هو سليمان خان الأول بن بايزيد بن محمد الفاتح، كان عاشر السلاطين العثمانيين (1520/1566م) وكانت تركيا في عهده في قمة المجد العسكري، والاقتصادي، والسياسي، وكان ملوك أوربا يهابونه، ويعقدون معه التحالفات، كما فعل ملك فرنسا،شارل الخامس، وفي عهده سيطرت البحرية العثمانية على البحار ولاسيما البحرين: الأحمر، والأبيض المتوسط، والخليج العربي.
كان سليمان القانوني أديبا وشاعرا وناقدا، ومولعا بفن العمارة التي ازدهرت في عهده وراعيا لكل ذلك. علاوة على إتقانه عدة لغات منها العربية، والفارسية، والصربية الجغائية، وهي من مجموعة اللغات التركية، ومرتبطة بالأوزبكية (أوزبكستان) والإيغورية، التي يتحدث بها سكان تركستان الشرقية، المحتلة من قبل الصين حتى اليوم.
نجح سليمان القانوني، في الحفاظ على الدولة العثمانية، وساهم في توسيع رقعتها فضلا عن فرض هيبتها في الداخل والخارج، وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره. وكانت الخلافة العثمانية من القوة والمنعة حداَ جعل فرنسا تطلب مساعدة سليمان القانوني في حربها مع المجر، رغم قوة فرنسا آنذاك وسيطرتها على جزء كبير من أوربا بما فيها أهم المقاطعات الألمانية اليوم.
وشهدت البحار انتصارات للاساطيل العثمانية، على نظيراتها الايطالية والاسبانية وسيطرة مطلقة قبل أن تنحدر الدولة تحت ضربات الداخل بما في ذلك دائرة القصر والأقاليم، وتمرد الأراضي المفتوحة الشاسعة في آسيا وأوربا الشرقية، وعلاوة على عداء الدولة الصفوية، التي هاجمت الدولة العثمانية عندما كانت الجيوش الاسلامية تحاصر فيينا.
كما لا ننسى محاولات الانفصال في الشام ومصر تغذيها أطراف خارجية بما فيها بريطانيا للثورة على الخلافة العثمانية، وما إن حلت عشرينيات القرن العشرين الميلادي حتى اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم تركة الدولة العثمانية في الاتفاق الشهير بين وزيري الدولتين والمعروف باسميهما "سايكس بيكو".
في عام 1463 م فتحت الدولة العثمانية، البوسنة على يد محمد الفاتح، وفي 1521 م فتحت بلغراد على يد سليمان القانوني، أي بعد موقعة كوسوفا في 1389 م. وفي 1526 م انتصر الجيش المسلم على الجيش المجري، وتسلم سليمان القانوني مفاتيح العاصمة بود، وجارتها بست التي تعرف حاليا باسم بودابست. وفي أوج قوة الدولة العثمانية أرسل سليمان القانوني قوة عسكرية لطرد البرتغاليين من أندونيسيا التي أرسلت نداء استغاثة للسلطان. وفي 1538 م انتصر خير الدين برباروس، على الأسطول الإسباني، وأصبح المغرب الاسلامي ضمن الخلافة العثمانية.
ولم يكن سليمان القانوني مقاتلا شرسا، وعارفا بالقانون فحسب، ولا أديبا شغوفا بالثقافة فقط، بل كان مهتما بالمعمار والبناء والتشييد ومساجد تركيا، وجسور أوربا الشرقية خير شاهد على ذلك. كما عرف فن الخط والنمنمات نموا كبيرا في كنف رعايته، والتي أرخت للاحداث ولاسيما الملاحم العسكرية في عهده. ومن أشهر الشخصيات في عهده، المعماري الكبير سنان آغا، والخطاط حسن أفندي القرة حصاري، الذي تعود أصوله إلى البوسنة والهرسك. والمفسر الكبير أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف باسم "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".
توفي سليمان القانوني، والخلافة العثمانية في أوج قوتها، وأراضيها مترامية الاطراف من أواسط آسيا شمالا إلى شمال افريقيا ووسطها جنوبا ومن أوربا غربا إلى الدول العربية شرقا بما فيها فلسطين. وقد ذكره وليام شكسبير في مسرحية تاجر البندقية، وامتدحه المفكر الفرنسي جان دي تيفينوت، وذكر مناقبه على مستوى التخطيط الداخلي للدولة. ويعتبر عهده، العهد الذهبي للخلافة العثمانية، ولا تزال آثار القانوني حاضرةً إلى اليوم ومنها مسجده المعروف باسمه في تركيا وهناك مساجد ومواقع معروفة باسمه إلى اليوم.
هذا غيض من فيض مما قدمه سليمان القانوني، الذي لم يكن زير نساء، ولا مدمن خمر، ولكن الصغار عملاء الاستعمار يريدون أن يقدموه لنا كذلك،فلا نامت أعين الجبناء.