سأل أحد الصحابة الفضلاء رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً يدل على مكنونات قلب ذلك الصحابي
فقال: يا رسول الله أين مكاني من الله؟
سؤال من أعظم الأسئلة علماً وفقهاً ،إيماناً وحباً .
فما الذي يشغل بال ذلك الصحابي ؟
وما الذي يجول في خاطره ؟
وما الهم الذي وخز صدره ؟
وما الغاية التي يرنو للوصول إليها ؟
إنها حرصه على أن يعرف منزلته ومكانته عند ربه خالقِهِ ورازقِهِ ، من يدبر أموره ،ويُصِّرف أحواله ، من يعلم سرهُ وعلانيته ،معرفةُ تكون في الدنيا قبل الآخرة ، حتى يطمئن قلبه ، وتهدأ نفسه ،وتكون الصلة بينه وبين ربه قائمة لا يقطعها قاطع من قُطَّاع الطرق الواقفين على أطرافها يحولون بين الناس وبين ربهم ، فيزينون الطرق بالمعاصي من الشهوات والشبهات، والخطرات والخطوات،فلا يدعون صارفاً إلا وضعوه في الطريق إلى الله تعالى.
فتأتي الإجابة النبوية التي تضع منهج للبناء الإيماني ، وتؤسس قاعدة يثبت عليها البناء.
وعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ :"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ فَلْيَعْلَمْ مَا لِلَّهِ عِنْدَهُ ؛ فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمَ لا مَحَالَةَ"
إن العلاقة بين العبد وربه مبنية على التواصل لا الانقطاع ، على الاستمرار لا التوقف ، على العطاء لا المنع ، فلا يستقيم أن يكون المسلم والمسلمة على المعاصي فاعلين ويظنوا أن صلتهم بربهم حسنة ، يمنعون أنفسهم من فعل الخيرات والمبادرة بالصالحات ويظنوا أن الله يعطيهم وهم يمنعون ، والعبد هو أول من يعرف مكانته عند ربه ،فلا يحتاج إلى من يرشده ويدله .
وجاء الهدي النبوي ليعلمنا أن من أراد القربى فليتقرب ، ومن أراد المحبة فليحب.