والحجاب كلمة عذبة تسرّ السامعين من المؤمنين والمؤمنات؛ لأنه حماية للمرأة وحفظ لها، ودليل على حشمتها وعفافها
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن غيرة المسلم على أخته المسلمة لا تقل شأناً عن غيرته على عرضه ومحارمه إنطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف. وليست هذه الغيرة من باب الفضول، وإنما هي جانب إيجابي في قلب كل مؤمن عرف برسوخ العقيدة وصدق اليقين.
وهذه الرسالة هي من باب الغيرة على المرأة المسلمة خشية أن تضل سواء السبيل أو ينزغ الشيطان بينها وبين عقيدتها فتحاول أن تجد لنفسها عذراً يبرر سفورها وتهاونها بحجابها وإبداء بعض مفاتنها بدعوى مسايرة العصر أو التحرر مما أسمته قيوداً في الوقت الذي تعتبر هذه القيود دروع حصانة للمرأة المسلمة تحفظها من كل أذى.
وعلى كل فتاة مسلمة أن تعلم أن وجهها الحسن وقوامها الرشيق وشعرها الجميل وغير هذا، كل ذلك نعمٌ عظيمة من لدن رب كريم خلق الإنسان ذكراً وأنثى في أحسن تقويم. وقد نهى الله عز وجل عن إبداء الزينة وإظهارها للناس، إلا للأزواج والمحارم حيث قال: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور : 31].
ويعتبر الإفراط في هذه الزينة والتفريط بها بحيث يراها مَنْ لا يحقُّ له رؤيتها كفراناً بهذه النعم وخروجاً عن جادة الصواب.
وثمة أمر مشين إذا وُزن بميزان الشرع وهو شفافية العباءة وكيفية لبسها وزركشة غطاء الرأس وكيفية وضعه بحيث تبدو العباءة والغطاء في هذه الحالة مصدر فتنة وإغراء بدلاً من ستر الجسم والشعر بما يكف أعين الناظرين من شياطين الإنس.
وصدق من قال: إن الحجاب مزيَّةٌ وحصانةٌ *** تزدانُ فيه المؤمناتُ من النساء
وأراه درعَ وقايةٍ لنسائنا *** من أسهْمِ الفُسَّاق أربابِ البغاء
صوني جمالَك بالحجاب فإنه *** نوعٌ من التقوى ورمزٌ للحياء
وعليك بالتقوى فإن لباسَها *** سترٌ وإن دثارَها خير غِطاء
5) الحجاب حصن حصين للمرأة عن ذئاب البشر من الرجال الذين يتصيدون عورات أخواتهم المسلمات، وهو صفعة في وجه الرجل الفاسق الذي يحاول اختلاس النظرات لمعرفة جمال صاحبة الحجاب ليوقع بها في شباكه وينال من عفافها وشرفها، وهو ستر للعين التي تنطلق منها سهام النظرة الموصوفة بالسهم كما ورد في الخبر: "النظر سهم من سهام إبليس مسموم".
6) وهو أيضاً أشبه بسحابة سوداء مظلمة فيها الخير والمطر، فإذا انقشعت فلا خير ولا مطر.
7) والحجاب يعطي صاحبته حرية الابتسامة إذا دعتها الحاجة إليها أثناء حديثها مع امرأة أخرى، ويحجب تلك الابتسامة عن أنظار الآخرين.
8) وهو ترجمان للناظرين ينبئهم عن حقيقة صاحبة الحجاب أنها عفيفة طاهرة نزيهة.
9) وهو يدرأ عن صاحبته الفتنة والوقوع في شباك الشياطين والتعثر في مهاوي الزلل.
10) وهو ساتر للزينة المصطنعة التي تضعها بعض النساء من مكياج ومساحيق، كما أنه وسيلة دفاع عن حق الرجل في زوجته، فلا يشاركه رؤية زينتها أحدٌ من غير المحارم.
11) وهو أشبه بباب موصد لا يجرؤ أحدٌ أن يقتحمه لاسيما وقد أسدل طاعة لرب العالمين القائل: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيِبِهنَّ ذّلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب:59].
12) والحجاب حاجز للمرأة المصونة التي أخطأت كما أخطأ زوجها وأذن لها أن تركب مع السائق لقضاء بعض الحاجات.
13) والحجاب أمر شرعي لا خيار للمرأة في رفضه، ولا يحقُّ للرجل أن يأمرها بنزعه، ولا يحق لها طاعته في ذلك حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» [رواه أحمد والحاكم].
14) وهو ثورة على الواقع المؤسف في حياة بعض الشعوب التي تدعي الإسلام، وتنادي بتحرير المرأة حسب زعمهم لتخرج سافرة أو كاسية عارية..
قال صلى الله عليه و سلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها» [رواه مسلم].
15) والحجاب بريء من البرقع والنقاب؛ لأنهما لا يستران العينين، ومعلوم أن العيون تتفاوت من حيث الجمال وقوة التأثير ولكنهما بشكل عام مصدر فتنة وإغراء، لذلك وصف الله الحور العين في الجنة بقوله: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرفِ} [الرحمن:56]، والفتاة التي خلعت الحجاب عندما تنظر للرجل فإن نظراتها ترسل سهاماً غير مرئية تنفذ إلى القلب، وتحرك كوامن الشهوة فيندفع وراء صاحبة تلك النظرة. والمرأة مثل الرجل تتأثر بنظرته إليها، والشرارة لا تحدث إلا من سالب وموجب.
16) والحجاب كلمة عذبة تسرّ السامعين من المؤمنين والمؤمنات؛ لأنه حماية للمرأة وحفظ لها، ودليل على حشمتها وعفافها، وهو أيضاً جمال وأمان والتزام بأوامر الشرع الحنيف قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18].
وبعد ما تقدم ذكره أسأل الله عز وجل أن يهدي كل فتاة تتهاون بالحجاب إلى سواء الصراط، وأن تحصل لديها القناعة بالحجاب؛ لأنه نوع من ألبسة التقوى، والله يقول: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ} [الأعراف:26].
وفي نهاية المطاف أهدي كل فتاة تتظاهر بالحجاب هذه الأبيات الشعرية لعل فيها تذكرة وعبرة:
أوَّاهُ يا بنتَ الكرام تمهَّلي *** ما لي أراك بفتنة وتَجَمُّلِ
النظرةُ الأولى بحقٍّ ترجمتْ *** وصفًّا يندّدُ بالسفور المُخجلِ
هذي العباءةُ من حريرٍ ناعمٍ *** أضفتْ على الكتفين بعض ترهّلِ
كذبٌ وزورٌ أن تُسمى عباءة *** والجسمُ للرائينَ يبدو وينجلِ
وغطاءُ رأسك فاتنٌ ومزركشٌ *** ينسابُ فوق الشعرِ دون تسدُّلِ
هذا الجمالُ بضاعةٌ معروضةٌ *** ومآلُها نحو الكسادِ المُذهلِ
إن الشباب وإن تفاوت طيشهُمْ *** يتريَّثون لزوجة المستقبلِ
والأكثرونَ يحددون صفاتِها *** ديناً وأخلاقاً وصدْق تبتُّلِ
صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
وفي الختام أسأل الله سبحانه أن ينير بصيرتك لرؤية الحق والالتزام بالحجاب الشرعي طاعةً لله عز وجل وامتثالاً لأمره سبحانه حيث قال: {يَا أَيُّهَا اْلنَّبِىُّ قُل لأّزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذّينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب:59].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.