بسم الله الرحمن الرحيم
ارسل لك هذه الرساله وليتني اعلم هل ساصل الى مداها او سوف يكبو على الدهر باقداره قبل ان اصل الى غايتي ومرادي فيها
طال غيابك ، ايعقل ان الدنيا اشغلتك لهذه الدرجة ، ام كان لوجودي سبب في غيابك ؟
لا اعتقد ان الدنيا ترحل بالبشر بين اراضي مشاغلها ولا تعود ، ولكن ربما حماقة البشر وسذاجة القلوب ، تكدر صفو عيش الاخرين ، وتنغص حياتهم ، فتجعل الانسان يقرر بالرحيل والاصرار بعدم الرجوع .
ان كان الاول فلا يسعني الا ان اقول لك انني انتظر رجعتك بفارغ الصبر ، فتنفضي غبار افكاري المنحرفه والتي لم القى لها قرار منذ رحيلك ولم اجد لها مبرر الى يومك هذا .
وان كان هو الثاني فـ (وا رحمتاه) فكيف ادافع عن نفسي وجنوني الذي جعلني لا ابالي بما انا فاعله ، وماهي عاقبتي لديك ، لا الذنب ذنبك ، ولا الذنب ذنبي ، بل ذنب من افقدتني عقلي ووعيي وصوابي ، وتركتني اكابد الجنون مع نفسي ، بعدما جعلتني اغوص في بحارها واصل الى اعماقها وافحص تربتها وانبش قبور قلبها ، فلم ارى الا اللؤلؤ والمرجان وكنوز العالمين .
عشت سنيني معها ربيعا، رياحها عليله، وشمسها هادئة جميلة، احلق فوق السحاب، واسرح وامرح مع الغيوم، فما ارى الا هي ، ولا ارى الا بها ، ملكت لب قلبي وملاءت فضاء وجداني، عشت تحت ضلالها ملك للدنيا ، فاصبحت احدث الارض والسماء والبحار والانهار والجبال والفيحاء، وليت المعاجم والدواوين تسعفني ، فكيف اقص لها؟
لا اعرف كيف ابدا !! ولا ماذا اقول !! وكيف احكي لها عن احوالي !!
قلبي سوف يطير من بين ضلوعي فرحا ، فلا سعادة بعد تلك السعاده ، ولا خيال اروع من تلك الحياة ، خيل لي اني اعيش معها ملكا يحكم الارض ومن فيها ، يحكم الارض بالعدل يحترم الكبير ويقدر الصغير ويكرم الفقير، بل وجعلت من اهل الارض اناسا يعيشون في نعيم وترف ورخاء، بكل حب واخلاص ووفاء.
وما هي الا ايام وليالي ويسلب كل شيء !!
اخلع من ملكي !!
ولكن كيف ؟؟ وممن ؟؟
من يدي اليمنى وممن ملكة قلبي !! فأي حياة تريديني اعيش حينها ؟ وأي تاريخ يخلد عهدي بعدها !!
صرخت وصرخت
صرخت مستنجدا واه ثم اه وصرخت مستعطفا واه تلو اه وصرخت مسترحما!! وصرخت يا اهل الارض اه واه ولكن لا حياة لمن تنادي !!!
خرجت بعد ملكي مكبا على وجهي وحيدا لا اعلم الى اين اتجه
وتمنيت ان طعنتهم اردتني قتيلا، ويتنهي بها عهدي ، او انها تفقدني بصري لكي لارى ما كنت فيه، وما انا فيه ، فكل شيء حولي يذكرني بالماضي .
اصبحت غريبا في هذا الوجود لا صديقا اعرفه ، ولا عدوا احذره.
انتظر الليل بفارغ الصبر لاساهر نجومه ، واستمع الي انين رياحه ، كنغم حزين ، يذكرني بالماضي ليجمع لي الهموم والاحزان ، والاهات والالام ، لتشعل فتيل حرب بين جوارحي لا تكاد تنتهي ، حتي اسقط من التعب ، ويخيم علي النعاس باجنحته .
فاين انت ؟