وأشار تقرير اقتصادي صادر أول من أمس (الأحد)، عن شركة «Macro Management Consulting» بعد درسها تاريخ «فقاعات العقار» عالمياً ومحلياً، إلى أن السعودية شهدت طفرة فريدة من نوعها بعد اكتشاف النفط ونمو الاقتصاد بشكل كبير، تسببت بدورها في «فقاعة عقارية» بعد ارتفاع معدلات التضخم في الثمانينات والتسعينات من القرن الميلادي الماضي، إلى 30 في المئة، وازدياد حجم الانفاق الحكومي بشكل كبير.
وساهمت قروض التنمية العقارية في خلق تلك الفقاعة، إضافة إلى التغيرات الاجتماعية الحاصلة في الأسرة السعودية لناحية رغبة الشباب بالاستقلال في منزل خاص.
وأوضح التقرير أن قيمة العقارات أخذت في الانحدار خلال فترة الثمانينات بشكل كبير، وأدت التغيرات في أسواق النفط بعد انخفاض قيمته بنسبة 60 في المئة إلى تدهور في قيمة الأصول العقارية، إذ انخفض الايجار بـ50 في المئة، وأسعار الأراضي بـ80 في المئة، إضافة إلى اندلاع «حرب الخليح» في العام 1990 والتي أدت إلى انخفاض أسعار الأصول العقارية بـ35 في المئة، صاحبه عزوف شديد عن شراء تلك الأصول.
ولفت التقرير إلى أن مؤشرات سوق العقار السعودي حالياً تظهر تراجعاً وعجزاً في القدرة الشرائية العقارية، إذ تعاني من حال ركود منذ سنتين، من دون أي مؤشرات على تحسنها، مسببة تراجعاً في السيولة بـ47.2 في المئة، مع تصاعد معدلات العرض بـ50.4 في المئة في العام الحالي.
وبحسب التقرير؛ بلغ إجمالي عرض السوق العقارية 4.6 تريليون ريال، مقارنة مع القوى الشرائية للأفراد، والتي لم تتجاوز 1.1 تريليون ريال، مشيراً إلى وجود عجز بقيمة 3.5 تريليون ريال، بينما شهدت مؤشرات القروض العقارية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الربع الثاني من العام الحالي، إذ ارتفع إجمالي القروض الاستهلاكية بـ7.9 في المئة، مقارنة في الفترة المماثلة من العام الماضي، لتصل إلى 343 بليون ريال، بحسب ما ذكرت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما).
وذكر التقرير أن القروض العقارية التي منحتها المصارف إلى الأفراد والشركات خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 191.8 بليون ريال، بينما كانت في نهاية العام الماضي حوالى 186.7 بليون ريال.
وشهدت أسعار الأراضي خلال السنوات السبع الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في مناطق المملكة الكبرى، متمثلة في الرياض بمتوسط ارتفاع يقدر بـ64 في المئة، وفي مكة المكرمة بـ590 في المئة، بينما بلغت نسبته في الشرقية 17 في المئة.
وعزا التقرير وجود «الفقاعات العقارية» إلى مسببات ومؤشرات تفيد بوجودها أو قربها، من بينها: مؤشر ناطحات السحاب، وقرار رسوم الأراضي البيضاء، وارتباط أسعار العقار في أسعار النفط والإنفاق الحكومي.
ولفت التقرير إلى أن قرار إنشاء «برج المملكة» في جدة أشار إلى وجود «فقاعة عقارية» في السوق السعودية، لافتاً إلى أن تطبيق قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء المخصصة للسكن أو السكن التجاري سيسهم في حل مشكلة تضخم أسعار الأراضي وفك الاحتكار.
وأشار إلى أنه سيؤثر في أسعار الأراضي بحسب الموقع الجغرافي، إذ من الممكن أن تنخفض ما بين 20 إلى 30 في المئة، بينما من الممكن أن تثبت في بعضها أو ترتفع.
من ناحية أخرى، أكد عقاريون وجود علاقة طردية بين النفط وأسعار العقارات من خلال تأثير الإيرادات النفطية في الإنفاق الحكومي.
وأشار التقرير إلى أنه بالنظر إلى تاريخ «الفقاعات العقارية» في السوق العالمي، فإن متوسط المدة الزمنية لحدوثها هو 19 عاماً، والمدى يبدأ من 18 وحتى 22 عاماً لحدوث دورة كاملة، وهو ما أكدته الدراسات الاقتصادية للسوق العقارية العالمية التي قام بها الاقتصادي غوتليب في سبعينات القرن الماضي.
وتوقع التقرير بناءً على الأداء التاريخي للسوق العقارية في المملكة تعرضها إلى الانخفاض، لافتاً إلى أنه قد يستمر من 4 إلى 7 سنوات، يدخل بعدها في حال ركود، ويستمر فيها لسنوات عدة، ما يشير إلى حدوث «فقاعة عقارية»، مبيناً أنه في حال اتباع «فقاعة العقار» الحالية الفقاعات السابقة في جميع أحوالها ومتغيراتها؛ فقد يستمر الانخفاض إلى سبع سنوات، بنسبة تصل إلى 50 في المئة.
وبناء على ارتباط أسعار العقار في النفط، فإنه من المتوقع استمرار الانخفاض لسنوات عدة مقبلة، ثم الدخول في مرحلة ركود.
وقدم اقتصاديون توجيهات ونصائح لمواجهة التدني في أداء السوق، منها عدم التسرع في الشراء، مطالبين المواطنين بعدم الانجراف وراء الإعلانات والعروض العقارية، خصوصاً التي بدأت في الرواج حتى تاريخ التطبيق الفعلي لرسوم الأراضي البيضاء، مؤكدين أن أسعار العقارات ستنخفض بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة.
وأكد الاقتصاديون أن مشروعات وزارة الاسكان ستصحح الأسعار العقارية في السوق، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط، لافتين إلى أن الأسعار ستشهد انخفاضاً تدريجياً بـ20 إلى 50 في المئة بعد انهاء الاحتكار بتطبيق الرسوم في المراحل الثلاث، وسترواح في المرحلة الرابعة منها بين 50 إلى 70 في المئة، ما سيقضي عملياً على ممارسات الاحتكار، بحيث لم يكون ممكناً لأي شخص الاحتفاط بـ10 آلاف متر مربع في المدينة الواحدة إلا في حال دفع الرسوم.