هو المثل التي يتداوله عوام المصريين فيما بينهم، للتدليل على ظلم الآخرين بالإشارة إلى بهاء الدين قراقوش، الذي ادّعى بعض كُتّاب التاريخ غلوه وقسوته ضد الآخرين في قراراته، إلا أن لتاريخ الرجل رأيًا آخر. الوجه الآخر لبهاء الدين بن عبدالله الأسدي، الشهير بـ«قراقوش» يذكر أنه وُلد بآسيا الصغرى، وخدم أسد الدين شيركوه، القائد العسكري في جيش عماد الدين زنكي، ثم في جيش خليفته نور الدين محمود، وقربه الأخير وقدمه على بقية القواد. بهذا الشكل دخل «قراقوش» مصر في جيش أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، وكان ضلعًا في مثلث ارتكزت عليه الدولة الأيوبية، بعد كلٍ من الفقيه عيسى المهكاري والقاضي الفاضل. ومع تولي صلاح الدين الأيوبي الحكم وتسلمه للقصر الفاطمي ولّى «قراقوش» أمينًا على البناية، نظرًا لاحتوائها على كنوز هائلة، ولحراسة الخزائن فيها كذلك. لـ«قراقوش»، حسب رواية موقع «أرشيف مصر»، عبقرية هندسية استغلها فى النواحي العسكرية، ونتيجة لذلك شيّد قلعة الجبل «صلاح الدين الأيوبي»، وكان أول من سكنها هو الملك الكامل، الذي أكمل بناءها. ولم يتوقف «قراقوش» عند ذلك، بل شيّد قلعة «المقسي»، وهي برج كبير بناه على النيل، وأقام بالقرب منه أبراجًا أخرى على الطراز الأفرنجي لا الفاطمي. وبنى «قراقوش» سورًا كبيرًا من أحجار الأهرامات يحيط بالجيزة ناحية الصحراء الغربية، وآخر حول القاهرة، لكن من حجارة الأهرامات الصغيرة، وحفر فيه بئرًا وضم مسجدًا.
وحسب رواية موقع «أرشيف مصر»، كان البئر من عجائب الأبنية، وتابع: «يدور البقر من أعلاها وينقل الماء من وسطها وتدور أبقار أخرى وسطها، فينقل الماء من أسفلها وجميع ذلك حجر منحوت ليس فيه بناء، وقيل إن أرض هذه البئر مسامتة لأرض بركة الفيل وإن ماءها عذب في أول الأمر، ثم أراد قراقوش الزيادة في مائها فوسعها وخرجت منها عين مالحة غيَّرت حلاوتها». واستمر «قراقوش» في تشييد الأسوار، ببنائه 3 أخرى بأسماء «جوهر الصقلي» و«بدر الدين الجمالي» و«قراقوش»، وجميعها من الطوب اللبن. ومع دخول صلاح الدين عكا، كلّف «قراقوش» بإعادة بناء سورها المتهدم، ومع شروعه في مهمته فوجئ بحصار الفرنجة له، ورغم مقاومته هُزمت قواته ووقع هو نفسه أسيرًا لديهم، إلى أن أفرجوا عنه عام 1192 بموجب اتفاق الصلح. وبتولي «العزيز» حكم مصر كان ينيب «قراقوش» عنه في إدارة البلاد، إذا خرج الأول للقتال، وبالفعل تمكن من إحباط محاولة انقلاب قادها «العادل» بالاتفاق مع قائد أكبر قوات «العزيز» وهو حسام الدين أبوالهيجاء السمين، زعيم الأسدية. ومع وفاة «العزيز» تولى «المنصور» الحكم، لكن عمره كان 9 سنوات، ليكون «قراقوش» وصيًا على العرش، والذي تنازل لصالح «الملك الأفضل» عم الصبي لوقوع خلافات بين أفراد العائلة الحاكمة، وبفعل مؤامرات «العادل» تمكن من الانقلاب عليهم، حينها فر «الأفضل» إلى الشام وخلع «العادل» الحاكم الصبي «المنصور»، وللبُعد عن بطشه توارى «قراقوش» عن الأنظار حتى توفي في بداية شهر رجب سنة 597هـ، والموافق 1200م، حسب رواية موقع «أرشيف مصر».