يعد ميناء الدقم من الموانئ المهمة على الخارطة العالمية بسبب موقعه الاستراتيجي حيث يطل على بحر العرب والمحيط الهندي، وله ميزة جيوسياسية تجعل منه أهم وأكبر ميناء بمنطقة الشرق الأوسط في المستقبل القريب، حيث يبتعد عن منطقة الأزمات والصراعات المتعلقة بمضيق هرمز، ويرتبط مع خطوط الملاحة العالمية بما يوفر بيئة جاذبة للاستثمار ليس في الميناء فقط أو الحوض الجاف، وإنما في المنطقة بأثرها.
وتعمل حكومة سلطنة عُمان على تطوير ميناء الدقم متعدّد الأغراض وفق أحدث وأرقى المواصفات العالمية، وهو يعتبر مكمّلاً للموانئ القائمة في السلطنة، كما أنّه سيقوم بدور محوري في تنمية وتطوير المنطقة الوسطى، وقد تمّ الانتهاء من المرحلة الأولى من إنشاء الميناء والتي تشمل الرصيف التجاري، حيث باشر في تحميل وتفريغ البضائع العامة وسيبدأ المرحلة اللاحقة في مناولة الحاويات، ويبلغ عمق الحوض الداخلي للميناء 18 مترا ويشتمل على رصيف تجاري بطول 2.25 كم وبعرض 350 متر مع طاقة استيعابية لـ8 سفن في آن واحد.
إضافة إلى ذلك فإنّ الميناء سيحتوي على رصيف حكومي بطول كيلومتر واحد مخصّص للبحرية السلطانية العمانية وشرطة خفر السواحل والعبارات العمانية السريعة، ورصيف لمناولة البضائع السائبة السائلة والمشتقات النفطية. ولدى الانتهاء من المرحلة الثانية من المشروع سترتفع مساحة الحوض إلى 5.6 كيلومتر مربّع وستُضاف 13500 متر من الأرصفة التجارية ممّا سيُتيح اصطفاف أكثر من 36 سفينة.
ويكتسب ميناء الدقم أهميته بالنسبة للموانئ في السلطنة، لأنه سيخدم منظومة النقل البحري بين موانئ السلطنة ويدعم حركة البضائع والأنشطة الصناعية والسياحية لوقوعه بين ميناء السلطان قابوس بمحافظة مسقط وميناء صلالة بمحافظة ظفار وميناء صحار بمنطقة الباطنة. كما تزداد أهمية ميناء الدقم بوجود الحوض الجاف لإصلاح السفن ضمن مرافق الميناء حيث سيكون قادراً على استيعاب السفن الكبيرة والسفن العملاقة المستقبلية لتوفير خدمات الصيانة والإصلاح لها.
وقد أحدث الميناء نقلة نوعية وسريعة في مشهد الصناعة البحرية. فبحوضه العميق الواسع، وجدران رصيفه الطويلة ؛ لديه المقومات التي تجعل منه باباً تجارياً متعدد الأغراض بمستوى عالمي. وبكونه مرتكزاً أساسياً للمنطقة الاقتصادية الضخمة التي من المخطط إقامتها في الدقم، فإن لديه الامكان ليتطور ويصبح من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط على المدى الطويل.
وتسعى السلطنة من وراء خطة تطوير ميناء الدقم لأن يصبح مركزاً متكاملاً للخدمات اللوجستية متعدد الوسائط، يجذب المستثمرين المحليين والدوليين، خاصة وأن سمعة السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي سياسياً واقتصادياً طيبة للغاية، وعلاقاتها ممتدة عبر مئات السنين بجيرانها من دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط ، وتتمتع بمصداقية اقتصادية والتزام كامل بالاتفاقيات الاستثمارية التي يتم إبرامها سواء مع الجهات الحكومية أو الخاصة.
ومما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لميناء الدقم هو خطة تطويره ليصبح مركزاً متكاملاً للخدمات اللوجستية متعدد الوسائط تشمل وسائل النقل البحري والبري والجوي والسكك الحديدية، وهناك مطار قيد الإنشاء، في حين أن شبكة السكك الحديدية المقترحة لنقل الركاب والبضائع، ستربط هذا الميناء الصناعي بنظام السكك الحديدية الوطنية.
وكانت الحكومة العُمانية قد قررت أن تقيم منطقة متكاملة في الدقم، تشمل ميناء ومطاراً وصناعات لوجستية وخدمات، وبالفعل تلقت خلال عام 2014 نحو 190 طلباً استثمارياً ووقعت 20 اتفاقية حق انتفاع وإيجار لأراض بالمنطقة، معظمها لمستثمرين محليين. واستطاع ميناء الحوض الجاف صيانة وإصلاح 300 سفينة من مختلف الأحجام خلال العام الفائت. وضخت الحكومة العمانية استثمارات في الدقم تقدر بـ1.7 مليار ريال عماني، بينما تخطت استثمارات القطاع الخاص بهذه المنطقة 300 مليون ريال في عام 2014.