عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول : "لا يموتنَ أحدكم الإ وهو يحسن الظنَ بالله عزوجل " رواه مسلم .
حسن الظن من أهم العبادات القلبية وأجملها وأخطرها لأن المؤمن يحسن الظن والعمل والكافر يسيء الظن والعمل , فقد ذكر القرآن الكريم حسن الظن للمؤمن يجعله يرتقي به الى اليقين الذي لا يخالطه شك فقال تعالى : " إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه " فجازاه الله تعالى وكافأه : " فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية " كل هذا النعيم لمن عمل بإيمانه وقلبه ممتلأ باليقين أنه راحع لخالقه وسيقف بين يديه مع حسن الظن بالرب الغفور الودود الرحيم ؟ .
أما الكافر فقد أساء مرتين حينما أساء العمل وارتكب فواحش الأعمال والأقوال والأحول مرة واخرى حينما ظن السوء بالله تعالى من إنكار وجحود قال تعالى : " إنه ظن أن لن يحور " وقال تعالى : " وظننتم ظن السوء " .
وحسن الظن يخلص الإنسان من عذاب الدنيا والآخرة كيف ؟ يعيش الناس في حالة من الهلع والخوف من المستقبل , ما هو المخبوء لي , ربما يهاجمني المرض فأموت, أنا خائف من فقد وظيفتي أو منصبي , أنا أخاف ان لا أحصل على زوجة مثالية أو تخاف هي أن يتقدم بها العمر ولم يتقدم لها خاطب يناسبها فيفوتها قطار الزواج, أو العيش في مرحلة الإحباط وضياع الهدف وغياب الرسالة والرؤية , أنا أخاف أن تذهب تجارتي فجأة بكارثة مخبوءة لي .
أما فيما يتعلق بالآخرة ذنوبي كثيرة , لدي جرائم عظام ,لن يرحمني ربي , لن يغفر لي , لن يقبل أعمالي لأني لم اخلص له بها , أنا مقصر بحق ديني وبلدي وأهلي ونفسي ,وغيرها من الافكار ...
كل هذه الافكار وأمثالها تهاجمنا في كل لحظات حياتنا فتنغص علينا العيش وتجلب لنا التعاسة والشقاء والقلق والكآبة والإضطراب ولكني أقول كل هذه الأفكار هي وهم وسراب وأشباح وراءها الشيطان .
كيف وراءها الشيطان ؟ إسمع لقوله تعالى : " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم " .
وكذلك يقول علماء النفس : (ان 80% من مخاوف القلق التي تعتقد أنها تسبب في كوارث لن تحدث أبداً وإنَ 10% حوادث حصلت لآخرين أخافتنا ان يحدث لنا مثلهم و10% فقط من إجمالي المخاوف هي ما يمكن ان يحدث) .
إذن 90% من القلق والمخاوف لن يحدث و10% محتملة الوقوع ! فعلامَ الهلع والخوف ؟ وأعتقد أن رسالتي وصلت لكم وفهمتم المقصود .
الله تعالى يخبرنا أنه عند حسن الظن فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رب العزة جلا وعلا : " أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيراً فله الخير وإن ظن شراً فله الشر " وهذا الحديث يتكلم عن قانون الجذب بمعنى كل ما يحدث لك إنما سببه ظنك وأن الله تعالى سيكون معك بحسب ظنك به عزوجل .
رسولنا صلى الله عليه وسلم يعلمنا حسن الظن حينما جاء المشركون والرسول وصاحبه في الغار فقال أبو بكر : يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا فقال صلى الله عليه وسلم : " ما ظنك بأثنين الله ثالثهما " متفق عليه .
قصة ابي درداء رضي الله عنه :
ذات يوم كان أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ يسير في الطريق، فجاءه رجل مقبل عليه على هيئة توحي بالفزع ، فقال له : أدرك بيتك؛ فإنه يحترق.
فقال أبو الدرداء: ما احترق ؟!! قال : والله الذي لا إله إلا هو، رأيته يحترق.
قال أبو الدرداء: قلت لك: ما احترق، ارجع إليه فلن تجده قد احترق. فرجع الرجل؛ فإذا بالنار أكلت كل البيوت المحيطة ببيت أبي الدرداء إلا بيته ـ رضي الله عنه ـ،
فرجع الرجل لأبي الدرداء مندهشا متعجبا قائلا: كيف عرفت؟! فأخبره أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أنه تعلم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعاءاً من دعا به عند خروجه من بيته وقاه الله ـ عز وجل ـ فاطمئن قلبه ، وارتاح باله ، وكفي وتنحى عنه الشيطان .
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "من قال ـ يعني ـ إذا خرج من بيته: ـ بسم الله ـ توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت، ووقيت، وتنحى عنه الشيطان " . رواه البخاري
الآن اطرد شبح القلق من رأسك وحطم سلاسل الخوف التي تعيقك من طريق النجاح في الدنيا والفوز في الآخرة , وعش لحظتك الحالية بسعادة لا تجلب لها تعاسة من الماضي أو الخوف من أهوال المستقبل المستترة , قوي يقينك بالله بأنه سيرحمك سيغفر لك سيتجاوز عن سيئاتك وتذكر : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " .