او الملقب برجل الفتنة الكبرى والذي ادعى النبوة وقاد تنظيم السبئية وأعاده للظهور بعدما كاد يختفي وينعدم أثره،
هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عفرة الثقفي، وأبوه كان من الأبطال الشجعان استشهد سنة 13 هـ في معركة الجسر بالعراق ضد الفرس وهو ما ينطبق عليه المثل «نعم الجدود ولكن بأس ما نسلوا»، فإن المختار هذا كان كاذبًا دجالاً محتالاً مخادعًا متلونًا من أجل أغراضه وأهدافه، فأول حياته كان ناصبيًا يبغض عليًا بغضًا شديدًا، وحاول التآمر على ولده الحسن والقبض عليه قبل اتفاق الحسن مع معاوية رضي الله عنهم، ثم انتقل إلى التشيع لما شعر أن الحسين قادم للعراق وأن الأمر سيكون إليه، فلما قتل الحسين انتقل لنصرة ابن الزبير بالحجاز وقاتل معه قتالاً شديدًا حين حاصره أهل الشام أول مرة، فلما أحس باضطراب الأوضاع بالعراق عاد إليها من أجل التخطيط لتملكها وذلك سنة 66هـ.
كان العالم الإسلامي وقتها يمر بمرحلة حرجة شديدة الاضطراب؛ فعبد الله بن الزبير هو أمير المؤمنين الشرعي ودانت له الحجاز واليمن والعراق ومصر وسائر الأمصار، وعبد الملك بن مروان ينافسه الأمر وله الشام، والصراع على أشده بين الرجلين، وهذا ما استغله المختار الكذاب وتلون من حال إلى حال من أجل تحقيق أغراضه، فلما وصل الكوفة سنة 66 هـ وثب على ابن مطيع عامل ابن الزبير عليها وأخرجه منها، وتولى مكانه وأعلن ولاءه لابن الزبير ليكف ابن الزبير عنه، فكان يدعو له على المنابر وفي السر يشتمه ويسبه ويدعو الناس لبيعة محمد بن الحنفية، ويغالي فيه ويزعم أنه المهدي المنتظر والمعصوم، لذلك يعتبر المختار الكذاب مؤسس الفرقة الكيسانية الضالة. وحتى يكسب حب الناس ويـجّمع المسلمين حوله، أخذ في تتبع كل من اشترك في قتل الحسين رضي الله عنه فقتلهم جميعًا، فازدادت مكانته عند الناس، فبدأ بعدها في الجهر بمكنون صدره، فادعى أنه يوحى إليه وأن جبريل يأتيه بالوحي من السماء، واستغل الشيعة الغلاة ذلك فروجوا لهذا الكلام خاصة أنه كان يدعو لابن الحنفية ويغالي فيه، ووصلت هذه الأخبار لعبد الله بن الزبير، فأرسل أخاه البطل المقدام «مصعب بن الزبير» فأخذ في محاربته في وقائع كثيرة وأخبار مهولة حتى قتله في 14 رمضان سنة 67هـ.