حكم زكاة الفطر:
زَكاة الفِطر فريضة على الكبير والصغير، والذكر والأنثى من المسلمين.
والدليل على ذلك: حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر - أو قال: رمضان - على الذَّكرِ والأنثى، والحرِّ والمملوك، (والصغير والكبير من المسلمين)، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، فعدل الناس به نصف صاع من بُرٍّ"؛ متفق عليه[1]، وفي لفظ لهما: "أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"[2].
ويجب على الشخص إخراجها عن نفسه، وكذلك عمَّن تلزمه مؤونته من زوجة أو ولد، ولا تجب إلا على من يَملِك في يوم العيد وليلته طعامًا زائدًا على ما يَكفيه ويكفي عياله، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا أن يتطوَّع بها فلا بأس، فقد كان أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - يُعطي صدقة الفطر عن الحبل[3]، وهو الجنين.
المقدار الواجب في زكاة الفطر:
والمِقدار الواجب في زكاة الفطر: صاع بِصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- من طعام الآدميين من تمر، أو بُرٍّ، أو أرز، أو غيرها من طعام الآدميين، ويختلف تقدير الصاع بالكيلو جرام بحسب الطعام المُخرج، ومن أخرَج عن الواحد كيلوين ونِصف إلى ثلاثة كيلو جرامات تقريبًا من الأرز أو غيره، فقد أخرَج المِقدار الواجب بيقين.
وقت إخراج زكاة الفِطر:
الواجب إخراج زكاة الفِطر قبل صلاة العيد، ولا يَجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة على الصحيح من قولي العلماء؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمر بزكاة الفِطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة"؛ متفق عليه[4].
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ لما روى البخاري عن نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان ابن عمر يُعطي عن الصغير والكبير، حتى وإن كان يعطي عن بَنِيَّ، وكان يُعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين[5].
قال شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى -:
لا مانع من إخراجِها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد، وصباح العيد قبل الصلاة؛ لأن الشهر يكون ثلاثين، ويكون تسعة وعشرين، كما صحَّت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم؛ اهـ[6].
الحكمة من مشروعيَّة زكاة الفطر:
تتلخَّص الحِكمة من مشروعية زكاة الفِطر في أمرَين:
الأول: يتعلَّق بالصائمين؛ وذلك أن الصيام الكامل هو الذي يصوم فيه اللسان والجوارح كما يصوم البطن والفرج، فلا يَسمح الصائم للسانه، ولا لأذنِه، ولا لعينه، ولا ليَدِه، ولا لرِجْله أن تتلوَّث بما نَهى الله ورسوله عنه من قول أو فعل، وقل أن يَسلم أحد من ذلك، فجاءت زكاة الفطر في ختام الشهر لتَجبُر ذلك كله، وتَغسل ما قد يكون علق بالصائم مما يُكدِّر صومه ويُنقِص أجره.
كما أن فيها إظهار شُكرِ نِعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه.
الثاني: يتعلق بالمجتمع؛ ففي زكاة الفطر إشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحاء المجتمع، وبخاصة المساكين وأهل الحاجة؛ وذلك لأن العيد يوم فرح وسرور، فيَنبغي تعميم هذا الفرح والسرور ليشمل جميع فئات المُجتمع، ومنها الفقراء والمساكين، ولن يدخل السرورُ إلى قلوبهم إلا إذا أعطاهم إخوانُهم وأشعروهم أن المجتمع يد واحدة يتألمَّ بعضه بألم بعضه الآخر، ويَفرح لفرحه[7].