في كل مرة تتعرض أمتنا لمثل هذه الأزمات تبدأ ردود أفعالنا وتظهر ثوراتنا المكبوتة في الداخل من القهر وعدم القدرة على البوح وربما من عدم الاهتمام أو بأهون الأمور وربما ليس من أهونها لعدم الفهم وليس عدم الفهم لقضايانا وأمورنا وحياتنا وسياساتنا بدءا من رغيف العيش وانتهاء باختيار قائد يقودنا في مجتمعاتنا ذنب يتحمله فئة معينة بل هو ذنب الجميع أهون الأمور عدم الفهم ولكن عدم الفهم بماذا ؟؟ ما هو الشيء الذي يجب علينا أن نفهمه ؟ إنه أمر ديننا .. نحن لا نفقه كيف نتعامل مع الأوامر والتكاليف التي أتى بها نبينا صلى الله عليه وسلم ولا كيف نتعامل مع قرءاننا ولا كيف نبني في داخلنا شخصية مسلمة حقة لنكون كما كان سلفنا الصالح لما كانوا في قمة الهرم الدنيوي وحكموا الدنيا بدينهم , بعدلهم , وعلمهم . ونحن لا نفقه فقه الأولويات ولا نفقه ثقافة التدين ولا نفقه تقافة البحث والتعلم لما يحيينا ويجعلنا أسوياء ولا نفقه أهم الأمور ألا وهو البدء من البذرة لتصبح حديقتنا يانعة . ولهذا نرى أننا فقط حائط يرد أفعال الآخرين فينا وصدى يسمع صوتنا نحن ويردده دوما وفقاعات في فناجين تثور وتثور كلما ضاقت واستحكمت وكم من مرة ضاقت واستحكمت وثارت خيلنا في دوائرنا فقط وأرضنا ومحورنا بلا فائدة سوى تفريغ شحنات الغضب والحزن والإحباطات . وكلما حدثت مصيبة من مصائب أمتنا يدور قلمي ليحكي نفس الكلمات ويحث على نفس التوصيات ومؤتمر أعقده مع نفسي ولا أدري كم من بنوده أنفذه أنا قبل الآخرين وليبقى لي فقط قيادة فكري ولا أحد يستطيع أن يبعثره وليبقى يقول دوما : ردود الأفعال الآنية قد تفيد من صناع القرارات أما من الشعوب فلديهم صناعة قرارات أخرى : قد يشاركوا في قرارات آنية ولكن الأهم والأنسب والأفضل والأدوم أن يكون لهم صناعة دائمة لقرارات تبنيهم . كم من مرة تساءلت عن كم الغضب والوقت الذي ننفقه فيه دون أن نترجم هذا الغضب لواقع عملي وآليات تنفيذية لخطوات تجعل من هذا الغضب نفخا لنار العمل لتحرق الوهن والضعف والخمول والجهل . لربما لا يتمكن الإنسان من لجم غضبه لما يرى كم التعذيب والقهر والاستعباد والفساد والمؤامرات . ولكنه ينسى كم من مرة غضب ثم برد هذا الغضب لما يلوي عنق المصيبة ويذهب الحدث ليحل معه فوضى تفكير ويتبعه استسلام للواقع لتعود القصة الأزلية وهي : أن هناك أناس عرفوا كيف يستغلون وقتهم في بناء شخصياتهم وأمور دنياهم على حسابنا لأننا فشلنا في معرفة كيف نبني جسرا نعبر عليه إلى بر الأمان ويكون فهمنا واتباعنا لدستورنا القرءاني وتنفيذ ما اتى به من حياة كاملة تحيينا وتعيننا هو ذاك الجسر . فتتراكم كميات من الفشل والإحباطات التي تجعلنا بين الفينة والأخرى لا نتقن إلا لغة الغضب . وتتعالى صرخات صادقة مخلصة بين الفينة والأخرى من جراء ما نرى من مصائب تحيق بأمتنا الإسلامية تتعالى لتقول الحل معروف وقد تركتموه إنه الجهاد في سبيل الله ويبدأ النداء ويبدأ اللوم لكل من تقاعس بحمل السلاح بكل أنواعه ابتداء من سلاح القلب والقلم وانتهاء بالنار والحديد وتبرز هنا أسئلة حتى نصل بهذا البوح سويا لنقطة قد تنقذ فينا من هو في غرفة الإنعاش إنه قلبي وقلوبكم .. كيف نصل إلى المرحلة التي يكون الجهاد فيه المحور الرئيس لحياتنا ؟ وهل هذه أمة تستطيع الجهاد الآن .؟؟ وما هي مقومات المسلم المجاهد ؟؟ وكل إجابة هنا سيجب أن تخضع لكير البحث من براكين خامدة في جوف قرارنا كل إجابة يجب أن تكون بحكمة لا انفعالية كل إجابة يجب أن يستدل بها من فعل وسيرة المصطفى المجاهد عليه أفضل الصلاة والتسليم كل إجابة يجب أن يفهم فيها فقه الواقع وحال الأمة كل إجابة يجب أن تكون ذات هدف لتعطي منارة وسبلا لا لتكون حبرا فقط ترسم به الفلسفات أو التنظيرات كل إجابة هنا يجب أن تبتعد عن اللوم والتقريع والتحبيط والاتهام كل إجابة هنا يجب أن تكون في البدء وفي النهاية خالصة لله فلنناقش الأولى : كيف نصل إلى المرحلة التي يكون الجهاد فيه المحور الرئيس لحياتنا إن الله سبحانه وتعالى ينظر في القلوب والأعمال ولما يرى منا عملا لنحيي به هذه الفريضة فإنه يسهله لنا حتى يرانا وقد جعلنا همنا كله لنبني الشخصية القرءانية المسلمة لله قولا وعملا فيسخر لنا الأجواء التي تعيننا .. فأي الأعمال نتقن فلنعمل بنية خالصة .. ولا نقول هذا ليس أوان العمل . وهل هذه أمة تستطيع الجهاد الآن ؟؟ سؤال يجيبه كل واحد منا في داخله , سؤال يبحث عن إجابته من فعل السلف الصالح كيف كانوا حتى كانوا أمة جهاد فتحت لهم المدائن ويقيس : هل يفعل فعلهم أو أقل أمر من فعلهم ؟ فإن عرف وفهم فإنه : ينتقل بالفهم لجواب السؤال التالي وما هي مقومات المسلم المجاهد ؟ وهنا يجب أن يفهم أولا ما هو الجهاد وقبل أي شيء البوح هنا يجب أن يكون عاليا وليس همسا وسويا وليس انفراديا مكبلا بخوف من كلمة الجهاد التي ظهرت في الآونة الأخيرة كأنها سيف مسلط على رقابنا إن أعلناها سقطت أوراق شجرتنا المختفية خلف أسوار واهية .. والكل يعلم ما تحاوله دول الغرب ومن ورائها اسرائيل من حذف فكرة الجهاد حتى تبقى كالعلق تمص ثرواتنا ومقدراتنا ويبنون بمالنا حياتهم الجهاد الصريح الذي يخافونه هو جهاد السيف وهم يظنون أننا إن أعلناه قتلناهم واهلكناهم ودمرناهم وهم لا يعلمون أن الجهاد في عرفنا يعني الانتصار للمظلوم ونشر العدل ونشر الدين الحق لا يعلمون أن نشر ديننا ما كان بالسيف أبدا إلا لمن ظلم وبغى وبعد : علينا أن نتعلم تماما فنون الجهاد في كل حين : فنون الجهاد في سبيل الله متنوع وكثير , من بذرة نجني حديقة ومن نقطة نحصل على حرف ومن حروف نحصل على جمل وكتب . فنحن مأمورون بالجهاد أمر بالمعروف ونهي عن المنكر جهاد قولة حق عند سلطان جائر جهاد نصرة المظلوم جهاد مساندة الكل وقت الرخاء والشدة جهاد كل بما يستطيعه تربية النفس على الخير والعمل الصالح جهاد وحمل السيف ساعة النفير والعدوان على دين مال وعرض وأرض جهاد مقاومة الشيطان في كل حين جهاد فعل عكس الهوى جهاد الإنفاق جهاد ترك الشهوات جهاد ومن يزيد .. من يزيد فهل نحن حقا نبوح هنا سويا بكل ما لدينا أم لا زلنا نظن أن الغضب فقط هو المطلوب فلنغضب الغضب الإيجابي ولنجاهد أنفسنا وليرى الله منا عملا دؤوبا له بنية رضاه والجهاد في سبيله فبين غمضة عين وتفتيحتها يغير الله من حال إلى حال ... فإن صدقنا وكان بوحنا ليس همسا في ردهات الخوف وكان عملا كتبنا عنه كثيرا .. وتكلمنا وثرثرنا كثيرا نكون على الطريق