عنوان غريب ، ولكنه حدث بالفعل ، كما يقول الشيخ محمـد رشيد رضا صاحب مجلة المنار..
ففي سنة 1917م وأثناء الحرب العالمية الأولى قاد الجنرال البريطاني (أدموند أللنبي) ما يسمى (التجريدة المصرية) والمكونة من مليون جندي مصري تحت إمرة ضباط إنجليز، قادها في معركة غزة الثالثة، بعد أن فشل سلفه الجنرال (أرشيبولد ماري) في احتلال غزة مرتين، وتمكن أللنبي من مفاجأة الحامية التركية في غزة والتي استبسلت استبسال بطولي، وقام بعملية التفاف عليها من بئر السبع، واحتل غزة بعد أن دمرت ، وسقطت مئذنة مسجدها العمري الشهير وتهدمت جدرانه.
توجه الجنرال اللنبي بعدها نحو القدس وتمكن من دخولها، رافعاً علم الصليب على مآذن المسجد الأقصى وقال كلمته الشهيرة: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".
لا شك أن كل مسلم غيور في العالم يشعر بغصة ومرارة لاحتلال القدس وسقوطها تحت نير الصليبيين والصهاينة، ولكن مما يزيد من هذه الغصة والمرارة أنها سلمت لهؤلاء الكفرة الظلمة بسواعد مسلمة، هكذا يفعل الجندي العربي المصري عندما يتخلى عن عقيدته، ويصبح يقاتل تحت راية عصبية أو قومية .. فيرى الصديق عدواً، والعدو صديقاً. ولست أرى ما يجري اليوم في مصر الحبيبة إلا تكرار لما حدث بالأمس، فما حدث في سنة 1917م مع غزة، يتكرر اليوم سنة 2013م، فغزة أصبحت عدواً، والمقاومة الفلسطينية أضحت إرهاباً، والفلسطيني شخص منبوذ غير مرغوب فيه، أما السفير الصهيوني فهو صديق، والسائح اليهودي مرحبٌ به في المطارات وفي شواطئ طابا وشرم الشيخ.
ولكن ليعي الجندي المصري وليستيقظ، فإن أضاع البوصلة، ولم يعرف عدوه من صديقه، فليستدعي من الذاكرة أسلافه الأبطال من أمثال: سليمان خاطر، الذي رفض أن يداس العلم المصري فأطلق رصاصه على صدر الجنود الصهاينة الذين أهانوا كرامته. وليتذكر الجنود المصريين الذين اجتاحوا خط بارليف وعبروا قناة السويس مكبرين، والجنود المصريين الأسرى الذين أعدموا على يد قوات الإرهاب الصهيونية في حرب 1967م ودفنوا تحت رمال صحراء سيناء.
وليعي الجندي المصري، أن الإعلام الكاذب هو آلة من آلات الصهيونية الخبيثة لتدمير العلاقة بين أبناء الوطن والدين الواحد، من خلال قلب الحق باطلاً والباطل حقاً، وليتذكر الجندي المصري قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه".