حوالي 6 سنوات قضاها سيف الإسلام خلف قضبان السجن، بعد أن عاش طوال حياته الابن المدلل لقائد ليبيا الزعيم الراحل معمر القذافي وصاحب النفوذ والسلطة، ليعود اليوم إلى الواجهة من جديد بعد أن استعاد حريته بموجب قانون العفو التشريعي.
وكان الوكيل العام لوزارة العدل في الحكومة الليبية المؤقتة، عيسى الصغير، أعلن الثلاثاء، نبأ “الإفراج عن سيف الإسلام بقوة القانون، وذلك بناء على قانون العفو عدد 6 الصادر عام 2015 من طرف مجلس النواب”. الثورة التي عصفت بوالده
وسيف الإسلام هو الرجل الأكثر إثارة للجدل في ليبيا منذ الثورة الليبية، التي دعم فيها حكم والده ووقف بجانبه لإخماد نيران الثورة.
الثورة التي عصفت بوالده وأنهت نظام حكمه وقتلت أخويه، ودفعت أسرته إلى الهروب خارج البلاد، لم تنهِ ولاء كثير من الليبيين وعشرات القبائل لهذا النظام، ورغم اعتقال سيف الإسلام القذافي في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 قرب مدينة أوباري جنوب البلاد، عندما كان يحاول الهرب خارج البلاد، فإنه بقي أملهم الوحيد لاستعادة هذا النظام.
بداية القصة
القصة بدأت من باب العزيزية بالعاصمة، طرا، وتحديداً سنة 1972، عندما ولد الابن الثاني لمعمر القذافي “سيف الإسلام” من زوجته الثانية صفية فركاش، ليجد نفسه ابناً لحاكم ليبيا، وبعد سنوات الطفولة ذهب ليدرس الهندسة في لندن، فعاد إلى بلده محملاً بالأفكار الليبرالية، ما مكنه من الترويج لصورة الرجل المعتدل والمنفتح.
عاش الأقرب إلى والده وأثّر في عدة قرارات، كان ينظر إليه من الداخل والخارج كوريث لأبيه وقادر على الإصلاح والتغيير في ليبيا، خاصة بعد أن عرف بدفاعه عن حقوق الإنسان وأصبح مساهماً في الأعمال الخيرية. مؤهلاته
حصل سيف الإسلام على دبلوم في الهندسة المعمارية وعلى شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة الاقتصاد بلندن، وهو يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، وكان يكتب بصورة مستمرة لصحيفة “نيويورك تايمز”، كانت له العديد من النشاطات البارزة أهمها في مجال حقوق الإنسان، وقد كلفه والده في عدة مناسبات بإجراء مباحثات مع عدد من المسؤولين الدوليين حول عدة قضايا، كما قام بالتوسط لديه من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين في ليبيا.
ترأس سيف الإسلام مؤسسة القذافي الخيرية للتنمية التي تم إنشاؤها سنة 1998، وتم منحه رتبة رائد في الجيش الليبي، مع أنه لم ينتسب إلى مؤسسة عسكرية، وخلال الثورة قاد إحدى الكتائب العسكرية لمواجهة المنتفضين، وقاتل الثوار، لكن الغلبة في النهاية كانت لقوات حلف شمال الأطلسي الناتو، التي دمرت أغلب الكتائب التي كان يقودها أبناء القذافي ليحسم الثوار المعركة. القبض عليه من قوات الزنتان
وبينما كان يتنقل بين الصحراء في اتجاه دولة النيجر، تمكنت قوات الزنتان من القبض عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، بعد اعتقاله حكمت عليه محكمة الاستئناف بطرا بالإعدام رمياً بالرصاص، بتهمة قتل المتظاهرين وسوء استخدام السلطة، لكن الزنتان رفضت تسليمه إلى سلطات طرا، وبعدها استفاد من قانون العفو العام الذي أصدره مجلس النواب سنة 2015، لكنه ظل مسجوناً في الزنتان بسبب ملاحقته من قبل محكمة الجنايات الدولية. ارتكاب جرائم حرب
خلال فترة سجنه بمدينة الزنتان، سعت محكمة الجنايات الدولية في عدة مناسبات، لنقله لمحاكمته بمقرها بتهمة ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال ثورة 17 شباط/فبراير، لكن ليبيا رفضت تسليمه، وفي الأثناء عقدت محكمة طرا أكثر من جلسة لمحاكمته بالفساد وجرائم الحرب ضد الثوار، لكنه تغيب عن كل الجلسات لأسباب أمنية. استعاد حريته
ورغم كل هذه التهم الموجهة إليه، نجح سيف الإسلام في النهاية في استعادة حريته، وسط جدل اليوم في ليبيا بأهمية تواجده في المشهد السياسي الحالي من عدمه، فالكثير من القبائل التي قاتلت إلى جانب والده معمر القذافي يرون فيه القائد المنقذ لليبيا، وقد تمت تهيئة ظروف عودته إلى العمل السياسي من خلال تأسيس أحد الأحزاب ليتولى قيادته.