تنويه ,,, أعتذر عن الأطالة وتبقى للقصة مصداقيتها
فليعذرني صديقي احمد
لعل تلك الفتاة تمر بمحظ الصدفة من هنا لتعلم انك ما زلت على ذكراها
..............
منذ زمن لم أقابله ... الصدفة وحدها جمعتنا وجعلتني ادعوه لمشروب ساخن كان يحبه .. تحدثنا كثيراً ,, وضحكنا أكثر.. تذكرنا مراحل الطفولة سردنا مع بعضنا شريط تلك الأيام العذبة ,, بكل جمالها ,,وتفاهاتها
استجمعنا في تلك اللحظات الضيقة كل الذكريات التي مضت ,,,
وفي لحظة صمت عابرة .. جف الكلام ,, وعم الصمت ارجاء المكان
سألته مداعباً ,, عن ذكرى قديمة مؤلمة ؟
نظر نحوي بعد صمت موحش .. ثم قال لم اعد أحتمل تلك الذكريات
ثم ارتشف ببطء قهوته الُمُرة ... نظر الى الأعلى ثم أخذ نفس عميق سمعت صفيرصدى زفراته داخل صدره
بدأ يحرك عينيه في ارجاء المكان ليسترق لحظات صمت يريد أن يخرج المخزون العاطفي الذي امتلأ به قلبه كان يريد ان يبدأ ولكن لا يعرف من أين سيبدأ ..
انتظرته كثيراً ,,, لم استعجله لأني اعلم ان هناك ألماً سيصرح به
ثم قرر ان يبدأ بالعزف على اوتار ذكرياته
*******
قال :- في ذلك المطار
لم يبق عن إقلاع رحلتي إلا عدة ساعات تقريبا .. جلست وحيداً اتأمل روعة ذلك المطار ,, لا اعرف أحداً هنا سوى الغربة التي مزقتني ..ورحلة ال 9 الساعات التي كانت تنتظرني ؟
كل شيء غريب وقاسي في هذا المكان .حتى لغتي هي الأخرى كانت اشد قسوة ؟
فلم تحررني من قيودي لأستمتع بثقافة ذلك البلد , كل شيء هنا يدعوا للذهول.... المكان ,,الزمان ,,الناس ,, الثقافات ,,الحريات !
مجتمع يعيش الحرية المطلقة ,, والإباحية المفرطة .
بجواري عشيقان يتبادلان كل انواع الغرام ! لا رادع ولا رقيب !
وفي الجهة المقابلة فتاتان مغرمتان ببعضهما ..!
وفي الجهة الاخرى رجل كبير في السن يحرك نظارته ويغير من جلسته وهو مستمتعاً بقراءة الكتاب الذي بين يديه .
وفي ناحية أخرى امرأة متبرجة سافرة تجلس على كرسي لها وتتحدث بالهاتف النقال وتضع رجليها فوق بعضهما لتكشف بعض محاسنها للمارة دون أي ادنى شعور بالخجل !قلت في نفسي ( غض بصري عنك لا يعني انك متحجبة )
كل شيء غريب في هذا المكان
والأغرب أن
كل تلك الأمور لاتشد انتباه أحد !!؟ الا أنا ؟
الوقت لا يكاد يمر ,, وما زلت ارسل تلك النظرات في كل الاتجاهات ..
عسى ان أكتسب صورة جميلة تبقى في ذاكرتي لتعطيني انطباع جميل عن ماهية هذا البلد
تأخرت رحلتي ومرت ساعتان وأنا انتظرها؟ لا جديد سوى ان كمية الاندهاش اصبح مألوفاً عندي ؟
والصور المخزية التي اشاهدها لم تعد تدهشني او تثير تعجبي !! ..
فالمشاعر تبلدت والقلب بدأ يألف (المُنكر) ,, ولم يكن باستطاعته أن ( يُنكر)؟؟!
---------------------------------------
جميل ومذهل هذا المطار ..فن ..تقنية ..تنظيم ..ترتيب ..
الآن كل ما يشغل بالي هو الانطلاق من هذا المكان إلى المكان الآخر الذي ينتظرني والذي سيكون آخر محطات الغربة .
فجأة فتاة جميلة القوام مشرقة الطلعة تتجه بل وتقترب نحوي ...وتسألني ممكن خدمة لو سمحت ؟
قلت لها وقد شدتني لغتها العربية ..نعم ممكن .
فكلماتك ولغتك زادت بي الشوق وأخرجتني من غربتي التي اعيشها ؟
قالت ... انت عربي ؟ قلت نعم
قالت ..وأنا كذلك
قالت هل تسمح بأن نجلس معاً لنتحدث ؟ قلت لها .. بكل سرور !
بعد كمية كثيرة من الاسئلة ؟ عرفنا من نكون ؟ ومن أي بقعة في العالم العربي نسكن ؟
قالت .. ؟ انا وحيدة على هذه الرحلة وأريد ان نجلس جوار بعضنا على متن هذه الرحلة ..
قلت لها ؟ بكل سرور ؟ ولكن كيف يتم ذلك ؟
ولأنها كانت تجيد لغة أهل البلد بطلاقة .. ذهبنا معاَ لتبديل مقاعدنا من موظفة المطار ؟ وتم لنا ذلك بكل اريحية .
الفتاة غير متزوجة ,, من أسرة متفتحة .....فتاة مثقفة متحررة ؟
سمعنا النداء بأقتراب موعد رحلتنا ؟ وحان لنا توديع هذا المكان للأبد .
صعدنا الطائرة سوياً ...
جلسنا بجوار بعضنا .. جلست هي بجوار نافذة الطائرة ..ارى اشعة ضوء الشمس تعكس اشعتها من على وجهها .ارى انسيابية لون شعرها يثير خيوط اشعة الشمس لتزداد لمعاناً .. ارى جمالاً طغى على ضوء الشمس فانحرفت بأشعتها خجلاً من هذا الجمال .. اختفت الشمس وتركت ضوءها بجواري ليؤنسني في رحلتي .
كنت اعلم ان الرحلة ستكون طويلة والحديث سيطول بهذه الرحلة ؟
- جلسنا بالقرب من بعضنا ,,اشعر بشيء يقربني نحوها بل يقربني اليها..وهي حقاً تشعرني بذلك .. من خلال .. حديثها.. بسمتها .. نظرتها .
- اشعر بعباراتها المليئة بكل علامات التعجب والاعجاب ,,تثير احاسيسي
- حتى ضحكتها كانت تمثل نوع من الجاذبية المطلقة لتلك الاحاسيس .
- اقلعت الطائرة ..ووضعت يدها على يدي لتمسك بها ,,وتقول لي اني اكره لحظات الاقلاع فتحملني ...
- شعرت (بندى) ورطوبة كفها تلامس يدي ,,لم تعلم عن الكم الهائل من الاحاسيس التي ارسلتها يدها من خلال يدي لتستقر في قلبي .
- لم تبعد يدها عن يدي حتى بعد ان استوت الطائرة ..وكأنها تريد أن تصل شيء بداخلها تشعر به نحوي ؟
- احياناً تتعمد ان تمسك يدي وتجرني نحوها ..لتقول لي انظر انظر من نافذة الطائرة حتى اشعر بملامسة الحرير المتناثر من خصلاتها واشم ندى عبيرها وهي تقول انظر الى تلك الجزيرة وتلك البحيرة وتلك الولاية ,, كانت تحكي لي عن كل مايقع نظرنا عليه ,,حتى اعتلينا السحاب واختفت معالم تلك الدولة ..وتمنينا انها لم تختف.
- حاولت ان اسحب يدي من يدها ببطء متظاهراً ..اني اعبث في ملابسي او اغير من وضعية جلستي او اقرأ احدى المجلات .. تمهلني وتتركني افعل ما اشاء وتتصنع ان كل ذلك الامر لايعنيها ,, ثم بانسيابية وجمال لا ادري الا وكفي بين يديها .
- عندما يقيدنا الصمت لنسمع ذوي المحركات في تلك الطائرة , سرعان ما تخترع طريقة اخرى للعودة للكلام فهي تقرأ المجلة وعندما يقع نظرها على أي شيء ملفت سرعان ما تستدعيني لقراءته وتسألني عن وجهة نظري ..ليطول بنا الكلام .
- كان بحقيبتها مجموعة من الحلوى والبسكويت والشكولاته .كانت تعطيني بين الفينة والاخرى وتسألني عن لذة الطعم ..كنت اجاوبها بالقبول فكل ما اتلذذه منها له طعم ولون مختلف .. احيانا اخرى كانت تفتح على احدى الاغاني لاحد المطربين العرب ..وتطلب مني سماعها واخذ الرأي فيها ؟ وكالعادة كان رأيي الايجابي يزيد تولعها باظهار المزيد .
- الصمت يخيم علينا فجأة ..ثم سرعان ما نبحث عن أي موضوع لنتحدث فيه . ننظر الى السحب المتراكمة لنوصف الجمال الرباني لهذا الكون ,,, احياناً نطلب من المضيفة الايسكريم لاشغال وقتنا بأي شيء ...
وفي اوقات غلب الصمت فيه ارجاء المكان ارادت ان تقربني اليها اكثر حتى انها فتحت حقيبتها واخرجت صور ابويها واخوانها ؟ تريني اياها وتتحدث لي عن عطف ابيها وحنان امها و عن جمال طبع ورقة اخوانها ؟
- يعم الصمت المكان وينتهي الكلام .؟ وسرعان ما يأتي الكلام فجأة
- لنتحدث في أي موضوع ؟
- كانت تقول اراك تكرر كلمة ( تصدقي ) عند اول كلامك لي
- هل تعلم اني (اصدقك ) دون ان تذكراو تكرر هذه الكلمة ؟
- فاضحك ثم تقول يااااه على هذه الضحكة كم تعجبني ؟
- اصبحت اخجل من نفسي ؟ فكلامها يدل انها قد ابرمت أمر ليس بوسعي ان اوافقها عليه ؟
- احياناً تبدأ بكلامها معي وتقول ( تصدق ) وتضحك ثم تقول اريد ان اعود لساني على كلمتك التي ترددها كثيرا ..نضحك سوياً حتى ينتهي بنا الكلام ؟
- قالت لي هل ( تصدق ) ثم صمتت؟؟!! ,,قلت ثم ماذا .. قالت لاشيء!!
- كنت اعلم ماذا ستقول ,,وكنت اريدها الا تقول ؟؟
- سرعان ما اغير منحى الحديث ,, بموضوع اخر فيأخذنا الكلام
- حتى ينتهي بنا
-
- الرحلة طويلة واثار الجهد واضحة علينا ومع شدة الارهاق والتعب الا اننا نخجل من ان يطلب كل شخص ان يأخذ فترة للاسترخاء والنوم ..فالحديث لا نريده ان ينتهي ولايكاد ينتهي .
- بقي حوالي 3 ساعات على الوصوول وستكون اتجاهاتنا بعدها مختلفة – فالموقع ووجهتي المقصودة تبعد حوالي 7ساعات غربا عن محطة الوصوول وهي تبعد ال4 ساعات شرقا عن محطة الوصول وكلانا سنفترق واللقاء سينتهي بعد بضع ساعات ؟
- فجأة سألتني هل فكرت ان تتزوج ؟
التحف الصمت المكان – ثم قلت ماذا ؟
اعادت السؤال وقالت –هل تفكر بالزواج ؟
- قلت لها بعد صمت طويل ؟ لا استطيع الآن
- قالت لماذا ؟
- قلت لم يحن الوقت بعد , والمشوار الدراسي ما زال طويلا ولم ينتهي؟
- قالت ..الا تطمح في انسانة تكون قريبة منك وتساعدك على تكاليف ومشقة هذه الحياة
- قلت – بالتأكيد ولكن ليس الآن ؟
- قالت هل شعرت بالحب في يوم ما ؟
- قلت . في كل لحظاتي اشعر بمحبة الاخرين وابادلهم تلك المحبة
- قالت – ما رأيك فيني ؟
- قلت – لم ارى مثلك ولن ارى
- ضحكت ثم قالت حتى أنا
- قلت لها – اشكر لك مشاعرك النبيله
- قالت – مستهترة ومقلدة لصوتي (اشكر لك مشاعرك النبيلة ) وكأنك تريد ان تضع الرسميات بيننا ؟
- ضحكت وقلت انتي رائعة ولكنني صادق
- قالت لي – هل جربت الحب ؟
- قلت لها – كل شجرة قد هزها الريح ومن منا لم يجرب
- قالت – هل جربت الحب مع فتاة اخرى
- قلت لها – نعم
- قالت – هل هي معك الان ؟
- لم استطع ان اجيبها ؟
- اعادت السؤال ؟ هل هي معك الان
- قلت لها الآن ليست معي ؟
- قالت لي اين تسكن
- قلت لها في قلبي
- قالت – ودموعها تريد ان تفيض من عينيها
- هل تحبها
- قلت لها - كما تحبني
- قالت ؟ وأنا ؟
- قلت لها انتي ؟ قالت نعم أنا ؟
- لم استطع الاجابة ؟
- صمتنا جميعاً ؟
- كنت ارى دمعتها على خذيها ؟ وكنت اتجرع ويلات الألم ؟
- كانت تستحثني على الإجابة ؟
- ولو حتى بكلمة مني كاذبة ! حتى ارضي شعورها ورغبتها .
- لم استطع أن اكذب عليها .. وأمنيها امنيات لا استطيع تحقيقها لها كنت اسمع زفيرها المتصاعد من صدرها ممزوجا بدموع الوداع والحسرة ؟
- كان قلبي يرغمني ان لا اسوف لها اواكذب عليها ؟
- وكان عقلي يقول هذه الانسانة لاتستحق منك ان تكذب عليها ؟
- وصلنا المطار ؟ حملت حقبيتها مع حقيبتي .؟
- وصلنا الى خارج المطار لم استطع ان اغادر حتى ودعتها في المركبة التي ستقلها الى مكانها
- قبل ان تتحرك مركبتها ؟ قلت لها
صدقيني ..- , اني كنت صادقا معك .. فحرام لهذا القلب ان يتألم او يتعذب بسببي .
- قالت لي ..تفضل هذه الورقة ولكن ارجوك ان تحتفظ بها ولا تقرأها الا بعد ان ارحل عنك .
– اشارت بيدها مودعه --- ثم تحركت المركبة وفجأة طلبت من قائدها ان يتوقف
- قالت احقاً سيكون هذا اخر اللقاء بك ؟
لم استطع ان اجيبها الا بهز رأسي لها .
رحلت وأشرت لها بيدي وودعتها رغماً عني !!
- ,وعلى الفور فتحت ورقتها قبل ان اتحرك حيث كان مكتوبا بها
-
- (( لم اشأ أن ابتعد عنك .. على قدر حبي لك ,, لم ارى اصدق وأوفى منك ) ,,,, كم كنت سأحبك
- وداعاً حبيبي !
-
- وما زلت احتفظ بورقتها وما زلت اتذكرها حتى هذا اليوم ....