السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين من فضلكــ لآ تدع الشيطان يمنعك ..ردد .. معــي .. سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ
السؤال : هل شريكة الحياة اختيار من العبد أو قضاء من الله؟
ج: الحمد لله يجب أن نعلم ابتداء أنه لا تعارض بين إيماننا بتقدير الله لكل شئ وإيماننا بأنه سبحانه أعطانا مشيئة وإرادة نتمكّن بها من فعل الأشياء ، قال تعالى مثبتا مشيئة العباد : (لمن شاء منكم أن يستقيم ) ، ومشيئتنا وإرادتنا هي ضمن مشيئة الله لا تخرج عنها كما قال تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) وعليه فلا يصح ضرب هذا بهذا ولا يجوز نفي هذا ولا هذا لأنّ الله أثبتهما جميعا فأثبت للعبد قدرة واختيارا وأثبت مشيئته سبحانه التي لا يخرج عنها شيء ، وإذا طبّقنا هذا على ما ورد في السؤال فإننا نؤمن أنّ للعبد مشيئة يمكنه من خلالها أن يختار من يريد من النساء ليتزوجها ومهما حصل من اختيار العبد فإنّه مكتوب عند الله ، وهذه الإرادة من العبد والاختيار والمشيئة سبب لحصول مقصوده وتحقيق مطلوبه يتوصّل من خلالها إلى ما يريد ، وقد تقوم موانع تحول بين العبد وبين الوصول لمطلوبه ومراده فيعلم العبد أنّ الله لم يقدّّر له ما أراد لحكمة يعلمها سبحانه وكلّ أفعاله سبحانه خير ، والعبد لا يعلم الغيب ولا مآلات الأمور وقد يتأسّف على فوات شيء والخير في فواته ، وقد يكره وقوع شيء والخير في وقوعه كما قال سبحانه (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ(216) سورة البقرة وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
السؤال : الزواج من مقدرات الله وهو رزق فما دور العبد في ذلك؟
مع علمي أن الله يقدر ذلك في ووقت محدد عنده ولا دخل للعبد في ذلك.
ج: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد غاب عن ذهن الأخ السائل أن الإيمان بالقدر لا يعني التخلي عن الأسباب، بل إن وقوع المسببات على حسب أسبابها هو من قدر الله تعالى.
فمع إيماننا بأن الله بيده كل شيء، وأنه قدرّ كل شيء، فنحن مأمورون من قبل الله بالأخذ بالأسباب، ونؤمن بأن هذه الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله.
ويجمع ذلك عبارة ابن تيمية حيث يقول: فالالتفات إلى الأسباب، واعتبارها مؤثرة في المسببات شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع. ا.هـ مجموع الفتاوى8/528.
ويقول شارح العقيدة الطحاوية: قد يظن بعض الناس أن التوكل ينافي الاكتساب، وتعاطي الأسباب، وأن الأمور إذا كانت مقدرة فلا حاجة إلى الأسباب، وهذا فاسد، فإن الاكتساب منه فرض، ومنه مستحب، ومنه مباح، ومنه مكروه، ومنه حرام، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المتوكلين يلبس لأمة الحرب، ويمشي في الأسواق للاكتساب. الطحاوية ص301.
وقال ابن القيم : فلا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى، وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، وإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد من هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً. زاد المعاد 3/67.
والحاصل أن تعاطي العبد للأسباب النافعة، سواء في الزواج، أو في الرزق، أو في الدراسة، أو في العلاج داخل في الإيمان بالقدر، ولا ينافيه، وإنما هو مقتضى من مقتضياته، وبغير هذا الفهم للقدر تبطل الحكمة، وتتعطل السنن، وتفسد مصالح الناس. والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه السؤال : هل الفتاة التي يتقدم لها الكثير من العرسان وترفضهم بدون تفكير هل من الممكن أن يكون فيهم الشخص الذي هو نصيبها المكتوب لها عند الله، وبسبب رفضها ضاع منها نصيبها الذي حدده لها الله؟
ج:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فكل ما قدره الله وكتبه للعبد لا بد أن يقع، فلا راد لقضائه سبحانه، ولا معقب لحكمه، فإذا كان سبحانه قدر لك الزواج من شخص، فسيقع ما قدره سبحانه حتما، ولا يستطيع أحد رده. ولكن لا بد من التنبه إلى أن الله سبحانه قدر الأشياء بأسبابها التي توصل إليها، فإذا قدر على سبيل المثال إنبات الأرض قدر أسباب ذلك من بذر الحب وحرث الأرض ونزول المطر ونحوه مما يتوقف إنبات الأرض عليه، ولا تنبت بدونه. وإذا قدر سبحانه أن تحمل الزوجة بولد، قدر أسباب ذلك، من زواج .. الخ، وإذا قدر لك الزواج قدر أسباب ذلك، من اهتمام بالخاطبين، وتفكير جدي في الزواج، ونحو ذلك. وبالجملة، فكل ما قدره الله من أحوال العباد وعواقبهم، فإنما قدره بأسباب يسوق بها المقادير، والله خالق الأسباب والمسببات، وإذا عرفت هذا، عرفت أن الزواج مقدر بأسبابه، وليس مقدرا بلا سبب، وكذلك العنوسة وعدم الزواج قدره بأسبابه التي منها رفض الخاطبين بدون تفكير، وكل ذلك بقدر الله -السبب والمسبب- ونحن مأمورون من الله تعالى بالأخذ بالأسباب لتحصيل ما ينفعنا ونفع ما يضرنا، والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه هَلِ اختيارُالزوج أوِ الزوجة مُقدَّر من الله تعالى أم إنَّه منِ اخْتِيارِ الشَّخص؟
فإنَّ الله قدَّر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض بِخمسين ألفَ سنة؛ كما رواه مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
وفي سنن أبي داود والترمذيِّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم قال: "إنَّ أوَّل ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتُبُ يا رب؟ قال: اكْتُبْ مقاديرَ كُلِّ شيءٍ حتَّى تقومَ السَّاعة". وفي الصحيحَيْنِ وغَيْرِهِما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "إنَّ أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمِّه أربعين يومًا نُطفة، ثُمَّ يكون علقةً مثلَ ذلك، ثُمَّ يكونُ مضغة مثلَ ذلك، ثم يُرْسَلُ إليه الملكُ فينفخ فيه الروح، ويُؤْمَرُ بأربعِ كلِمات، بِكَتْبِ رِزْقِه وأَجَلِه وعَمَلِه وشقيٌّ أَوْ سعيد" .. الحديث.
وقد سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن إسقاط الأسباب نظرًا إلى القَدَرِ فردَّ ذلك؛ كما ثبت في الصحيحَيْنِ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "ما منكم من أحد إلا وقد عُلِمَ مقعده من َّة ومقعده من النار الجنة، قالوا: يا رسول الله، أفلا نَدَعُ العَمَلَ ونتَّكِلُ على الكِتاب؟
فقال: لا، اعملوا فكلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِقَ له".
ولا رَيْبَ أنَّ الزَّواج من جُملة الأمور التي قدَّرها الله سبحانه وتعالى على خلقه قبل أن يَخلُقَهم فلا يُمكن أن يتزوَّج الإنسان إلا بِمَنْ قدَّر الله له ذلك، ولا يُمكِنُ أن يستمرَّ زواجُهما إذا كان اللَّه قدَّر فِراقَهُما. لكن هذا لا يَعني أن نترك الأسبابَ الَّتي قدَّرها اللَّهُ لِتحْصِيل الزَّوجة الصَّالحة أوِ الزَّوج الصَّالح، بل لنا أن نبذُلَ كُلَّ سببٍ مُباح نَراه يُحَقِّقُ لنا ذلك، وهذا أيضًا من قدر الله، وفي نِهاية الأمر لن يكونَ إلا ما قدَّره الله. طريق الاسلام