لربما لم يكن لأحد أن يتخيل أنه يمكن للتلفاز أن يتجسس علينا، إلا أن المسألة أضحت أكثر من جادة لا سيما بعد أن أجبرت شركة "فيزيو"، إحدى كبريات شركات صناعة التليفزيون الذكي في العالم، على سداد مبلغ 2,2 مليون دولار لتسوية الغرامات المستحقة عن إدانتها بالقيام، دون موافقة المستخدمين، بتتبع عادات المشاهدة لـ 11 مليون جهاز.
وكانت "فيزيو" استثمرت هذا الجبل من البيانات وحولته إلى تلال من الدولارات، بعد بيعه للمعلنين وشركات وسائل الإعلام.
حذف البيانات
وعلى الرغم من أن الشركة العملاقة أجبرت مؤخراً على حذف جميع البيانات، التي قامت بجمعها منذ فبراير 2014، إلا أن مخاوف أخرى أثيرت لجهة احتمال أن تكون "فيزيو" قد تجسست على ملايين من المشاهدين الآخرين حول العالم، مثل بريطانيا التي بيعت فيها أعداد كبيرة من أجهزة تلفزيون "فيزيو"، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
واحتوت أجهزة التلفزيون المتصلة بالإنترنت والتي باعتها "فيزيو"، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، على برمجيات آلية للتعرف على المحتوى.
جاء ذلك في حيثيات الشكوى التي تحررت ضد "فيزيو" بواسطة لجنة التجارة الاتحادية الأميركية. وقامت برمجيات التعرف على المحتوى ACR بتتبع بيانات المشاهدة ثانية بثانية لما كان يعرض على الشاشة، بدون دراية أو موافقة من المستخدمين.
أركان الجريمة
ولم تتجسس تلك البرمجيات على بيانات مشاهدة تلفزيونات الفضائيات فحسب، بل إنها أيضا رصدت عادات مشاهدة الـ "دي في دي" والـ "Netflix " على الأجهزة الخاصة بالمشاهدين في بيوتهم.
كما سجلت البرمجيات المعلومات الشخصية ودمجتها مع بيانات المشاهدة لبيعها للمعلنين وشركات وسائل الإعلام.
واشتملت البيانات الشخصية، التي تم رصدها من خلال برمجيات التتبع، على عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بالمستخدمين، وهذا يعني أن البيانات التي تم جمعها يمكن أن تساعد على استهداف هؤلاء المستخدمين من خلال مختلف أجهزتهم المحمولة. ولا يمكن استخدام عناوين بروتوكول الإنترنت IP مباشرة لتحديد المستخدم، ولكنها تستخدم بشكل متزايد لبناء صورة شخص ما، ومعرفة اهتماماته لتتم مخاطبته من جانب شركات الإعلان.
إلى ذلك، يسرت تلك البيانات التوصل إلى معلومات مفصلة للغاية، بما في ذلك السن والجنس والدخل والحالة الاجتماعية، عدد أفراد الأسرة، مستوى التعليم، وملكية المنزل، والقيم المنزلية، عبر استنتاجها من خلال تحليل عادات المشاهدة. تتبعت أجهزة التلفزيون قوة إشارة الــ "واي فاي"، ونقاط توزيع "واي فاي" القريبة في المنزل.
وحدث هذا الجمع غير القانوني، بموجب إعداد في قوائم تشغيل أجهزة تليفزيون "فيزيو" تحت اسم خاصية "التفاعلية الذكية"، والذي "يفعل عروض البرنامج والاقتراحات". ولم تبرز تلك البرمجيات أي إشارة واضحة بأن أية بيانات مأخوذة عن طريقها، سوف يتم بيعها لأطراف أخرى. كما أنه يجري تشغيل البرمجيات تلقائيا على كل أجهزة تليفزيون "فيزيو".
لجنة التجارة الفيدرالية
ذكر محامو لجنة التجارة الاتحادية في مذكرة الشكوى المقدمة ضد "فيزيو" أنه "بالنسبة لجميع هذه الاستخدامات، فإن المدعى عليهم يقدمون معلومات محددة للغاية وثانية بثانية حول تفاصيل مشاهدة التليفزيون وعلى نطاق واسع." وأضافت المذكرة: "وكل سطر من أي تقرير يوفر معلومات مشاهدة خاصة بكل جهاز تليفزيون على حدة".
في المقابل، أودعت "فيزيو" مستندات، تقرر فيها أن ترخيص استخدام برمجيات المعلومات التحليلي ينص، على سبيل المثال أنه "يقدم معلومات سلوك مشاهدة محددة للغاية على نطاق واسع وعلى درجة كبيرة من الدقة، والتي من شأنها أن تستخدم لتوليد أفكار ذكية للمعلنين ومقدمي المحتوى الإعلامي".
حماية الخصوصية
وحذر خبير أمن المعلومات، تروي هانت، في تصريح لموقع "ميل أون لاين"، مستخدمي الأجهزة الذكية: "أنهم يحتاجون لتوخي الحذر ومعرفة الكم الذي يتعرض للخطر يوميا من خصوصيات حياتهم عند توصيل أجهزتهم بالإنترنت."
وأضاف: "إن كل كاميرات الـ(ويب كام) ومسجلات الفيديو الرقمية وأجهزة التليفزيون لها تاريخ طويل من ممارسات انتهاك الخصوصية، وبصراحة لا يستحق بعض هذه الأجهزة أن يتم توصيله على الإنترنت."
هذا ولم تستجب "فيزيو" حتى الآن لطلب موقع "ميل أون لاين" للتعليق على هذه الاتهامات والدفاع عن منتجاتها.