العلاقة بين السعوديين وبعض العرب علاقة شائكة وغريبة فيها الكثير من التحامل والكراهية غير المبررة بالطبع من العرب تجاه المملكة، فمنذ توحيد الدولة السعودية الثالثة ومدن المملكة تستقبل ملايين القادمين من دولهم العربية بحثا عن فرصة عمل، بل لقد كان الحصول على عقد عمل في المملكة هو الجائزة الكبرى وحلم معظم الشباب في بلاد الأنهار والأمصار
لأن السعودية بكل بساطة بلد غير مكلف سهل العمل به ولم يكن هناك تحفظ على التحويلات المالية وسمح للكثير بالتحول من عمال وموظفين إلى تجار وأغنياء
وبالتالي اختصر على الكثير رحلة عمر طويلة من المشقة والتعب.
هم لم يأتوا إلينا متصدقين ولا متطوعين في فرق الإغاثة الدولية، جاءوا يبيعون وقتهم ومعرفتهم ويقبضون ثمنها، صحيح أنهم عملوا وكدوا واجتهدوا إلا أنهم في الوقت نفسه أخذوا ثمن تلك الأعمال واستفادوا من الخدمات المقدمة بلا ضرائب ولا رسوم، لقد كانت منفعة متبادلة بين طرفين.
أجزم أنه وعلى مدى أكثر من ثمانية عقود زاد عدد الذين عملوا في السعودية على 50 مليون عربي، بل وأنا أكتب المقال في هذه اللحظات يعيش بيننا ما يقارب الـ15 مليون أجنبي
منهم على الأقل 10 ملايين عربي ما بين مصريين ويمنيين وسوريين ولبنانيين وسودانيين وفلسطينيين إضافة لجنسيات عربية أخرى.
السؤال هو ما المبرر الذي يدفع بعضهم لكل هذه الكراهية، لدرجة تمني زوالنا أو حصول الأذى لنا، ما الذي فعلناه لهم لنستحق منهم هذه البغضاء
هل أخطأنا أننا لم نحولهم إلى عملاء مأجورين يخونون بلدانهم ويحققون أجنداتنا السياسية والأيديولوجية؟
كان بإمكاننا أن نستولي على لب 50 مليون عائلة عربية، بمعدل أربعة أشخاص في كل عائلة، فنتحدث عن 200 مليون عربي، ومع ذلك لم نفعل ولن نفعل.
فقط نفتح قناة إذاعية مأجورة ونبث عبر قناة فضائية أقرب إلى ماخور مثل الجزيرة ونتحكم وندير عقولهم، وندفع لمذيعين وإعلاميين وكتاب من نفس جنسهم ليخربوا بلدانهم ويهيجوا ويثوروا شعوبهم، لكن أخلاقنا ليست كأخلاقهم.
قضايا العرب كثيرة وشائكة وقديمة قدم الدول العربية نفسها، فلا القدس احتلت وهي تحت الإدارة السعودية، ولا الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر والعراق والأردن والعراق
كانوا تحت الوصاية السعودية.
دول مثل سنغافورة واليابان بلا موارد ومع ذلك حققت اقتصادا عظيما، دول مثل العراق وسورية والسودان لديها المياه والأراضي الخصبة، وتعيش تحت خط الفقر
فلماذا تلام المملكة على ما حباها الله من ثروات ويريد كسالى العرب اقتسام ثرواتها معها.
بدأ العداء يطل بشكله القبيح في فترة ما بعد الثورة المصرية 1952 وتشكُل ما سمي بعد ذلك بالقومية العربية، التي وللحق لم تكن فكرة جديدة، فقد بدأت بالظهور مع نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر في شكل احتجاجات مكبوتة ضد الاحتلال التركي والطريقة العثمانية المستبدة في حكم الشعوب العربية.
وجه القوميون والبعثيون وفلول اليسار والشيوعيون العرب انكساراتهم وتخاذلهم نحو الدول الملكية بدلا من دول الاستعمار التي يجلونها اليوم ويرتمون في أحضانها ويهاجرون إليها
ظنوا أن شكلا واحدا من الدولة العسكرية الانقلابية هو الطريق نحو وحدة عربية رومانسية غير واقعية.
كانت السعودية على رأس الدول المحتفظة بنظامها الملكي، عادى الإعلام القومي الرياض بشكل سافر وتمت شيطنتها وتشويهها لأنها كانت الأغنى بين نظيراتها، اتهمت بكل السيئات من تقسيم فلسطين إلى هزيمة مصر في 67 مرورا باحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية، مع أن المملكة في ذلك الوقت كانت دولة ناشئة ليست لديها لا الإمكانات العسكرية ولا الاقتصادية ولا حتى الكثافة السكانية.
كراهية التيارات العروبية والحركات الإسلاموية للسعوديين ليست جديدة ولن تتوقف، وما يحصل اليوم من سباب وفجور يأتي إلينا من غزة والضفة ودمشق والعراق وبيروت وشمال أفريقيا فعله آباؤهم وأجدادهم طوال عقود.
لقد سيرت إذاعة صوت العرب بقيادة أحمد سعيد الغوغاء ضد المملكة، وأخرج صدام حسين الملايين من عمان إلى الرباط يهتفون «اضرب يا صدام بالكيماوي من الخفجي للدمام»
واليوم تخرج الجزيرة وإعلام الصهيوني عزمي بشارة ملايين أخرى لسباب وشتم السعوديين.
تخيل أخي السعودي أن هناك شقيقا عربيا كان يتمنى أن يضربك صدام بالقنابل البيولوجية والكيماوية لكي تفنيك وتفني أبناءك وتجعلكم عدماً
والآن يدعون الله أن يضربك الحوثي وإيران بالنووي.
لقد كرهوا نفطنا، قبل أن يكرهونا، وتمنوا زوال ثرواتنا قبل أن تزول أرواحنا، كرهوا لباسنا ولهجاتنا وتمنوا شقاءنا، لو بيدهم لأعادونا للصحاري القاحلة والمياه المالحة والحياة الكادحة، ألم يقل بعض مثقفيهم ذات نهار أن القدر أخطأ عندما أخرج النفط في صحارينا ولم يخرجه في أراضيهم الخصبة.