الابتلاء: جاء في مختار الصحاح " بلاه الله بخير أو شر" " يبلوه بلوا" و " أبلاه" بالألف، و" ابتلاه ابتلاء " بمعنى إمتحنه.
قال القرطبي : " قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا، ويكون سيئا، وأصله المحنة، والله عز وجل يبلو عبده بالصنع الجميل، ليمتحن شكره، ويبلوه بالبلوى التي يكرهها، ليمتحن صبره.
قال الشاعر:
إذا ابتليت بجاهل كن عاقلا : وإذا ابتليت بعاقل لا تجهل
فأطلق على مصاحبة الجاهل والعاقل: ابتلاء.
الصبر : جاء في المصباح المنير " صبر"، "الصبر" حبس النفس عن الجزع وبابه الضرب، و"صبره" حبسه، قال تعالى: " واصبر نفسك"
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أمسك رجلا، وقتله آخر، قال: " اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر" أي احبسوه.
بعض الآيات والأحاديث المتضمنة للابتلاء والصبر:
الآيات المتضمنة للابتلاء:
أولا: بعض الآيات المتضمنة للابتلاء بالشر:
قال تعالى: " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"، " البقرة/155"
" وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم"، "آل عمران/154".
" ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين"، "محمد/31"
1. عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: يا رسول الله ! أي الناس أشد بلاء ؟ قال:" الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة، زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة، خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض، وليس عليه خطيئة"، رواه الترمذي.
2. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أعطى أحد عطاء خيرا، وأوسع من الصبر"، متفق عليه.
3. عن أبي يحي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد، إلا للمؤمن، إن أصابته سراء، شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر، فكان خير له" رواه مسلم.
4. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أراد الله بعبد خيرا، عجل الله له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبد الشر، أمسك عنه بذنبه حتى يوافي ربه يوم القيامة "، رواه الترمذي، والحاكم عن أنس، والطبراني عن عبد الله بن مغفل .
5. وقال عليه الصلاة والسلام : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فله السخط"، رواه الترمذي وقال حديث حسن .
6. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل قال: " ما يزال البلاء بالمؤمن، والمؤمنة في نفسه، وولده وماله حتى يلقى الله، وما عليه خطيئة"، رواه الترمذي.
لكنه في الشر أكثر، والأمثلة على أنواع الابتلاء بالشر كثيرة، لكننا بكتفي بما سنورده كأمثلة على ذلك، فقد يبتلي المؤمن بضياع ماله كله، أو بعضه، وقد يبتلي بفقد عزيز لديه: أحد والديه أو أحد أولاده، أو إخوانه، أو قريب له، أو عزيز وقد يبتلي بأذى الناس له، فقد يؤذى بالقول، أو بالفعل أو بالجناية على نفسه، أو ماله، أو أهله، أو عرضه، فينسج أعداؤه حوله كثيرا من خيوط التهم، والأباطيل، وينسبون إليه ما ليس فيه، وهو بريء، وبعيد كل البعد عن ذلك، قال ابن قدامة المقدسي: " الصبر على أذى الناس من أعلى المراتب.
وقد يبتلي بظالم يتوعده، ويهدده من حين لآخر، وقد يبتلي بأولاد عاقين أشقياء، أو زوجة شريرة تنغص عليه حياته وتعكر عليه صفوه، كما حصل لنبي الله نوح عليه السلام، فقد ابتلي بابنه وزوجته الكافرين.
وقد يبتلي برفقة السوء يدلونه إلى الشر بدلا من أن يدلوه على الخير، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام :
" إنما مثل الجليس الصالح، وجليس السوء ، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد ريحا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا منتنة "، متفق عليه
وقد يبتلي الإنسان بالفقر والحاجة إلى الناس، وهكذا …
فالدنيا مليئة بالمصائب، والإبتلاءات، وعلمها عند علام الغيوب.