في ليلة أمس ...فاجأتني إبنتي الوسطى (صفا9سنوات)...وهي تتصفح صور حفلة عيد ميلاد صديقتها بسؤال ربما وجه لمعظمنا :
أبي لماذا ﻻ نحتفل بيوم ميلادي أنا وأخواتي....؟
كاد ينهمر مني الجواب الاعتيادي سريعا .....:
ﻷننا يا ابنتي مسلمون وﻷنه ﻻ يوجد أعياد عندنا سوى عيدي الفطر واﻷضحى....وحفلات أعياد الميلاد من عادات النصارى. .... وكنت سأسرد وأشرح عليها (حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستتبعون سنن من قبلكم.....)الحديث الصحيح المشهور
لولا أني تذكرت نصيحة الدكتور فهد الثويني .. ( في أن نضع وقتا كافي للتفكير بما سنقوله للطفل حتى وإن إمتد وقت التفكير ﻷسبوع ) حيث أن ما ستلقيه في أذنه متسرعا.. سيكون راسخا مؤثرا في مخيلته من الصعب تصحيحه.
فتح عليّ السؤال نافذة من اﻷسئله الملحة : هل هذا الجواب مقنع لابنتي ( السؤولة بطبعها) والتي تلتهث لمثل تلك الحفلات...
وهل حقا الإسلام حرم الاحتفال بأعياد الميلاد بسبب التشبه بالنصارى واليهود فقط....؟
هنا قفز إلى مخيلتي حوار مفترض معها :
❓- ماذا لو سألتني إبنتي لماذا نقلد النصارى بكرة السلة و كرة القدم مثلا ولم يحرمها الشرع ؟
فإذا أجبتها بأن الرياضه مفيده...لصحة الانسان و لم يحرم الإسلام التشبه باﻷشياء المفيده.....
❓أجابتني وأيضا عيد الميلاد مفيد...يجتمع فيه اﻷصدقاء الجيدون...يمرحون ويضحكون ويأكلون و ربما نتلو القرآن في أوله ...والدعاء في آخره ....؟ فهل يحرم الله مثل ذلك اللقاء ..والإبتهاج فيه ...!
فإذا أجبتها بأن المشكله ليست في اللقاء بل بالعكس الله يفرح بفرح عباده ولكن المشكله في مناسبة اللقاء أنه هو يوم ميلادك والتشبه بالنصارى ....و هنا لاحظت أني عدت إلى بداية الحديث وأني سأدخلها في حلقه مفرغه ...
عندها أدركت أنني بحاجة لبحث وفهم آخر ...و وجدت نفسي أمام سؤالا يجب الإجابة علية : لماذا شّرع الله أعياد الفطر و اﻷضحى...ويوم الجمعة اﻷسبوعي...
و ما هي الحكمة من العيد..؟ وما العلاقة بين العيد والفرائض؟
فوجدت أن العيد في الاسلام يتميز بما فيه من ربط محكم و وثيق بين أوامر الدين و أمور الحياة لتسير متع الحياة الدنيا و شهواتها الحلال في (مظلة القيم) التي جاء بها الدين الحق وأكد عليها ، وهذا بحد ذاته سر ارتباط العيدين في الاسلام بعبادتين لهما شأنهما وتأثيرهما في بناء الكيان الروحي للانسان ، فعيد الفطر يأتي بعد عبادة الصيام وعيد الأضحى يأتي بعد حج بيت الله الحرام للحاج وعشر أيام ذي الحجة لغير الحاج ، تلك الفريضتان التي يقضيهما المسلم مع سلوكيات راشدة وحرب ضروس مع النفس وتطلعاتها فيخرج منها قوي الارادة وصلب العزيمة قادرا علي تغيير سلوكه وأسلوب حياته بما يرضي الله - وهاتان العبادتان - التي تصل بالعابد إلى هذه الثمرة لابد أن تنتهي بعيد يشعر فيه بفرحة الإنجاز و أداء الواجب.
بعد ذلك أكملت الحوار الإفتراضي مع إبنتي مستلهما مما خلصت إليه بالجواب :
إن الله عز وجل يا ابنتي يحب العمل والنجاح والتفوق والإنجاز ....فيكافأنا على عمل إيجابي مفيد قمنا به ...لذلك شرع لنا عيد الفطر بعد تعب الصيام والقيام.. ..و الأضحى بعد الحج.. ..ويوم الجمعه ..بعد تعب ستة أيام ..وفرحا بالتطهير من الذنوب و اﻷمل بالقبول....... فأنت إذا قمت مثلا بحفظ جزء من القرآن سنعمل لك حفلة .....ولكن أعياد الميلاد هي الإحتفال بزيادة عمرك ..وهذا عمل الله خاضع له كل المخلوقات ولا إنجاز لك أو للمخلوق فيه ........
ولكن فيما❓ إذا سألتني ..إذا لماذا لم تعمل لي حفلات وقد أتممت حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن..ووو....
هنا إنتهى الحوار الإفتراضي ...مصاحبا لشعوري بالتقصير في إستغلال مناسبات عظيمة في حياة أطفالنا و الإهتمام بجوانب هامة في تفكيرهم .... مستخلصا الفوائد التالية:
– يجب تعليم و( تدريب ) الطفل كيف يربط أعماله كلها في الحياة بطاعة لله قال تعلى 0﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
– يجب تعليم الطفل أن المكافأة والهدية والأعياد لا تأتي إلا بعد الإنجاز والنجاح بتحقيق قيمة مضافة في حياته وحياة الآخرين ، اللذان يأتيان بعد التعب والإجتهاد والمثابره ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾
– يجب علينا تعليم الطفل كيفية تحديد الأهداف و وضع الخطط لتحقيقها في كل مراحل حياته
– عدم تفويت فرصة الإحتفال والفرح بإنجاز الطفل وتشجيعه .....حتى ولو بالكلام والإحتضان فقط .....
تمت بعون الله وحمده