جعل الله لكل خير و شر مفتاحا و بابا يدخل منه إليه كما جعل الشرك و الكبر و الإعراض عما بعث الله به رسوله، و الغفلة عن ذكره و القيام بحقه مفتاحا للنار. و كما جعل الخمر مفتاح كل إثم، و جعل الغنى مفتاح الزنى، و جعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب و العشق، و جعل الكسل و الراحة مفتاح الخيبة و الحرمان، و جعل المعاصي مفتاح الكفر، و جعل الكذب مفتاح النفاق، و جعل الشح و الحرص مفتاح البخل و قطيعة الرحم و أخذ المال من غير حله، و جعل الإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة و ضلالة، و هذه الأمور لايصدق بها إلا كل من له اصيرة صحيحة و عقل يعرف به ما في نفسه و ما في الوجود من الخير و الشر، فينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح و ما جعلت المفاتيح له و الله من وراء توفيقه و عدله، له الملك و له الحمد و له النعمة و الفضل لا يسأل عما يفعل و هم يسألون. (ابن قيم الجوزية – كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح).