ديموقليس كان خطيباً متزلفاً في بلاط ديونيسوس الثاني من
سيراقوسة، طاغية سيراقوسة بإيطاليا في القرن الرابع قبل الميلاد.
ومن تزلفه للملك، تعجب ديموقليس من أن رجلاً عظيم القوة والسلطة
تحيط به العظمة، ففوق ذلك فهو محظوظ جداً. فعرض ديونيسيوس
على ديموقليس أن يتبادلا مكانيهما، حتى يتذوق ديموقليس بنفسه
حظ الملك. فسارع ديموقليس على الفور بقبول عرض الملك. وجلس
ديموقليس على عرش الملك محاطاً بكل الجاه والأبهة، إلا أن
ديونيسيوس رتـَّب أن يـُعلـَّق سيف فوق العرش، مربوط من طرفه
بشعرة واحدة من ذيل حصان. فما أن استوعب ديموقليس ذلك، حتى
ترجى الملك أن يسمح له بترك العرش، لأنه لم يعد يتمنى أن يكون
محظوظاً بتلك الدرجة.
وهكذا نجح ديونيسيوس في نقل شعور الخوف الدائم الذي يعيش
فيه الرجل العظيم. وقد استخدم شيشرون هذه القصة ليختم بها
سلسلة من الأمثلة المتباينة للوصول إلى الاستنتاج الذي كان يسعى
إليه في خطبته الخامسة بعنوان "الاختلاف"، والذي كان موضوعها
هو أن الفضيلة تكفي للعيش سعيداً. والتي يسأل فيها:
ألا يبدو أن ديونيسيوس قد أوضح بشكل جلي أنه لا
سعادة لشخص يعيش باستمرار تحت خوف داهم؟! وصار سيف ديموقليس يمثل الخطر الداهم الذي يظل معلقاً فوق رأس الشخص الثري طوال الوقت، فلا يهنأ بثروته.