لا يخفى ان مادة البنزين تلعب دوراً رئيسيا في الحياة اليومية للانسان المعاصر، لأنها مصدر النقل بواسطة السيارات والمركبات والطائرات. هذه المادة الصناعية الوقودية الحيوية، ثبت ان لها مضار على صحة الانسان. فقد توصل باحثون أميركيون وصينيون إلى أن استنشاق البنزين العطري، حتى في نطاق المستويات المسموح بها طبيا، يؤدي إلى تدمير خلايا الدم. ووجد الباحثون الذين نشرت دراستهم هذا الأسبوع من مجلة "سيانس" الأميركية -أن استنشاق البنزين، حتى في الحدود المسموح بها طبيا، وفقا للمقاييس الأميركية، (بحيث لا يزيد البنزين على جزء من مليون جزء من الهواء المستنشق) أدى إلى نقص واضح لعدد خلايا الدم البيضاء لدى عمال أجريت عليهم الدراسة. يذكر أن البنزين العطري يتواجد في عوادم السيارات وفي دخان التبغ، إضافة إلى استعماله في الكثير من العمليات الصناعية.
وأجرى فريق البحث -الذي شارك فيه المركز الوطني الأميركي للسرطان وجامعة كاليفورنيا والمركز الصيني للوقاية من السرطان وعلاجه- دراسة أثر التعرض لمركب البنزين العطري على 250 عاملا صينيا في أحد مصانع الأحذية قرب مدينة "تيانجير" الصينية، على مدى 16 شهرا، بمقارنة أخرى مع عمال مصنع مجاور للملابس، لم يتعرض عماله للبنزين.
وأظهرت النتائج أن نقصا واضحا في خلايا الدم البيضاء ظهر لدى حوالي 24% من الذين استنشقوا مقادير عالية من البنزين -حوالي 10 أجزاء في المليون من الهواء المستنشق- وكان عددهم 141 فردا. وأشار الباحثون كذلك إلى اكتشافهم لتغيرين وراثيين في أحد الإنزيمات المسؤولة عن أيض (أو تكسير) البنزين، وتؤدي إحدى نسخ ذلك الإنزيم إلى تعظيم ضرر البنزين على خلايا الدم.
وأهمية هذه الدراسة تبين أولا، أنها تشير إلى احتمال وجود آثار سالبة أخرى للبنزين العطري على الصحة لم يتم اكتشافها بعد. وثانيا، أنه برصد وجود تناقص في عدد الخلايا "الأولية" التي تتحول في فترات لاحقة إلى خلايا دم. وهذا يشير إلى احتمال تأثر نخاع العظام باستنشاق البنزين العطري. ومن ثم فإن ذلك ربما يفسر وجود علاقة بين البنزين وسرطان الدم الشائع، ولكن لم يكن مفهوما على وجه الدقة الكيفية التي يؤدي بها البنزين إلى الإصابة بالمرض.