لا يمكن المرور من مدينة #القيروان التونسية دون التوقف على حافة الطريق لشراء #الخبز التقليدي، هناك حيث توجد عشرات #النساء الكادحات يعملن ليلا نهارا من أجل توفير ذلك للمسافرين وتأمين عيش مستور لعائلاتهم. هذه تعيل أسرتها، وأخرى تتكفل بمصاريف دراسة #أولادها بعد وفاة زوجها، وثالثة تجمع المال من أجل تجهيز ابنتها قبل #الزواج والأخرى من أجل توفير الأدوية لزوجها المريض، الحاجة هي ما جمعتهن على هذا #العمل الشاق وجعلتهن يأخذن من الطريق مكانا لكسب لقمة عيشهن بكرامة، ومن بيع الخبز التقليدي والوجبات السريعة وسيلة لتحصيل بعض #الأموال. ينتمين إلى فئات عمرية مختلفة تتراوح بين العقد الثالث إلى العقد الخامس، يبدأ عملهن منذ ساعات الفجر الأولى ويتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل في فضاءات عمل ليست كل الفضاءات، هي عبارة عن مجموعة من الأكواخ منتشرة على الطريق بمدينة القيروان من الجانبين وهي طريق رئيسية للمسافرين من شمال تونس إلى جنوبها أو العكس.
لا أعياد ولا عطل رسمية
آلاف السيارات التي تمر يوميا تستقبلهم النسوة وتوفر لهم كل ما يحتاجونه و في كل الأوقات، وهن لا يعترفن لا بالعطل الرسمية ولا بالأعياد ولا بتغيرات المناخ، ففي الشتاء يتحملن قساوة البرد وتساقط الأمطار وفي الصيف يعانين من ارتفاع درجات الحرارة، المهم بالنسبة لهن تأمين مداخيل مالية جيدة عند نهاية اليوم. الطلبات على الأكلات التي يوفرنها موجودة دائما على امتداد السنة، ففي الشتاء تصبح الوجبات الساخنة التي يعددنها الطبق المفضل لمستعملي الطريق وفي الصيف يكون الإقبال جيدا بوجود السياح خاصة الجزائريين منهم الذين يحبون الأكلات التونسية التقليدية على غرار خبز "الطابونة" أو "الملاوي".
تعب وألم وبعض "البقشيش"
هذه عائشة تعمل في هذه المهنة منذ حوالي 5 سنوات حتى أصبحت مورد الرزق الأساسي لعائلتها، تجني يوميا ما بين 20 دينارا إلى 30 دينارا (10 إلى 15 دولار) وأحيانا يتضاعف هذا المبلغ إذا تحصلت على بعض "البقشيش"، ورغم ما تعانيه يوميا من تعب وألم إلا أنها سعيدة كثيرا بعملها وتحترم مهنتها، المهم بالنسبة لها أن لا تبقى في حاجة أحد وتكسب قوت عائلتها بعرق جبينها.
وتقول عائشة "لقد حققت لي هذه المهنة الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي، أنا أعمل هنا من أجل أن يواصل أبنائي دراستهم ويحصلون على وظائف، بعدها سيعوضونني عن كل سنوات التعب، ابتسامة أبنائي وسعادتهم ونجاحهم هي ما تخفف عليّ شقاء العمل والشعور بالألم". لا تريد عائشة وغيرها من النسوة ممن تحدثت إليهم "العربية.نت" اليوم سوى مساعدة من الدولة في بناء أكشاك جيدة من أجل مواصلة أعمالهن في ظروف مريحة وكذلك توفير بعض المعدات العصرية الخاصة بالطبخ و بإعداد الأكلات والوجبات.