لم يكتفِ الإعلام المصري بالتطاول على المملكة العربية السعودية ورموزها وتاريخها ليذهب أحد متصدريه بعيدًا بالتلويح بإقامة محور مصري سوري عراقي إيراني مبني على تحالف استراتيجي في مواجهة المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وتركيا.
التعاون المصري الإيراني لم يكن وليد اللحظة، بل إنه كان يعيش في الظلام تحت ستار مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة الذي افتُتح في عام 2004، والذي سبقه تعاون استخباراتي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لمواجهة تنظيم القاعدة، و عام 2003 في بداية الغزو الأمريكي للعراق، لكن التقارب المصري الإيراني كان يجري ببطء وعلى استحياء رغبة من نظام مبارك في إظهار أنه مع دول الخليج قلبًا وقالبًا، وتماشيًا مع السياسة الأمريكية المعلنة في الشرق الأوسط. وبعد سقوط مبارك تحسنت العلاقات قليلًا، لكنها أيضًا لم تصل إلى مرحلة العلاقات الكاملة بين البلدين .
وفي خضم الأحداث المتلاحقة في المنطقة هذه الأيام نجد أن ثمّة تقاربًا كبيرًا يدور خلف الكواليس بين النظامين في مصر وإيران، خاصة مع تقارب موقفيهما مما يجري في سوريا تحديدًا، إضافة إلى الدعم المصري الكبير للحكومة العراقية الموالية لطهران، لتكون هذه التحركات بمثابة مقدمة لتحالف مصري إيراني يضم الحكومة العراقية والنظام السوري.
وتشترك دول هذا المحور الرباعي في الفشل الاقتصادي الذي أدى إلى انهيار العملات الوطنية لهذه الدول، فقد وصل الدولار الأمريكي إلى أكثر من 42 ألف تومان إيراني وحوالي 20 جنيهًا مصريًا و1260 دينارًا عراقيًا و500 ليرة سورية.
كما أن القاسم المشترك لهذه الدول في الأوضاع السياسية والداخلية هو الأزمات، إذ تعاني إيران من أزمات داخلية وتمييز عنصري بين فئات الشعب الإيراني مع خروج جيل جديد لا تعني له شعارات الثورة الخمينية شيئًا، وتزايد الأصوات المعارضة للنظام في ظل الخسائر البشرية التي يُمنى بها في الصراعات الخارجية. ومنها إلى العراق، فالدولة لا تسيطر إلا على المنطقة الخضراء التي يتحصن بها أعضاؤها، وباقي العراق يعيش حالة من الفوضى المستمرة منذ الغزو الأمريكي. وفي مصر شارف الشعب أن يحرق كل شيء بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في ظل هيمنة قيادات الجيش ورجال الأعمال على كل مقدرات البلاد، وضياع المساعدات الخارجية والدخل الوطني في مشاريع لا تسمن ولا تغني من جوع. أما سوريا التي تعيش ثورة ضد النظام المجرم، وبالرغم من الدعم الروسي والإيراني للنظام، إلا أنه يسيطر فقط على أقل من 20% من الأراضي السورية.
وفي المقابل تتمتع دول الخليج وتركيا باستقرار سياسي، وتمتلك اقتصادات قوية، إضافة إلى امتلاكها قدرات عسكرية كفيلة بصد أي تهديد خارجي.
لن تقوم لهذا المحور قائمة، حتى وإن خرج شكلًا فسيكون جسدًا مريضًا ممزقًا لا يقوى على الحركة، وسيكون ظاهرة صوتية تضم جميع الأبواق النشاز في الشرق الأوسط من الشرق والغرب ليذهبوا إلى القاع بدلًا من الخروج منه بعد أن نرى العمائم السوداء تظهر في شوارع القاهرة القديمة كما ظهرت في بغداد ودمشق .