السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكمة مأثورة(إذا قابلنا الإساءة بالإساءة،فمتى تنتهي الإساءة) هذه المقولة التي تحمل في طياتها المعاني النبيلة،وتدعو إلى الألفة والمحبة والتسامح في جميع تعاملاتنا،
هذه المقولة،أمر من الأمور التي حث ودعا إليها ديننا الإسلامي الذي يهيب بنا دوماً إلى التسامح والتصافح والتغافر،لأن ذلك طريق الصلاح والإصلاح، أنك عندما تتعامل مع الناس فإنهم يعاملونك في الغالب على ما يريدون هم،لا على ما تريده أنت،لذلك خذ الأمور بأريحية وببساطة،وهيئ نفسك على التسامح دوماً، وتذكر قول الله عز وجل، في سورة فصلت(مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِوَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا،وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) إن للأخلاق الحسنة الطيبة منزلة عظيمة في الإسلام،حيث جاء بالأخلاق الحميدة، وأمر بها وعظم من شأنها، ومنها رد الإساءة بالإحسان، وأن لا ننزل إلى مستوى مَن أساء إلينا، وأن نعامل الآخرين بأخلاقنا لا بأخلاقهم، فحافظ على مكانتك ووقارك وأخلاقك السامية الرفيعة، ورد الإساءة بالإحسان،لأنها من أخلاق وصفات العظماء،ودليلاً على علو النفس،فكن عظيماً ولا تنجر إلى الشر والسوء،فأنت الرابح الفائز،
فهذا نبينا محمد،صلى الله عليه وسلم،هو الأسوة والقدوة الحسنة، حيث كان خُلقه القرآن،وكان أهل بيته من أسعد الناس بهذا الخلق، فلنكسب الناس،القريب والبعيد،المسلم وغير المسلم، وذلك بأخلاقنا، وأدبنا، وحبنا، وسماحتنا،وعفونا،وصفحنا، وسعة صدورنا، فالواحد منا كل يتعامل مع الناس في العمل وفي السوق وفي الشارع، وربما يتصرف بعض هؤلاء بسوء خلق، بجهالة وسفاهة وجفوة، وعبوس، وقد يمتد الأمر إلى سب وشتم وطعن وتطاول، فهل نقابلهم بنفس الأخلاق،بالطبع (لا) لأن الشخص الكريم العفيف النبيل يرد الإساءة بالإحسان، ويترفع عن مقابلة السيئة بالسيئة، والخطأ بالخطأ، وعلينا أن لا نغتر لمن يقول بأن ذلك يعد ضعفًا أو خوفًا، بل يجب علينا أن نؤكد له بأن ذلك دليل قوة وصلابة وعزيمة صادقة بالتقيد بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وكلنا يعلم بأن رد الإساءة بالإحسان قد يكون تصرفاً صعباً بحكم أن نفس الإنسان بطبيعتها تتأثر وتتألم وتتضايق من إيذاء الآخرين لها بالسوء، ولكن يظهر هنا فضل الصبر والتحمل والحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح، فأنت النبيل وصاحب الخلق الرفيع، ومهما تعجرف وتتطاول وتمادى الطرف الآخر،فإنه في قرارة نفسه يشهد بحسن خلقك،ولن ينسى أبداً موقفك الرائع معه،فهو دليل على صفاء القلوب، علينا نسيان الإساءات،طمعاً في ثواب أكبر وعفو لا ينقطع بإذن الله، ولنتذكر دائماً(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)
والإساءة إلى الآخرين تحتاج التخلي عن الأصول،والأدب والحياء،والتحلي بنوع من السفاهة وسوء الأدب،
ولهذا تجد من أدمن الإساءة إلى الناس،مرة بالسخرية منهم،ومرة بالغيبة،وقبيح القول وبتتبع العورات والنقائص لينشرها بين الناس،
تجد هذا الصنف من الناس،أجهلهم وأبعدهم عن التحلي بمكارم الأخلاق،
إن الله تعالى،أمرنا أن نكون من المحسنين في كل شيء(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)البقرة،
وإساءة الواحد منا في الحقيقة ترجع إليه،كما قال الله تعالى(إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)الإسراء،
أي،فإليه ترجع الإِساءة لما يتوجَّه إليه مِن العقاب،فرغَّب في الإحسان، وحذَّر مِن الإِساءة،
ومن أجل هذا المعنى قيل،من رضي لنفسه بالإِساءة، شهد على نفسه بالرداءة والدناءة،
وتزداد الإساءة قبحاً وذماً إذا كانت متوجهة على أن يحسن إليه كالوالدين،ولهذا قرن النبي صلى الله عليه وسلم،الإساءة إلى الوالدين بأعظم ذنب على الإطلاق وهو الشرك فقال(أَلَا أنبِّئكم بأكبر الكبائر،ثلاثاً،قالوا،بلى، يا رسول الله،قال،الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)
فالمسيء في هذه الدَّار،سلبه الله الإحسان في الأخرة بالشَّفاعة، فإنَّ الإنسان إنَّما يحصد ما يزرع،
قال السعدي(أي،إذا أَسَاء إليك أعداؤك بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإِسَاءة، مع أنَّه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإنَّ ذلك فَضْلٌ منك على المسيء،
الاستغفار،عن علي رضي الله عنه قال(ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك، ولكن الخير أن يَكْثُر علمك، ويَعْظُم حلمك، وأن تباهي النَّاس بعبادة ربِّك،فإن أَحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله،
حسن الظَّنِّ بالله،إنَّما عمل النَّاس على قدر ظنونهم بربِّهم،
عن الحسن رحمه الله(ما أطال عبدٌ الأمل إلَّا أَسَاء العمل،
هنالك عدة أساليب في فن التعامل مع الناس،كن متميزاً في الأشياء التي تحسن عملها،ليحس الناس بقيمتك وأهميتك،
أظهر مشاعرك تجاه من تحب،
حافظ على ودك للشخص مهما بدر منه تجاهك،
هذب تعاملك مع مخالفيك في المنهج والرأي تكسب القضية،ولا تتعدى الخطوط الحمر لدى صاحبك،ولا تتدخل في خصوصياته،
وعليك بأن تكون مستمعاً بعدم المقاطعة والإنتباه لحديث غيرك،
تجنّب الحديث عن النّفس وما تُخفي،لأنّ النّاس لا تحبّ من يتكلّم عَن نفسهُ دائماً، وقد يوصفُ بالغرور وعدم الثّقة بالنّفس،
والاستماع إلى كلام الآخرين،لأنّ الاستماع يجعل منَ الشّخص يعرف ما المقصد من الحديث،فالإنصاتِ نصفُ الحكمة،
الابتعادِ عن الكلام البذيء،لأنه يَهدمُ العلاقات مهما كانت قويّةً ومترابطةً،ويقلّل مكانته بين النّاس،
الهدوء عند التحدّث،يجعل آذان الآخرين تُنصت للمتحدّث،
عدم تقديم النّصيحة لأحد إلّا إذا طلبَ هو ذلك،
والابتعادِ عن النّميمة والغيبة،والتّكلّم بشيء مفيد وله دلالة،
الثّقة في التّعامل،إن لم تكن موجودةً ليس هناك علاقة راسخة وتكون مهزوزة قد تُهدم في أيّ وقت، وهذا الأمر لا يعني أن يثقَ الإنسان بالآخرين ثقةّ عمياء ويأمنهم، بل تعني أن يكون هناك علاقة واضِحة مبنيّة على الصّدق وعدم الخداع، والابتعاد عن المصالح الشّخصيّة،
بناء مواقف جميلة،كالوقوفِ مع الآخرين في أزماتهم وتقديم المساعدة والعون لهم،وعدم الإساءة إلى الآخرين ومراعاة مشاعرهم،
رسم الابتسامة على وجوه الآخرين،ويبقى الشّخص مُبتسماً مرحاً حتّى يجذب الآخرين إليه ولا ينفرونَ منهُ،وبالتّالي الابتسامة هيَ أوّل الطّريق إلى القلب،والتّواضع والابتعادِ عن الكبرِ والغرور،