أيها العرب هزمت أمريكا ورب الكعبة. العثمانيون الجدد.. عاش العالم يوم الجمعة العاشر من شهر شوال 1437للهجرة والموافق 15 يوليو 2016م معركة مصيرية بين معسكر المسلمين ومعسكر الروم. لقد كانت معركة مصيرية بكل ماتعنيه الكلمة، نتائجها ستحدد سير الأحداث في المنطقة لعقود قادمة. معركة لو انتصر فيها الروم لفتح لهم الشرق الأوسط على مصراعيه، والتهموا فيه دول المنطقة السنية عن بكرة أبيها في لقمة واحدة، ولتلاشت تلك البلدان وانتهت ولم تقم لها قائمة إلا أن يشاء الله. لقد كان طرفاها شعب مسلم، لتوه فاق من رقدته وقام على قدميه، وبين تلك الدولة الصليبية التي تبوأت مقعدها على الأمم والشعوب تسومهم سوء العذاب، تارة بالتهديد وثانية بالتنفيذ والقتل والسحل والتدمير وثالثة بالمكر والخديعة والكذب والشعارات التي تنشرها ثم تأكلها متى جاعت. معركة حامية جمهورها العالم بأسره يتابعها عبر وسائل إعلامها التي اخترعتها هي ونشرتها لتحتفي بنصرها الذي كانت تنتظره، لتقول للعالم: ها أنذا وهذا مصير الشعوب المشاغبة والحكام الذين يخالفون عن أمري. ألقت أمريكا بقضها وقضيضها في تلك المعركة من تخطيط لا أشك أن عمره سنوات واستغلت غلمانها التي بثتهم في الشعوب كلها من مسلمها ونصرانيها لتركع تلك الشعوب إليها فتمتص خيراتها وتركب على ظهورها وتستحمرها. كانت ليلة عجيبة لم يمر على العالم مثلها، ولم ينم المسلمون في المشارق والمغارب فيها، وفي المقابل لم ينم صف الصليب واليهود ومن حشر نفسه معهم. مكروا وخططوا ورسموا وقسموا ولكن.. (وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الماكِرينَ)[الأنفال: ٣٠] . (وَمَكَروا مَكرًا كُبّارًا)[نوح: ٢٢]. (وَقَد مَكَروا مَكرَهُم وَعِندَ اللَّهِ مَكرُهُم وَإِن كانَ مَكرُهُم لِتَزولَ مِنهُ الجِبالُ)[إبراهيم: ٤٦]. (وَمَكَروا مَكرًا وَمَكَرنا مَكرًا وَهُم لا يَشعُرونَ)[النمل: ٥٠]. دخلت أمريكا المعركة بحساباتها الأرضية ورصيدها من التخطيط والرصد والإعداد الذي لا يخيب في عقولهم وفي موازينهم الأرضية، إضافة إلى رصيدهم من انقلابات سابقة ناجحة في هذا البلد وفي غيره، دخلوا أمام شعب لتوه فاق من رقدته وأخذ يتلمس طريقه لينظر في آخر النفق بصيص النور الذي سار عليه أجداده من عباقرة العالم وأسود الشرى الذين أجبروا أمريكا وأولادها على دفع الجزية عن يد وهم صاغرون يوما ما. كان الانقلاب من التخطيط والدقة والإتقان أن وزعوا الغنائم قبل استلامها فعينوا قادة وحكام الأقاليم والمدن وأصحاب المناصب الرفيعة بعد التنفيذ والنجاح. كيف وهي من تعرف رقم قميص صدام وترصد العالم كله وتسجل مكالمات المليارات من البشر وتطلع على مناوئيها وتعرف ما يدور في غرف نومهم؟! وقعت معركة الانقلاب!! فانقلب السحر على الساحر. وقعت المعركة (فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ ما كانوا يَعمَلونَ)[الأعراف: ١١٨]. (فَغُلِبوا هُنالِكَ وَانقَلَبوا صاغِرينَ)[الأعراف: ١١٩]. (فَانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ مَكرِهِم أَنّا دَمَّرناهُم وَقَومَهُم أَجمَعينَ)[النمل: ٥١]. (فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبوا وَقَذَفَ في قُلوبِهِمُ الرُّعبَ يُخرِبونَ بُيوتَهُم بِأَيديهِم وَأَيدِي المُؤمِنينَ فَاعتَبِروا يا أُولِي الأَبصارِ)[الحشر: ٢]. هزمت دولة الروم ورب الكعبة وبطل سحرها ومرغ أنفها بالتراب وانقلب السحر على الساحر. (وَأُلقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدينَ)[الأعراف: ١٢٠]. أرادت أن تحتفل بمرأى من العالم لتظهر كبريائها وغطرستها وجبروتها ولكن الله أراد أن يجعلها إلها من تمر وأن يجعلها عبرة للمعتبرين (وَأَنَّهُ أَهلَكَ عادًا الأولى)[النجم: ٥٠]، وأنه لا يعدوا كيد ساحر هو إعلامها وبعبعها (إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى)[طه: ٦٩]. وفي المقابل نصر الله ذلك الشعب الفتي الذي جريرته أنه شعب مسلم موحد (وَما نَقَموا مِنهُم إِلّا أَن يُؤمِنوا بِاللَّهِ العَزيزِ الحَميدِ)[البروج: ٨]، حيكت الدوائر له من داخله ومن خارجه، وحبكوا الأمور (إِذ جاءوكُم مِن فَوقِكُم وَمِن أَسفَلَ مِنكُم وَإِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا)[الأحزاب: ١٠]. شعب فتي مسالم يتطلع للحياة كما تتطلعها شعوبهم فحاقوا به مكرا ولكن (ِوَلا يَحيقُ المَكرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهلِهِ)[فاطر: ٤٣]. خرج قائد هذا الشعب من الفندق بعد أن علم الخبر فتوضأ وصلى ركعتين ليعتمد على الإله الحق.. (فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَماذا بَعدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنّى تُصرَفونَ)[يونس: ٣٢]. (ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ ما يَدعونَ مِن دونِهِ الباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبيرُ)[لقمان: ٣٠]. (وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلّا هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ)[الأنعام: ١٧]. خرج سالما معافى وكانوا جهزوا العدة ليفجروه ويقطعوه إربا فيكون عبرة للمعتبرين ولكل من وقف في وجوههم وقال لهم: لا. كانوا يريدون أن يجعلوه مثل صدام حسين أو شاه إيران أو مبارك. ولكن.. (إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفورٍ)[الحج: ٣٨]. (أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ وَيُخَوِّفونَكَ بِالَّذينَ مِن دونِهِ)[الزمر: ٣٦]. خرج سالما معافى بإذن من (إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ)[يس: ٨٢]. وأمر من (إِذا قَضى أَمرًا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ كُن فَيَكونُ)[آل عمران: ٤٧]. بإذن من قال: (ثُمَّ استَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلأَرضِ ائتِيا طَوعًا أَو كَرهًا قالَتا أَتَينا طائِعينَ)[فصلت: ١١]. خرج سليما معافى بقدرة الله ومشيئته (وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمىٌ)[الأنفال: ١٧]. أنا لا أتحدث عن تركيا الحكومة وفيها مافيها، ولا عن تركيا العلمنة ومناوأة الدين وفيها مافيها، ولكني أتحدث عن تركيا الشعب المسلم الموحد وفيه مافيه مما يعتري شعوب المسلمين من تغريب وغيره، وهذا لا يضيره ولا يبخسه حقه ولا يجير النصر لغيره، وقطعا انتصر النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته وفي بعضها كان معه المنافقون مندسين وماجير النصر لهم، بل بقي النصر للراية المسلمة الموحدة المسيطرة. انتصر الشعب التركي ومرغ أنف أمريكا بالتراب وجعلها أضحوكة للأمم والشعوب في تلك الليلة،كبر ودعا وهجم على أدوات أمريكا في الشوارع والطرقات وهم يقولون ان الحال: (وَقُل جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إِنَّ الباطِلَ كانَ زَهوقًا)[الإسراء: ٨١]. (قُل جاءَ الحَقُّ وَما يُبدِئُ الباطِلُ وَما يُعيدُ)[سبأ: ٤٩]. وأذنت المآذن (85 ألف مسجد) ليدبر الشيطان وله ضراط ويترك حزبه الخاسر وكأني به يقول ما قاله يوم بدر: (إِنّي أَرى ما لا تَرَونَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَديدُ العِقابِ)[الأنفال: ٤٨]. فخسر حزبه (أُولئِكَ حِزبُ الشَّيطانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطانِ هُمُ الخاسِرونَ)[المجادلة: ١٩]. ثم صلى ذلك الشعب الأبي صلاة الفجر في الميادين فرحا بنصر الله (وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنونَ)[الروم: ٤] (بِنَصرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشاءُ وَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ)[الروم: ٥]. (وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرى وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ)[الأنفال: ١٠]. نام من نام تلك الليلة يائسا متحسرا على الإسلام في تركيا ليستيقظ الفجر وقد قلب الله الأمور على الكافرين (فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبوا)[الحشر: ٢]. (لِلَّهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعد)[الروم: ٤]. (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذينَ كَفَروا بِغَيظِهِم لَم يَنالوا خَيرًا وَكَفَى اللَّهُ المُؤمِنينَ القِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزيزًا)[الأحزاب: ٢٥]. (فَانقَلَبوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسهُم سوءٌ وَاتَّبَعوا رِضوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذو فَضلٍ عَظيمٍ)[آل عمران: ١٧٤]. لقد كان نصرا معنويا بكل المقاييس لم يعهد له نصر للمسلمين على تلك الدولة الطاغوتية منذ قيامها. نعم لم يكن نصرا في وقعة حربية،ولكنه نصر أهم إنه نصر في الضمير، نصر في القلوب وعزة في النفوس،إنه هزيمة لتلك الدولة التي أوصلتها نفوس المنافقين إلى مرتبة الإله الذي لا يهزم. نعم.. النصر يكون في النفوس قبل أن يكون واقعا على الأرض، لقد كان أسلافنا عزيزين بأنفسهم على أعدائهم، ألم تسمع ماذا قال خالد بن الوليد عندم قال له رجلٌ: (ما أكثر الروم وأقل المسلمين؟) وذلك في معركة اليرموك وقد كان الروم (240)ألفا والمسلمون (46)ألفا. فقال خالد: (ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الأشقر براء من توجيه وأنَّهم أضعفوا في العدد). هكذا كانت نفوسهم، نصر في الضمير أولا قبل أن يكون نصرا على الأرض. لقد أراد الله عز وجل أن يري العالم أنها ليست بإله وأنها نمر من ورق وأنها هزمت وأعوانها بالتكبير: (يا الله.. بسم الله.. والله أكبر) وبتكبيرات العيد: (الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. والله أكبر الله أكبر.. ولله الحمد). أسفرت المعركة عن هزيمة نفسية معنوية لحزب أبي جهل والشيطان. وامتلأت قلوب النصارى بالغيظ وطفحت وسائل إعلامهم باللوم والحسرة، وأخرجت ألسنتهم ما تخفيه صدورهم (قَد بَدَتِ البَغضاءُ مِن أَفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أَكبَرُ)[آل عمران: ١١٨]. وقال كيري وزير خارجيتهم والأسى والحزن والكمد والقهر يعتصر قلبه: (لم يكن الانقلاب مخططا له تخطيطا جيدا). وظهروا في سي إن إن كبرى قنواتهم وكبارهم يعقدون الندوات ويتلاومون ويتراجعون على فشل الانقلاب، بل عشرات المحطات عندهم كشرت عن أنيابها وأظهرت علانية مافي نفوس القوم من القهر والغيظ والحنق على فشل مخططاتهم.. (إِذ جَعَلَ الَّذينَ كَفَروا في قُلوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ)[الفتح: ٢٦]. فلله الحمد والمنة على نصره (وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنونَ)[الروم: ٤]. (بِنَصرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشاءُ وَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ)[الروم: ٥]. (وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ)[الروم: ٤٧]. (نَصرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتحٌ قَريبٌ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ)[الصف: ١٣]. (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَلزَمَهُم كَلِمَةَ التَّقوى وَكانوا أَحَقَّ بِها وَأَهلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمًا)[الفتح: ٢٦]. ورجعت مخططاتهم وأموالهم التي أنفقوها وبالا عليهم (إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ وَالَّذينَ كَفَروا إِلى جَهَنَّمَ يُحشَرونَ)[الأنفال: ٣٦]. لقد عز على تلك الدولة الطاغوتية أن ترى ذلها ومهانتها وهزيمتها أمام عينيها فتراها شعوب الأرض قاطبة، ولكنه أمر الله الذي لا مرد له، وكأني بقصة الغلام في صحيح مسلمعندما أمر الملكَ إذا أراد قتله أن يجمع الناس، وقال له: (خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام) فرماه فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام. الحديث مختصرا. فآمن الناس عندما علموا حقا من هو رب الغلام. لقد أسقط في يدها وهي التي ملأت الأرض رعبا في نفوس أوليائها عبر وسائلها التي تصل إلى قعر البيوت طيلة الخمسين سنة الماضية. وهاهو شعب مسلم موحد يبطل سحرها ويفشل مخططاتها منذ بداية الانقلاب الذي وقتوه بالثانية ثم عجلوا به لما انكشف أمرهم ليسقطوا في فخ الهزيمة منذ بدايتها. لقد كان درسا للعالم أجمع شاهدوه عبر وسائل الإعلام الفضائية والتواصل الاجتماعية أن هذه الدولة ليست إلها يعبد من دون الله، وأنها أوهن من بيت العنكبوت (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون)[العنكبوت: ٤١] وإن أوان توجه العالم للبيت الأبيض قد أزف إلى غير رجعة، وآن توجه العالم للكعبة المشرفة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وأن تقديم القرابين لها قد انتهى وآن أوان تقديمها لله الواحد القهار. لقد كان قدرا أن تختار أمريكا هذا الشعب المسلم خصما لها، شعب معتز بدينه ونفسه وليس خانعا ذليلا، عنده حمية - ولا وكس ولا شطط إن كانت في مصلحة الإسلام - وأكرم بها من حمية. شعب لا يخجل أن ينتسب للعثمانيين أجداده. إنهم أحفاد العثمانيين يسمون أكبر جسورهم باسم عثمان الغازي رابع أكبر جسر معلق في العالم والجسر الآخر الجديد باسم السلطان سليم. إنهم أحفاد العثمانيين يتذكرون فتح القسطنطينية كل سنة وينتمون لمحمد الفاتح بفخر واعتزاز. إنهم أحفاد العثمانيين الذين يقرأ قارؤهم القرآن في أيا صوفيا خلال شهر رمضان المنصرم متحدين أوربا كلها عن بكرة أبيها بل ومعها روسيا مهددين بتحويلها قريبا إلى مسجد جامع. إنهم أحفاد العثمانيين الذين رفعوا الأذان في أيا صوفيا قبل الانقلاب بعشرة أيام بعد انقطاع دام 60سنة. إنهم أحفاد العثمانيين ترفع جماهيرهم الكروية شعارات وصور سلاطينهم أمام فرق النصارى لإغاظتها بل وشعارات تحرير فلسطين من اليهود وصور صلاح الدين لإغاظة فرق اليهود، لا كما يعلق أبناء غيرها من الشعوب أسماء لاعبي النصارى على أكتافهم وظهورهم. إنهم أحفاد العثمانيين الذين قالوا لبيريز اليهودي في قلب أوربا: (يا قتلة الأطفال الفلسطينيين)، يقولون ذلك وهم في قعر أوربا بل في سويسرا الدولة الأوربية الوحيدة التي تفتخر بنصرانيتها. إنهم أحفاد العثمانيين الذين أجبروا دولة اليهود على دفع الجزية لأول مرة في تاريخها عن يد وهم صاغرون، كتعويض عما حدث في سفينة مرمرة، سمها ماشئت: تعويضا اعتذارا فدية صلحا.. فهي جزية شاءوا أم أبو. شعب يسمي نفسه أحفاد العثمانيين ويتوق إلى إرجاع انتصاراتهم السابقة وأمجادهم ويكاد يفعل.. شعب عنده عزة وقوة وشدة ولعمري إن هذا بعض من صفات أصحاب محمد صلى الله علبه وسلم (أَشِدّاءُ عَلَى الكُفّار رُحَماءُ بَينَهُم ً)[الفتح: ٢٩]. شعب لديه بأس شديد وهي صفات من يجوس خلال الديار ليرغم أنوف الكفار التراب ويلزمهم الإذعان (عِبادًا لَنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ فَجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعدًا مَفعولًا)[الإسراء: ٥]. شعب أذاق النصارى الأمرين في أوج عزه، عندما كانت جيوش النصارى تهزم رعبا قبل أن تخرج جحافل العثمانيين من القسطنطينية. لقد اختارت أمريكا الخصم الخطأ ظنا منها أنها ستلتهمه كما تلتهم الشعوب الخانعة الذليلة التي دجنت ونسيت تاريخها ومجدها وسؤددها ومواطن القوة والعزة لديها، فانساقت طواعية خانعة ذليلة خائفة بفعل دعايات إعلامية كاذبة ماكرة صورتها بعبعا وهي (كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد). وما علمت أمريكا أنها أخطأت للمرة الأولى في اختيار الخصم لتخطئ ثانية في تقدير قوته فتهزم شر هزيمة. أمريكا التي ما إن ينزل وزير خارجيتها في أي مطار من مطارات العالم ثم يملي تعليماته حتى تنقلب تصريحات تلك البلاد رأس على عقب مائة وثمانين درجة موافقة له.. رغبة ورهبة منه ومن دولته، هاهي تتوسل إلى أحفاد عثمان بن أرطغل شاه، وهاهو وزير خارجيتها منذ الساعات الأولى لفشل الانقلاب يستجدي وينفي ويبرئ بلاده ويبلع ريقه الناشف مدافعا تارة وموضحا تارة، في مشهد مهين، (كاد المريب أن يقول: خذوني)، بل هاهو رئيسها يحلف الأيمان المغلظة ويقسم بأقدس ما عنده أن لا دخل لهم في الانقلاب!! لله دركم أيها الأتراك فقد (مرمطتم) أئمة الكفر (إِنَّهُم لا أَيمانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهونَ)[التوبة: ١٢]. وفي المثل الدارج (لا يفل الحديد إلا الحديد). شعب يفهم الغرب ويعرف كيف يتعامل معه؟ ويرد الصاع صاعين. شعب لم تبهره مخترعات الغرب ولا مقدراته لأنه وبكل (بساطة) يملكها ويخترعها ويعرف أنه تملك وتسخر في سنن الله لمن أخذ بأسبابها، وأنها ليست حكرا على أصحاب العيون الزرق والشعور الشقر. لقد عشنا بعد نشوة النصر نشوة التعبير عنه فها هم قادته يردون الصاع صاعين للغرب ولا يسكتون خانعين ذليلين مستكينين لتصريح قادته. ملقنين قادة الغرب الدروس في العزة وفاضحين وكاشفين لهم أمام شعوبهم معنى الشعارات التي يتشدقون بها ويلوكونها بألسنتهم ثم يدوسونها متى ما أرادوا . قال ذلك الشعب المسلم الأبي: (من دافع عن الانقلابيين فإنه يعلن الحرب على تركيا). وقالوا عندما تدخل وزير خارجية فرنسا في شأنهم: (على وزير خارجية فرنسا أن يلتفت لعمله، لكن إذا أراد أن يأخذ درسا في الديموقراطية فيمكن أن نعلمه). وقالوا: (تركيا دخلت مرحلة جديدة ولم نعد مرتبطين بالخارج). وقالوا: (ليس من حق الأوربيين انتقاد إعلاننا حالة الطوارئ وعليهم الانشغال بأمورهم الداخلية). وقال قائدهم للأوربيين متسائلا: (أريد أن أعرف هل أنتم مع الانقلاب أم مع الديمقراطية؟). بل الادعاء العام التركي يتهم رسميا غولن بالانقلاب بإيعاز من أمريكا!! من يجرؤ على اتهام أمريكا؟؟ هكذا فلتكن العزة وهكذا فلتكن القوة. لن تسكت تلك الدولة الصليبية على مرارة الهزيمة وستعاود الكرة، لكن حسبنا أن أحفاد عثمان أبانوا للعالم بأسره مسلمهم وكافرهم أن شمسها أفلت وأن حظها قد بار وأنها على وشك السقوط أو بدأت وهاهو تخبطها واضح للعيان، وأنها ليست بإله يعبد من دون الله (وَاسأَل مَن أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رُسُلِنا أَجَعَلنا مِن دونِ الرَّحمنِ آلِهَةً يُعبَدونَ)[الزخرف: ٤٥] (ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) رواه البخاري. (عبدالعزيز الحويطان)