قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية المستشار المالي أحمد بن عبدالرحمن الجبير: "إنَّ بقاء هيئة سوق المال السعودي دون رئيس ليس في صالح الأسهم، لأن الفترة الماضية ومنذ رحيل الوزير محمد الجدعان عنها وزيراً للمالية شهد تلاعباً كبيراً من قبل المضاربين، وضخ السيولة داخل السوق ورفع قيمة الكثير من الأسهم إلى مستوى أعلى من القيمة الحقيقية لها".
وأضاف: "الحاجة لرئيس جديد وغير عادي بدأت ماسة جداً خصوصاً مع بداية عام 2017م، ولسنا بحاجة لمن يشغل المنصب فهناك كثر يتطلعون لذلك، وهناك علاقات عامة تحاول أن يكون من نصيب مقربين، لكننا نعلم بأن سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكثر معرفة ودراية بمتطلبات الاقتصاد الوطني، ولا تمر عليه الأسماء التي ترشحها بعض الأطراف بسهولة، حيث باتت خياراتنا ذات هوامش محدودة، ونحتاج شخصية ذات كفاءة ومهنية عالية، شخصية وطنية ومسؤولة، وليست من المقربين لهذا المسؤول أو ذاك".
وتابع الجبير: "نحن بحاجة للكفاءة، مثلنا مثل غيرنا من الدول التي يتصدر فيها مسؤولية هذه القطاعات الحيوية كفاءات مهنية عالية، وبخاصة في هذا الوقت العصيب بسب الركود والانكماش الاقتصادي، والذي ربما يتعرض فيه السوق المالي لعوائق وهزات مالية كبيرة في ظل غياب رئيس له، لكن ما زلنا متفائلين بمجلس الاقتصاد والتنمية، بأن يتخذ زمام المبادرة بتعيين أحد الاقتصاديين السعوديين المشهود لهم بالخبرة، والرؤية الثاقبة في الاقتصاد السعودي، ليتولى منصب رئيس هيئة سوق المال".
وأردف: "يجب أن يخضع اختيار الرئيس الجديد لهيئة سوق المال السعودي لمعاير عالمية، خاصة وأن الانتقادات للفريق الاقتصادي عديدة، وأن من يرشح أو يختار، أو تسند له المهمة، عليه أن يكون مسؤولاً عن اختياراته تلك أمام سمو ولي ولي العهد، باعتباره رئيساً للمجلس الاقتصادي والتنمية، ناهيك عن الخبرات ونظافة اليد، والمؤهلات، حيث ستكون مهمة الرئيس تعزيز الشفافية والحوكمة، وملماً بالقوانين والأنظمة والاجراءات، وتوفير البيانات والمعلومات للجميع، حيث لاحظنا في السابق أن الشركات وأصحاب الثروات الهائلة تحاول الحصول على المعلومات والبيانات قبل صغار المستثمرين".
وبين المحلل المالي أحمد الجبير أن معظم صغار المستثمرين يعتقدون أن التشريعات والقوانين والأنظمة لسوق المال لا تزال قاصرة عن حمايتهم ضد سيطرة ونفوذ كبار المستثمرين، كل ما نتمناه أن يكون هناك تعامل بسواسية في جميع شركات الأسهم، ومعاملة الجميع بمعيار واحد، فسوق الأسهم يحتاج إلى مراجعة دقيقة فالمستثمر ينقصه الوعي والرؤية الواضحة، والقطاع المسؤول بحاجة إلى رفع مستوياته المهنية، وممارسة سياسة شفافة، ورقابة صارمة لأن الكوارث الاقتصادية أحياناً يكون لها تكاليف غير منظورة.
وأكد أن ما يحدث الآن في سوق الأسهم هو تدخّل بعض كبار المضاربين، وضخ السيولة داخل السوق ورفع قيمة الكثير من الأسهم إلى مستوى أعلى من القيمة الحقيقية لها، ما أدى إلى ارتفاع معدل السيولة في السوق، وذلك بسبب التدفّق المالي، والارتفاع المتوقع في الاقتصاد السعودي، لكن في المقابل يتم سحب السيولة في أي وقت يريدون نتيجة، عدم توفر الشفافية والعدالة في توزيع المعلومات والبيانات يؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم، والتي تأثر على صغار المستثمرين.
وعلى مجلس الاقتصاد والتنمية النظر في الوضع الإداري والإشرافي لهيئة سوق المال ودعم الهيئة بدماء سعودية وكفاءات وطنية جديدة، وحثهم على اتخاذ الإجراءات السريعة والرادعة والصارمة على المتلاعبين بأنظمة وقوانين السوق، وتقديم التقارير التي تفصح عن البيانات الصحيحة، وتضع التشريعات المنظمة للسوق لحماية مدخرات الوطن والمواطن، والاستعجال بوجود السوق الثانوية والموازية.
وافترض الجبير من هيئة سوق المال أن تتسم أعمالها بالشفافية والوضوح، وتعزيز ثقة المواطن، وبقدرة الهيئة على حماية مدخراته، فهيئة سوق المال مطالبة بإيقاف الشائعات، والحد منها بمتابعة يومية، خصوصاً شائعات المنتديات والجوال، والرد عليها، والتصدي لبعض المحللين أصحاب المصالح الشخصية، والاستعانة بالاقتصاديين، والمستشارين الماليين الوطنيين، لتقديم تحليلات حيادية تنفع الجميع، وتعزز معايير الوضوح والشفافية.
وطالب ألا تغيب هيئة مكافحة الفساد عن مجريات سوق الأسهم لأهميته ودوره الكبير في تنمية الاقتصاد السعودي، فهل تحضر الهيئة في معاملات مالية عادية، وتغيب عن تعاملات حيوية تدعم الاقتصاد الوطني، وعلى هيئة سوق المال توعية صغار المستثمرين من خلال الاتصال المباشر أو من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، والتي سوف تكون عاملاً فاعلاً في تعزيز وعي المستثمر الصغير، ويضمن حقوقه قبل الكبار.
وختم بقوله: "على الرئيس الجديد أن ينظر إلى الأسواق العالمية الناجحة، وإلى التجارب القريبة منا في ماليزيا والهند ونيويورك ودبي، وأن يعمل بقوة على تعزيز مكانة هيئة سوق المال، وأن يرسخ وجود قواعد وتقاليد وأصول عمل واضحة، وألا نبقى دولة ذات إمكانات هائلة بهذا الشكل، وندير مؤسساتنا بعقلية المحسوبيات والعلاقات الشخصية، فنحن نعمل من أجل بلدنا وقيادتنا ومواطننا، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية التي عهدت إلينا من ولاة الأمر، ونكون عند حسن ظنهم بنا، ونؤكد للعالم أجمع بأن مؤسساتنا قوية وقادرة على تحقيق النجاحات، وإثبات جدارتها في الأسواق المالية".