السوق وتسهيل تفاديها للمخاطر الجيوسياسية.
وأشار إلى التوافق الكبير الذي تحقق بين كل الدول أخيرا، على زيادة الإنتاج خاصة بين روسيا و"أوبك" وبدعم وتحفيز أمريكي، معتبرا أن تأمين المعروض النفطي وتحقيق توازن في العلاقة مع الطلب هي مهمة رئيسية ولها أولوية وتشارك فيها كافة الأطراف بما يعزز الاقتصاد العالمي ويطور علاقة التناغم والتكامل بين المنتجين المستهلكين.
من ناحيته، قالت "الاقتصادية"، جولميرا رازايفا كبير الباحثين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن الانقطاعات الإنتاجية في إيران وليبيا من المرجح أن تسجل مستويات تفوق التوقعات السابقة وهو ما يفرض المزيد من الأعباء على السوق ويدفع في اتجاه صعود واسع في مستوى الأسعار، لافتة إلى أن المنتجين يتبنون خطة جيدة لتهدئة صعود الأسعار حفاظا على عدم تدمير الطلب.
وذكرت أن التعاون بين "أوبك" وخارجها يتطور بشكل جيد، متوقعة أن يشهد السوق كثير من النتائج الإيجابية في الفترة المقبلة في ضوء التنسيق المستمر والمتواصل بين السعودية وروسيا ووجود جهود جيدة لضم منتجين جدد لاتساع رقعة دول خارج "أوبك" المشاركة في منظومة التعاون المشترك.
وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، مع زيادة الإنتاج من السعودية وروسيا بينما تعثر النمو الاقتصادي في آسيا وسط تصاعد للخلاف التجاري مع الولايات المتحدة.
وهبط خام القياس العالمي برنت 1.24 دولار إلى نحو 77.99 دولار لكن بحلول الساعة 09:35 بتوقيت جرينتش تعافى لنحو 78.50 منخفضا 73 سنتا.
وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 40 سنتا إلى 73.75 دولار. وارتفعت أسعار النفط الأسبوع الماضي.
وأظهر مسح لـ"رويترز"، أن إنتاج السعودية زاد 700 ألف برميل يوميا الشهر الماضي عن مستويات أيار (مايو) مقتربا من مستواه القياسي 10.62 مليون برميل يوميا المسجل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.
وزاد إنتاج الولايات المتحدة 30 في المائة في العامين الأخيرين إلى 10.9 مليون برميل يوميا وهو ما يعني أن أكبر ثلاثة منتجين في العالم يضخ كل منهم نحو 11 مليون برميل يوميا بما يلبي نحو ثلث الطلب العالمي على النفط.
ويوم الجمعة الماضي، ارتفع الخام الأمريكي إلى 74.46 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وانتعش بفعل مخاوف من أن العقوبات الأمريكية على إيران ستقتطع كمية كبيرة من النفط الخام من الأسواق العالمية في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي.
وفي سياق متصل، توقع "بنك أوف أمريكا ميريل لينش"، أن تصل أسعار النفط الخام إلى 90 دولارا للبرميل بحلول الربع الثاني من عام 2019، مبررا هذا الارتفاع في هذا التوقيت بسبب تسجيل أكبر انخفاض في خروج براميل النفط الإيرانية من السوق، لافتا إلى أن مخاطر تعطل الإمدادات سوف تؤدى إلى تشديد سوق النفط.
وأكد البنك في تقرير، أن الولايات المتحدة أعلنت سعيها الحثيث إلى إخراج أكبر قدر ممكن من النفط الإيراني من السوق من خلال تجدد العقوبات الصارمة على طهران.
وأشار التقرير الدولي إلى تعهد السعودية وروسيا بتخفيف معدلات الامتثال لخفض الإنتاج في اتفاق "أوبك" وخارجها، إلا أنهما فضلا عدم زيادة الإنتاج عن طريق رقم غير محدد، ما سيجعل زيادة الإنتاج تتمتع بمرونة واسعة مع تحقيق التفاعل بشكل سريع مع مستوى المخزونات خاصة في حالة انخفاضها بشكل كبير.
وأضاف التقرير أن الطريق أصبح ممهدا أمام ارتفاع أسعار النفط الخام خاصة في حالة حدوث اضطرابات إضافية في مستوى العرض بسبب تقلص الإنتاج في عدد من الدول المنتجة الرئيسية.
ونقل التقرير عن محللين في بنك أوف أمريكا ميريل لينش أن السوق تتمتع ببيئة أسعار نفط جذابة للغاية، لافتا إلى أن السوق تنتقل إلى بيئة فيها اضطرابات واسعة في العرض في جميع أنحاء العالم.
وذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نشيط إلى حد كبير في محاولة عزل إيران وحث حلفاء الولايات المتحدة على عدم شراء النفط من إيران.
وأفاد التقرير الدولي أنه مع استمرار انخفاض المخزونات وتراجع الطاقة الإنتاجية للنفط في العديد من دول الإنتاج بشكل غير مريح تواجه السوق حالة التشدد والتحديات المتواصلة خاصة مع تزايد خطر حدوث اضطراب في الإمدادات بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
ولفت التقرير إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية - مثل العديد من المحللين الآخرين - أن يكون هناك نوع من زيادة الإنتاج التدريجية المتواصلة من أجل محاولة سد فجوة العرض نتيجة انهيار إنتاج كل من إيران وفنزويلا.
ورجح أن تكون السوق متوازنة بشكل جيد خلال العام المقبل، مشيرا إلى احتمال ارتفاع الأسعار بشكل أكبر في حالة حدوث مزيد من الاضطراب.
من جانب آخر، قال بنك "سوستيه جنرال" إن أربعة دول فقط قادرة على زيادة الإنتاج وهى السعودية وروسيا والإمارات والكويت حيث تمتلك فائضا في الطاقات الاحتياطية الجاهزة للإنتاج.
وحدد التقرير حصص الدول الأربع في الزيادات المتوقعة، موضحا أن السعودية تستطيع زيادة إنتاجها بنحو 1.3 – 1.4 مليون برميل يوميا بينما تستطيع الإمارات والكويت معا زيادة الإنتاج بنحو 400 ألف برميل يوميا، بينما نحو 300 ألف برميل يوميا.