لن يستغرق الأمر سوى دقائق معدودة قبل أن تقرر إذا كنت قد أحببت شخصاً ما عقب تعرفك عليه أم لا، ربما لا تكون مدركاً لذلك، ولكن عقلك الباطن يحكم على الشخص الذي تقابله في اللحظة التي تراه فيها، فتبحث باللاوعي عن إشارات تخبرك عن نوع شخصيته، وعما إذا كان في مقدورك الوثوق به، وما إذا كان يتحلى بالثقة بالنفس أم لا، ولسوء الحظ، فإن الانطباعات الأولى تدوم، ولا توجد فرصة ثانية لترك انطباع أول!
وعلى الرغم من أن هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى إمكانية تغيير الانطباع الأول، فإنه أمر غاية في الصعوبة ويستغرق وقتاً طويلاً.
ترك انطباع جيد عن نفسك هو أمر مهم جداً في كل منحى من مناحي حياتك، بدءاً من التعرف على أناس جدد اجتماعياً، إلى إجراء مقابلة شخصية مهنياً.
وقد أظهرت إحدى الدراسات، في مجلة علم الاجتماع الأميركي، أن أرباب العمل غالباً ما يفضلون تعيين الأشخاص الذين أحبوهم شخصياً خلال مقابلة العمل على المرشحين الأكثر تأهيلاً.
ولذلك من المهم جداً أن تحرص على ترك انطباع جيد عن نفسك، وأن تقدم نفسك بالصورة التي ترغب أن يراك من خلالها الآخرون.
إليك 6 عوامل أثبتت قدرتها علمياً على مساعدتك على ترك انطباع أول جيد، وسوف تلاحظ أن الكثير من هذه العوامل مرتبطة بإظهار الثقة بالنفس، وهذا لأن ثقتك بنفسك ستجعل الآخرين يثقون بك:
- كن مستمعاً جيداً واترك الطرف الآخر يتحدث:
يقول الدكتور والين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بيتسبرغ: إن السر وراء جعل الآخرين يحبونك يكمن في أن تظهر لهم أنهم مهمون، يحب الناس التحدث عن أنفسهم، ويمكنك قيادة الحديث بسلاسة من خلال توجيه بعض الأسئلة التي تظهر اهتماماً بالطرف الآخر، سواء كان الحديث اجتماعياً ودوداً أو حديثاً رسمياً أثناء مقابلة عمل.
أظهر للشخص الذي تتحدث إليه أنك تهتم اهتماماً حقيقياً بحديثه، وحتى يتحقق ذلك عليك بالانتباه إليه حين يتحدث، والإيماء له بأنك تصغي، ولا يجب عليك مقاطعته، ولا تكمل له جملته، ومن المزعج جداً أن تغير الموضوع باستمرار أو تظهر عدم اهتمام بما يقول.
تذكر دائماً أن المحادثة أمر يعتمد على طرفين وليس طرفاً واحداً، ومن ثم عليك الحرص في أية مناقشة على أن تمنح الطرف الآخر فرصة حتى يعبر عن نفسه ويتحدث بحرية.
- تواصل بالعين مع من تتحدث
أظهرت إحدى الدراسات أن الأطباء الذين يتواصلون بالعين مع مرضاهم كانوا محبوبين وموثوقين أكثر، بالإضافة إلى أن التواصل بالعين جعلهم أكثر تعاطفاً بالنسبة لهؤلاء المرضى.
وتنطبق نتائج هذه الدراسة خارج مجال الطب في كل المجالات الأخرى؛ نظراً لأن التواصل بالعين يعكس الثقة بالنفس، مما يخلق حالة من الثقة في عقل الطرف الآخر.
علاوة على ذلك، أظهرت دراسة أخرى أجرتها صحيفة "الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" أن التواصل بالعين أثناء الحديث إحدى أهم الوسائل التي تجعل الطرف الآخر يراك شخصاً ذكياً، مما قد يكون مفيداً بالنسبة لك إذا كنت تجري عرضاً تقديمياً في العمل، أو تجري مقابلة عمل شخصية.
ولكن عليك الحرص على عدم المبالغة في الأمر، فلا ينبغي عليك أن تحملق فيهم، فإطالة النظر والحملقة قد تعكسان سلوكاً عدائياً، ما يجعل الطرف الآخر يشعر بعدم ارتياح خلال الحديث.
حاول ألا تتواصل مع الآخرين بالعين طيلة فترة الحديث، وأفضل طريقة للقيام بذلك من خلال النظر إلى أعين الآخرين عند تحيتهم، والنظر إليهم بانتظام بين فترة وأخرى خلال الحديث.
- ارتدِ ملابس مشابهة لملابس الطرف الآخر
قد تدرك مدى أهمية الملابس التي ترتديها في ترك الانطباع الأول خلال أول لقاء، يبذل أغلب الناس مجهوداً في اختيار ملابس مميزة، أو خاصة، في لقاء أو موعد أول يهمهم، إلا أن الارتداء على نحو خاص ومميز قد لا يساعدك بالضرورة في ترك الانطباع الأول الجيد المطلوب.
أظهرت إحدى الدراسات التي أجراها معهد الطب النفسي بجامعة ساو باولو أن ارتداء ملابس تتشابه مع ملابس الشخص الذي ستقوم بلقائه تساعد على ترك انطباع أولي جيد.
يجنح الناس إلى حب الأشخاص المشابهين لهم، ولذلك بدلاً من أن تختار ملابس لافتة للنظر أو مميزة لترتديها، عليك باختيار ملابس تتشابه مع أسلوب ملبس الشخص الذي ستلتقيه.
إذا علمت أن الشخص الذي ستقابله يحب الملابس المريحة غير الرسمية، ارتدِ ملابس مماثلة، والعكس صحيح، إذا علمت أنه يفضل الملابس الرسمية، اجعل من مظهرك أكثر رسمية.
- طريقتك في الوقوف
يمكن لطريقتك في الوقوف أن تخبر الكثير عن شخصيتك دون أن تتحدث.
إن الوقوف في وضعية مريحة واثقة -يكون فيها الذقن للأعلى والذراعان إلى جانبك وظهرك يكون مستقيماً- تعد جميعها لغة جسد تشير إلى أنك شخص مرحّب ودود وواثق من نفسه.
- نبرة الصوت
تتغير نبرة صوتك والطريقة التي تتحدث بها كثيراً، وفقاً للموقف الذي تكون فيه، فصوتك وأنت في موقف قوي يختلف عن صوتك وأنت في موقف ضعيف، ومن ثم يمكن للآخرين التنبؤ بمدى قوتك وثقتك بنفسك من خلال نبرة صوتك.
الخبر السار هنا هو أنه في مقدورك التحكم في نبرة صوتك حتى تظهر المزيد من القوة والثقة بالنفس، وفقاً لأحد الأبحاث التي أجرتها مجلة "سيكولوجيكال ساينس" للطب النفسي، فإن ما يضفي على نبرة الصوت الثقة هو أن تتكلم بنبرة صوت منخفضة نسبياً (شرط أن يكون مسموعاً وواضحاً)، والتكلم بطريقة حيوية (أي مع وجود نطاق أكبر من الصوت والهدوء).
- النظافة الشخصية
ليس هناك مجال للشك في أن النظافة الشخصية أمر هام بصفة عامة، ولكنه أمر مهم بصفة خاصة إذا كنت ستقابل شخصاً للمرة الأولى وتترك انطباعاً لديه.
فلتحرص على نظافة فمك، وتنظيف أسنانك، فليس هناك ما هو أسوأ من التحدث إلى شخص ذي نفس كريه، فذلك سوف يبعد من يتحدث إليك عن التركيز على الحديث بشكل سلبي.
وأخيراً عليك التأكد من أن ملابسك وأظافرك وشعرك نظيفة ومرتبة.
وإذا كنت ستستقبل أحداً في منزلك لأول مرة، عليك أن تحرص على أن يكون منزلك نظيفاً ومرتباً، فالأشخاص الذين يمتلكون منازل مرتبة ونظيفة ينظر إليهم بأنهم أكثر ذكاء وحرصاً من غيرهم.