اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون، والناس ينتظرون أن يرى برنامج حساب المواطن النور، ولعل من أسباب هذا الانتظار أن التكهنات والتوقعات والتأليفات التي تقال حول هذا البرنامج ستنتهي، وسيتعاملون مع البرنامج ويقررون بأنفسهم هل حقيقته تشبه جماله المفترض.
البرنامج «نظريا» عظيم، وفكرة رائعة. لكن التطبيق هو المحك الحقيقي الذي تتكسر عليه نظريات الجمال الافتراضية.
قرأت مؤخرا نقاشات حول هذا البرنامج وعن اشتراطاته وآلياته، وخاصة فيما يتعلق بصلاحيات البرنامج في الاطلاع على حسابات المواطنين المصرفية، وهل هذا جائز أم إن القانون ـ أعني النظام ـ لا يجيز ذلك إلا بحكم قضائي أو بموافقة المواطن. وحسم البرنامج هذا النقاش مبكرا حين قال إنه سيحصل على موافقة المواطن. وأظن أن هذه الموافقة شكلية وأن هذا النقاش لا قيمة له من الأساس فالقوانين ـ أعني الأنظمة ـ تأتي في بعض الأحيان لاحقا لإقرار ما حدث ويحدث وليس العكس. فكل المستجدات تأتي بنظامها معها الذي يشرعها ويشرعنها، وكل برنامج جديد قانونه «منه وفيه».
والحقيقة أيها الإخوة والأخوات أنكم أغنياء، مهما حاولتم إنكار ذلك وسعيتم لعدم كشف حساباتكم المصرفية، فقد قرأت تصريحا لأحد الوزراء أن 60% من المواطنين أغنياء، وأنا أتفق معه تماما فالوزراء «أبخص» منكم وأعلم.
وعودة على برنامج حساب المواطن الذي نأمل ألا يكون عسيرا، فإن الجميل في هذا البرنامج أنه سيدقق في حسابات الـ40% ـ وهم المواطنون الفقراء ـ وسيعرف كل شاردة وواردة من وإلى حساباتهم البنكية وسيطاردهم السؤال «من أين لك هذا؟» عند كل جهاز صراف آلي. وهي خطوة جيدة ورائعة نتمنى أن تشمل مستقبلا حتى الأثرياء ومستجدي الثراء والمسؤولين ومن في حكمهم من العالمين.
وعلى أي حال..
بالنسبة لي فلا مشكلة في الاطلاع على حساباتي البنكية من قبل أصحاب القلوب الرحمية في برنامج حساب المواطن وغيره من البرامج والوزارات والجهات المانحة. وسأكون مطمئنا بالطبع لأنه ليس من صلاحيات البرنامج أن يطلع على حساباتي المصرفية في سويسرا والبهاما وبلاد ما بين الفقرين.