أراكتا موني |
يستعد أكبر المستثمرين في العالم لعام وعر في 2017 على خلفية الأحداث الهائلة التي وقعت في 2016، حيث حدث ما هو غير متوقع في أكثر الأحيان.
من التصويت في المملكة المتحدة بمغادرة الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، الى الارتفاع في الأسواق الناشئة والمعادن الثمينة، أخذ العديد من المستثمرين على حين غرة من حجم الاضطراب السياسي وفي السوق في عام 2016.
هذا العام، يستعد أكبر المستثمرين في العالم للتغيير، ويتوقعون أن يكون 2017 عاماً زلزالياً، حيث ستؤثر قضايا مثل التضخم والاضطرابات السياسية واحتمال ارتفاع عائدات السندات على الأسواق.
يقول مارك كيسيل، مدير الاستثمار في الائتمان العالمي في شركة بيمكو، عملاق السندات الأميركية التي تدير أصولاً قوامها 1.55 تريليون دولار «كون الاقتصاد العالمي يمر بتغييرات كبيرة وتولي ادارة جديدة زمام المسؤولية في واشنطن، فإن احتمالات حدوث نتائج سلبية وايجابية تزداد».
ويضيف لوكا باوليني، كبير الاستراتيجيين في بيكتيت أسيت مانجمنت، التي تشرف على 431 مليار دولار «سيحتاج المستثمرون الى ربط حزام الأمان في عام 2017. الاضطراب السياسي وارتفاع التضخم وتشديد شروط التمويل يبدو أنها ستلعب ضد تحسن النمو الاقتصادي وارتفاع أرباح الشركات».
هناك إجماع على أن سياسات ترامب والتضخم والانتخابات في أوروبا وارتفاع عائدات السندات وعلامات الاستفهام حول مستقبل الأسواق الناشئة، هي من بين أكبر الموضوعات التي يتعين على مديري الصناديق التعامل معها عام 2017.
الرئيس ترامب
ارتفعت الأسواق على خلفية انتخاب ترامب، الذي وعد بالتركيز على توفير فرص عمل في الولايات المتحدة وخفض الضرائب والاستثمار في البنية التحتية خلال حملته الرئاسية. لكن المستثمرين ينتظرون الآن لمعرفة ما اذا كان سيفي بوعوده وان كانت تلك الوعود ستتحول الى سياسة رسمية.
يعتقد بيل غروس، مستثمر السندات المعروف ومدير صندوق السندات يانوس غلوبل أنكوستريند، أن «نجاح أو فشل سياسات ترامب سيكون واحدا من أكبر قضايا الاستثمار في عام2017».
ويشير الكثير من المستثمرين الى أن التحسن في الأسواق منذ الانتخابات من المرجح أن يستمر في عام 2017.
الا أن هناك آخرين أكثر حذرا في الولايات المتحدة. فكما يقول جيمس دي بنسن، مدير مشارك للصناديق الاستثمارية في هندرسون ألتريناتيف استراتيجيز تراست «ان سوق الأسهم الأميركية لن يتفوق في أدائه خلال عام 2017. لقد تحولت الأسواق من الارتياب الى السذاجة عندما يتعلق الأمر بدونالد ترامب.. لقد تم بالفعل احتساب كل سياسة «نمو ايجابية» تبناها حتى الآن في التقييمات».
ويضيف ديدييه بوروفسكي، الرئيس المشارك للأبحاث الاستراتيجية والاقتصادية في أموندي، أكبر مدير للأصول في أوروبا، «هناك الكثير من عدم اليقين حول السياسة التي ستنفذها ادارة ترامب. هناك بعض المقترحات الخاصة بالسياسة المالية العامة على الطاولة في الولايات المتحدة قد تكون مدمرة وتخلق الكثير من الضوضاء. ويمكن أن يكون لها عواقب مالية».
مستقبل الاتحاد الأوروبي
غروس، الذي كان المؤسس المشارك لشركة بيمكو، يقول ان من القضايا التي سيكون لها أهمية كبيرة بالنسبة للمستثمرين في عام 2017 هي ما اذا كان «يمكن للاتحاد الأوروبي أن يبقى متماسكا».
ومن المقرر أن تجرى انتخابات في فرنسا وألمانيا وهولندا في عام 2017، في حين من المتوقع أن تنطلق في مارس المفاوضات بشأن بريكست بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
يقول فيل بول، رئيس قسم الأبحاث في مكتب الاستثمار الرئيس في دويتشه أسيت مانجمنت «هناك الكثير من عدم اليقين السياسي في أوروبا».
والخطر هو أن الأصوات المناهضة للمؤسسة في استفتاء بريكست في المملكة المتحدة وفي الانتخابات الأميركية واستفتاء ايطاليا العام الماضي يمكن أن تستمر خلال انتخابات 2017. الخوف هو أن التصويت لشخصيات بديلة مثل مارين لوبان في فرنسا يمكن أن تزيد الضغط على الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يستعد لفقدان واحدة من الدول الأعضاء.
ويقول بول: «كما هو واضح فان معظم المستثمرين يتجاهلون المخاطر في أوروبا. كل هذا يخلق خلفية سياسية ستزعج السوق في مرحلة ما في عام 2017».
الا أن بوروفسكي من أموندى، وعلى النقيض، يعتقد أن المستثمرين يتبنون بالفعل نهجا حذرا عندما يتعلق الأمر بالأسهم الأوروبية. ويضيف «طالما لديك هذا الغموض السياسي وعدم اليقين الذي صاحب الانتخابات وبريكست، فان الكثير من المستثمرين من خارج أوروبا سيبقون حذرين حيال أصول منطقة اليورو».
ويضيف ادوارد كارميغناك، المستثمر الفرنسي، أن المفاوضات بشأن بريكست يمكن أن تضر بالاسترليني الذي تراجع نحو %9 مقابل الدولار منذ الاستفتاء في يونيو.
ويتابع «المفاوضون البريطانيون سيفاوضون من موقف ضعف اذا توجب عليهم مناقشة خططهم علنا في البرلمان قبل لقاء نظرائهم في بروكسل. وهو ما يثير خطر حدوث خروج صعب لبريطانيا، مع احتمال حدوث عواقب قوية على الجنيه الاسترليني».
ارتفاع التضخم
التضخم والسياسات المالية والنقدية الرامية الى زيادة الانتاج والحد من آثار الانكماش، واحدة من أكبر القضايا التي ستشغل أذهان المستثمرين في عام 2017 هي التضخم. اذ وجد مسح لمديري الصناديق أعده بنك أوف أميركا ميريل لينش الشهر الماضي أن %84 من مديري صناديق الاستثمار يتوقعون ارتفاع التضخم العالمي، وهو ثاني أعلى مستوى في 12 عاماً.
ويشار الى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بانتظام على أنهما الاقتصادان اللذان سيشهدان على الأرجح ارتفاعا في التضخم هذا العام، لكن التوقعات بالنسبة لبلدان أخرى أقل يقينا.
يقول مايكل هاسينستاب، مستثمر السندات في فرانكلين تمبلتون الذي عرف بقيامه برهانات كبيرة على ديون ايرلندا وأوكرانيا «نحن نتوقع زيادة التضخم في الولايات المتحدة مع ارتفاع ضغوط الأجور واستمرار توسع الاقتصاد، في حين أن منطقة اليورو واليابان تختلفان بشكل ملحوظ عن مسار الولايات المتحدة».
ديريك ستيوارت، مدير صندوق أرتيمس يو كي سبيشال سيتيويشنز، يحذر من أن تأثير ارتفاع التضخم سيكون متفاوتا على الأسهم. «في حين أن ارتفاع التضخم سيكون موائما للبعض، الا ان العديد من الشركات سيكون عليها أن تتعامل مع مدخلات أغلى، وهو أمر لم يشهدوه منذ بعض الوقت».
كما يمكن أن يضرب التضخم السندات، حيث تميل التوقعات بارتفاع الأسعار لأن تكون سيئة للسندات الحكومية، «على الرغم من أن الائتمان ذا العائد المرتفع والسندات المرتبطة بالتضخم يمكن أن يكون أداؤها جيدا في بيئة تضخمية»، بحسب وليام ليتلوود، مدير صندوق أرتميس للأصول الاستراتيجية.
آخرون لم يقتنعوا بعد أن التضخم سيكون موجودا في 2017. ميغان غرين، كبيرة الاقتصاديين في مانولايف، التي تشرف على أصول قيمتها 343 مليار دولار، تعتقد أن 2017 سيتسم بانخفاض النمو وانخفاض معدلات التضخم وانخفاض أسعار الفائدة، على الرغم من أن الأسواق تتمتع بالصعود الذي جاء بعد الانتخابات الأميركية.
أسعار الفائدة وعائدات السندات
انخفضت عائدات السندات، التي تتبع أسعار الفائدة، لأكثر من ثلاثة عقود. لكن بعض المستثمرين الآن يتوقعون التغيير، ويتنبؤون بنهاية سنوات انخفاض أسعار الفائدة والمعدلات السلبية.
يقول دي بنسن: «ان المفتاح لعام 2017، على الرغم من كل المخاطر السياسية المحتملة في الأفق، سيكون ما يحدث لعائدات السندات. لقد بدأنا نخلص أنفسنا من أكبر تجربة نقدية في التاريخ. ومن المرجح أن يكون المسار صعباً».
ويقول ريتشارد تورنيل كبير مخططي الاستثمار العالمي في بلاك روك، أكبر مدير للأصول في العالم: «بينما يترسخ التضخم وينتعش النمو، نعتقد أن عائدات السندات قد وصلت للقاع وعلى الأرجح أن تصبح منحنيات العائدات أشد انحداراً في عام 2017».
ويضيف كارميغناك «من مستويات منخفضة بشكل مصطنع، أسعار الفائدة في حاجة الى التكيف مع توقعات النمو الاسمي المرتفعة».
وكان مجلس الاحتياطي الاتحادي الاميركي رفع بالفعل أسعار الفائدة في ديسمبر. لكن دي بنسن يحذر من أن الجمع بين سياسات النمو التي يتبناها ترامب وتضخم محتمل يمكن أن يؤديا بمجلس الاحتياطي الفدرالي الى رفع أسعار الفائدة بسرعة أكبر مما كان متوقعا.
ويقول ويلدون: «احد المخاطر المحتملة هو مسار أسعار الفائدة. اذا ارتفعت أسعار الفائدة بسرعة أكبر وبقوة أكثر مما هو متوقع، سيكون لهذا الأمر تأثير سلبي. نحن نبقي على موقف سلبي من الأسهم التي تشبه السندات من حيث قدرتها على توفير دخل بمخاطر منخفضة ذلك أن ارتفاع أسعار الفائدة سيجعل هذه الأسهم تعاني».
الأسواق النامية
بعد عائدات مخيبة للآمال في 2014 و 2015، ارتفعت الأسواق الناشئة خلال معظم العام الماضي. لكن بعد انتخاب دونالد ترامب، كافحت الأسواق الناشئة مرة أخرى. والسؤال الكبير الآن هو ماذا يخبئ عام 2017؟
يقول شون تايلور رئيس الأسواق الناشئة في دويتشه أسيت مانجمنت إن أسهم الأسواق الناشئة تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك قوة الدولار الأميركي.
ويضيف أن احتمال أن ترفع أسعار الفائدة لثلاث مرات في الولايات المتحدة هذا العام، كما أشار مجلس الاحتياطي الفدرالي، يمكن أن يضر أيضاً الأسواق الناشئة، وذلك لأن الشركات في الأسواق الناشئة غالبا ما تكون ديونها مقومة بالدولار، ما يزيد تكلفة خدمة قروضها.
على الرغم من هذا، كما يقول تايلور، فإن الأسواق الناشئة في وضع أفضل مما كانت عليه في عام 2013. مضيفاً «بالنسبة للعام ككل نحن نبحث عن اتجاه صعودي معقول في الأسواق الناشئة، من العائد الاضافي الذي تقدمه السندات الدولارية السيادية للأسواق الناشئة وأسهم الأسواق الناشئة».
ويضيف هاسينستاب «نحن نرى عددا من الفرص المقنعة في أسواق ناشئة محددة تعطينا تفاؤلاً للسنة الجديدة».
كما تحب شركة بلاك روك أسهم الأسواق الناشئة بسبب تحسن الربحية وانخفاض قيم الشركات، والاصلاحات الهيكلية في بلدان الأسواق الناشئة. لكن تورنيل يقول: «حدوث ارتفاع حاد في قيمة الدولار أو تغييرات كبيرة في الاتفاقيات التجارية سيشكل تهديداً».