الشخصية العامة لا تمثل نفسها فقط..والذين تصدروا للفتوى والدرس والظهور في الإعلام ولهم متابعون ومعجبون..وتؤثر آراؤهم في المجتمع وتنعكس عليه..ويستشهد الناس بما يقولون من آراء وأفكار..هم شخصيات عامة..تعرض أفكارها فيتناقلها الناس بالقبول أو الرفض.
مشكلة منتقديهم وأنا منهم ليست في سفرهم ولا اختلاطهم لو أنهم يتهاونون في هذه المسألة ويبينون أن الأمر فيه سعة وأن هناك آراء أخرى..ولكن المشكلة أنهم متشددون جداً في هذه المسائل..ويكاد يبكي أحدهم وهو يتباكى على ظهور الفسق المتمثل في الاختلاط في كليات الطب عندنا مثلاً وهي محاضن علم وتربية..ويحوقل ويندد ويصيح على فعالية داخل المملكة تحضرها نساء محتشمات مع الرجال في مكان واحد..ويرفض ويرفس(ويرتح)بيديه ورجله فعاليات هيئة الترفيه التي مهما بلغت فلم تصل للحفلات الصاخبة التي تدار فيها الكؤوس كما رأينا.
ثم إن الحضور لاستلام جائزة ليست ضرورة لنقول إن الضرورات تبيح المحظورات..بل هي جائزة تقدم لمن يخدم الثقافة الإسبانية وليس من يخدم الإسلام كما يدّعي المبررون..ثم إن القناة التي دار حولها النقاش استثمارية بحتة..تحقق أرباحاً وتدفع ضرائب لبلاد الكفار(الإكوادور)وهي جائزة من جوائز(هلكوني)بإمكان أي مشترك الحصول عليها..وقد شبهها أحد المبررين بجائزة نوبل فيا للعجب..والحضور حتى لاستلامها ليس مجانياً بل مدفوع التكاليف..وربما غاب عن الحاضرين أن من رعاة الجائزة شركتان إحداهما لصناعة الخمر والأخرى لمنتجات لحوم الخنزير..ثم إن القناة نفسها تظهر فيها النساء مختلطات بالرجال وفيها طاقم مذيعات وفنيات ومخرجات نسائي..سافرات الوجوه حاسرات الرؤوس..وبها موسيقى ومسلسلات وممثلات وغير ذلك.
لكن هؤلاء المتشددين جداً في مسألة الاختلاط خالفوا قناعاتهم وفتاواهم وضربوا بمبادئهم عرض الحائط هم بأنفسهم..وسبقهم في ذلك الكثير ممن حرموا السفر لبلاد الكفار ثم كانوا أول الراحلين إليها..ومن حرموا تعليم البنات والابتعاث والتصوير ثم كانوا أول من يقترف محرماتهم..هذا التناقض أسميته أنا بفن صناعة النفاق في مقالة لي بنفس العنوان.
ومن يشدد على الناس ثم يقع فيما يحذر منه وجب على الناس كشفه..فإن زكى نفسه وتهاون مع فعله فإنه يسخر من عقول أتباعه ليس إلا حين يقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال حسب أهوائه وأحواله هو وليس حسب أحوالهم..ومن يدافع عن هذا الفعل فإن عمله كعمل اليهود الذين كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه..وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.