( التكارنة) هو اسم او لفظ يطلق على فئة من الناس يعيشون بيننا في المجتمع وقد تم تحريف الكلمة من أصلها الحقيقي المنتسب الى دولة تكرور الى ما يشعر البعض منهم بالحرج لمجرد مناداته بهذا الاسم او اللفظ مع انه اسم نزيه ومحترم ولكن الكثير لا يعرف عن ابناء دولة تكرور الا هذا اللفظ
ولذا اردت ان أسلط الضوء على بعض ممن نعايشهم ونعيش معهم ويعيشون بيننا حتى يتسنى لنا فهم لآخرين ممن نجهلهم ونجهل اصولهم وتاريخهم فنزداد ثقافة وعلما اتجاه الطرف الآخر ونصحح مفاهيمنا عنهم
أولا :مؤسسها ، تاريخها ، سبب وصولهم إلى بلاد الحرمين :
التكرورTukulor هو اسم لشعب كبير من القبائل الحامية أسس مملكة افريقية قديمة جدا امتدت من غرب السودان إلى سواحل بحر الظلمات في أراض شاسعة تزيد عن مساحة الجزيرة والعراق والشام معا. ضمت تلك المملكة أرضي المناطق المعروفة اليوم سياسيا بالسنغال ومالي ونيجيريا و النيجر وتشاد وصولا إلى حدود دار فور في السودان ويذهب بعض المؤرخين، خاصة العرب، إلى إن اسم تكرور هو اسم لمدينة على نهر السنغال الحالي وكانت عاصمة مملكة التكرور.
وقد وصف المؤرخ القلقشندي مدينة تكرور بالمدينة الكبيرة ويقول عنها إنها اكبر من مدينة سلا التابعة لبلاد المغرب. كما ذكر إن مملكة التكرور تشتمل على أربعة عشر إقليما وان أكثر ما يجلبه إليها تجار المغرب الأقصى (شمال إفريقيا) هو الصوف والنحاس والخرز وأكثر ما يشترونه منها هو التبر أي (الذهب الخالص) . ويدل هذا الوصف على الغنى الواسع الذي تمتعت به تلك المملكة. وحتى اليوم، لا تزال الكثير من دول تلك المناطق تُصنف بين اكبر منتجي الذهب في العالم. ولاشك إن هذا الذهب الوفير كان من الأسباب الرئيسية لقدوم المستعمر الأوربي الذي نهب خيرات المسلمين هناك باسم الحرية و"التبشير" النصراني.
وعبر العصور بات كل من ينتمي لغرب إفريقيا ينسب لمملكة التكرور ويسمى بالتكروري ربما نسبة للتكرار وهي كلمة عربية انطبق معناها على التكروريين، ربما لكثرة تكرارهم لأداء فريضة الحج والله اعلم.
ومع ذلك، تتفق المصادر التاريخية العربية والغربية على تسمية جزء من شعوب غرب إفريقيا بالتكرور وان كانت المصادر العربية خاصة الحديثة منها تنسب كل سكان غرب إفريقيا للتكرور.
أقدم ما ذكرته المصادر التاريخية عن مملكة التكرور في غرب إفريقيا هو تاريخ دخول الإسلام لأراضيها حوالي عام 1030م أي بداية القرن الخامس الهجري. لكن بعض الباحثين يرون إن تلك المملكة نشأة قبل هذا التاريخ بعدة قرون حيث كانت في أوج قوتها حين دخلها الإسلام في عهد الملك
القوي وارديابي الذي توفي عام 1040م. وعلى الأرجح، ربما دخل الإسلام لمملكة التكرور قبل سنة 1030م بعدة سنوات بإسلام أفراد وجماعات صغيرة على يد التجار المسلين القادمين من شمال إفريقيا والمغرب من البربر .
رغم قوة المملكة آنذاك، فقد دخل الإسلام لمملكة التكرور طواعية دون قتال وباختيار أهلها. كانت سنة 1030م سنة متميزة وتاريخية ليس في حياة شعب تلك المملكة العريضة وقتئذ، لكنها كانت سنة مصيرية حددت هوية ومستقبل شعب وأمة التكرور وكل من ينتمي له لحوالي ألف عام، بل ليومنا هذا والى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ففي حوالي سنة 1030م اسلم ملك مملكة التكرور القوي وارديابي وأسلمت معه الطبقة الارستقراطية ورجال الدولة والعلماء ثم عم الإسلام كافة أرجاء المملكة بفضل ذلك الملك الرائد رحمه الله.
بإسلام ملكها وارديابي، زادت قوة مملكة التكرور في النصف الأول من القرن الخامس الهجري وبسطت نفوذها على مناطق كثيرة في إفريقيا السمراء وبلغت أوج قوتها واتساعها في القرنين الثامن والتاسع (هـ) وهو ما تزامن مع أوج قوة الدولة العثمانية حاضرة الخلافة الإسلامية في تلك العصور. ولا يستبعد قيام علاقة مباشرة بين مملكة التكرور والدولة العثمانية في تلك الفترة وربما خُص السلاطين العثمانيين بالدعاء لهم على المنابر كما كان الحال في الحجاز وغيره من الإمارات والممالك الإسلامية التي أقرت بالولاء ولو صوريا لخليفة المسلمين في استانبول.
ورغم الضعف الكبير الذي تطرق إلى أركان مملكة التكرور في الفترة الممتدة مابين القرنيين العاشر و الثالث عشر (هـ) ، فإنها لم تتلاشى تماما وإنما بقيت على قيد الحياة ولم تخضع خضوعا مباشرا لأية قوة عسكرية استعمارية. ورغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها تلك المملكة في أواخر عهدها، فإن المؤرخين أكدوا أن حكمها استمر لأكثر من تسعمائة سنة دون انقطاع بما فيها فترات الاتساع والانكماش. تميز شعب التكرور بحبه الشديد للإسلام وتطبيقه في كل شؤون حياتهم.
مملكة التكرور من الضعف للقوة للتفكك
في بدايات وأواسط القرن الثالث عشر الهجري (1210ـ 1260هـ) كانت مملكة التكرور في ضعف شديد ولم يُسمي المؤرخون لها حاكما قويا يَلمُ شملها، وعلى الأرجح أن مملكة التكرور كانت مقسمة للمالك وإمارات صغيرة ليس لها تأثير يذكر عسكريا أو سياسيا في تلك الفترة. لكن مع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت حركات إصلاحية كثيرة في غرب إفريقيا وبلاد التكرور ،كما في بقية أجزاء العالم الإسلامي حيث كانت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد مابين عامي 1730و 1793م تقريبا.
اشتهر من هذه الحركات الإصلاحية حركة الشيخ عثمان دن فوديو وحركة الحاج عمر تال المتزامنتان تقريبا. ورغم أن بعض المحللين يصفون هذين الرجلين بالصوفية فأعمالها وجهادهما تدعوا للتساؤل عن صحة هذه المقولة. فكما هو معلوم، فالصوفية يكتفون بالتأمل والعزلة ولا يجاهدون عدوا ولا يقارعون كافرا وكل همهم العيش الخشن والتمتمة. والحقيقة هناك بعض النصوص التي تؤكد أن منهج الصوفية كان من التجارب التي مر بها الشيخ عثمان دن فوديو في بداية شبابه لكنه ترك العزلة وتفرغ للجهاد بقية حياته.