كان موظفًا في إحدى الإدارات الحكومية.. كان سلتوحًا سنكوحًا داشرًا.. وكانت مجموعة "أبو حمد" للحش والنميمة- والتي تتخذ من مسجد الحي مقرًا لها، ومن سيرة صاحبنا هذا علكةً لذيذةً تلوكها ألسنتهم كل يوم وبعد كل صلاة- تنتظر بفارغ الصبر أن يغادر آخر المصلين تلك البرزة أو البرحة التي أحاطوها برصتين من الطوب على شكل مسجد وفرشوها بالرمل الناعم؛ لممارسة هوايتهم بتناقل أخبار أهل الحي رافعين شعار "الناس هرجة بعضهم" مبتدئين بمن صلى ومن لم يصلِّ. قبل أن يصرخ أبو حمد على طريقة محمد الكنهل: ما دريتا.. يقولون مسكوا صويلح البارح وهو سكران ومعه عرق!!
ويقولون إنهم شمُّوا كم مرة ريحة تتن مع حمود وهو يصلي هذا وهو مسوي نفسه مطوع، اللهم يا كافي!!.
وتمر الأيام ويكملُ الفاسد صويلح دراسته الجامعية عن طريق الانتساب بلعنة الجدف وبتقدير مقبول.. إلا أن الدنيا كانت بخير فحوَّل إلى العسكرية وعُين فورًا ملازمًا في الشرطة فزاد فساده فسادًا وغروره غرورًا، وزادت عنجهيته ولامبالاته وكأنه أحسَّ بالأمان.. ومع كل نجمةٍ تزين كتفيه تظهر للعلن فضيحةٌ من فضائحة وتسوء سمعته بين أهل الحي؛ بل وتسيرُ بها الركبان في كل مكان!!
ولكن العجيب والغريب بل والمحزن أيضًا أن أبا حمد ورفاقه صاروا يغضون الطرفَ عن كل ذلك وتلينُ ألسنتهم وقلوبُهم تجاه الرجل شيئًا فشيئًا، حتى أتى اليوم الذي وقعت فيه مشكلةٌ كبيرة لابن أخ أبي حمد، فهرعوا جميعًا لابن حيِّهم وقد أصبح في مركزٍ مرموقٍ جدًا فتوسط لهم وأنقذ ابنهم فعلا من سجنٍ محقق قد يصل إلى خمس سنوات!.
ومنذ ذلك الحين أصبح "صويلح" رجلاً صالحًا في نظرهم- وهو لمّا يزل على فساده سادرًا في غيِّه وغروره- وشخصًا مهمًّا جدًا بالنسبة لهم ينادونه في عزائمهم، ويصدرونه في مجالسهم.. يأتيهم وعيناه تشي بحالته، فيدافع عنه أبو حمد ويقول: لعله مجهد أو لم ينم!! فيرد عليه آخر، وهو أطيبُهم: طيب والريحة يا أبو حمد.. قال لا تجلس جنبه!! المهم ما قلت لي: حمود لا هالحين يتتن؟!.
قال: إيه للحين.. ثم تنهَّد بألمٍ وحسرة على حال رفيق دربه، وقال: