التقاعد والتأمينات وخدمة 40 سنة لمن..؟!
راشد محمد الفوزان
في نظام العمل بالدولة لا يمكن أن يحصل الموظف على راتب تقاعدي "كامل" إلا بعد أن يتم خدمة لمدة 40 سنة، وهذا هو النظام المطبق الآن من معاشات التقاعد التي تمنح رواتب التقاعدية سواء للرجال أو النساء، وحتى التأمينات بما يتعلق بعمل جهات حكومية أخرى كالهيئات أو شركات تملك الدولة الحصة شبة كاملة كالاتصالات والكهرباء وغيرها، فحين نفصل كيف يمكن أن يحصل موظف على راتبه كاملا بعد التقاعد؟ سنجد أنها شبه مستحيل، فلا يوجد موظف دولة أو من يتبع التأمينات الاجتماعية يمكن أن يحصل على راتب كامل والذي يستحقة نظاما بعد أن يتم خدمة 40 سنة، إلا حالات نادرة جدا لا يقاس عليها لمن توظف وعمل قبل سن العشرين سنة، وهذا أصبح الآن متعذر جدا، فنعرف أن توظيف أي موظف جامعي الآن لن يقل عمره عن 24 أو 25 سنة إن كان سعيد الحظ وحصل على وظيفة مباشرة، فحين يتوظف وعمره 25 سنة أو 24 سنة أو حتى 23 سنة لن يكمل مدة 40 سنة خدمة، لأنه سيصل لسن 60 سنة وقد أكمل خدمة 35 سنة إن بدأ بسن 25، أو 36 سنة أن بدأ بسن 24 سنة ، أو 37 سنة إن بدأ بالعمل بسن 23 سنة وهو أقل سن ممكن يحصل عليه الموظف للعمل بالقطاع الحكومي، ولنأخذ المتوسط وهو 24 سنة أي لن تتجاوز خدمته 36 سنة وبذلك لن يكمل 40 سنة لأنه سيكون وصل 60 سنة، والراتب الكامل الشرط الأساسي له أن يكمل 40 سنة حتى وإن عمل 39 سنة و 11 شهراً لن يشفع له الحصول على راتب كامل.
من هذا الإحصاء البسيط المبسط نطرح سؤالاً لماذا إذاً وضع 40 سنة للحصول على راتب كامل؟ لماذا لا يعدل النظام إلى 35 سنة خدمة للحصول على راتب كامل، منها نشجع على التقاعد لموظفي الدولة وخلق فرص عمل جديدة، تجديد الدماء، منح الموظف الذي أفنى عمره بالعمل فرصة تعويضية وهي حقوقة على أي حال تخصم شهريا من راتبه، لماذا لا نزيد دخل الموظف المتقاعد من خلال تقصير سنوات العمل التي هي غير عملية وواقعية وفيها "غبن" للموظف كما يتضح، وهي أموال مستحقة للموظف لا يمكن النقاش أن تمنح أو لا تمنح فهي حقوق للموظف لا شك بها.
الأمر الآخر، أن راتب المتقاعد حين يتوفى وأولاده يتجاوز سن 21 سنة أو يتزوج الابن أو الابنة يحجب عنهم الراتب، ولكن لماذا يتوقف الراتب نهائيا بعد كبر الأولاد، أليس هو حق له، والرد الذي يردد أنه ليس "إرثاً" سنتفق أنه ليس "إرثاً" لكنه حق وحقوق له، أليس الميت له حق به، وحين يموت الإنسان رجلاً أو مرأة، يبحث عما يزيد عمل الخير له لعله يكون شفيعا له يوم لا ينفع إلا عمل الإنسان، والحديث الشريف عن النبي صلي الله عليه سلم يقول (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، فهل نتصور كم متقاعد سيدعم عمل الخير وتكافل اجتماعي بعد مماته أو يوصي به من خلال راتبه، ولنا أن نتصور كم سيكون عددهم والأثر الاجتماعي الكبير الذي سيدعم عمل الخير لنفسه وللآخرين. نحتاج إعادة نظر في منح "الحقوق" لموظفي الدولة أو من يتبع هاتين الجهتين اللتين "تحصلان" على أموال الموظفين وتتوقفان بعد مماتهم أو كبر أولادهم، وبنظام لا يمنح الراتب الكامل رغم سن هذا القانون؟!