هو السيد الشريف أبو القاسم علي بن طاهر ذي المناقب أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب . لقب بالمرتضى ذي المجدين علم الهدى. أما والدته فهي فاطمة بنت الحسن الملقب بالناصر الصغير نقيب العلويين في بغداد وعالمهم وزاهدهم وشاعرهم. وقد ورد في كتاب بحر العلوم حول نسب الشريف المرتضى ما يلي: "أما النسب فهو أقصر الشرفاء نسبا، وأعلاهم حسبا، وأكرمهم أما وأبا، وبينه وبين أمير المؤمنين عشر وسائط من جهة الأم والأب معا، وبينه وبين الإمام موسى بن جعفر خمسة آباء كرام
ولادته ووفاته
ولد السيد الشريف المرتضى في رجب سنة 355 هـ - 966م في بغداد، وتوفي بها في الخامس والعشرين من ربيع الأول من سنة 436 هـ- 1044م، وسنه يومئذ ثمانون سنة وثمانية أشهر، ودفن في داره أولا ثم نقل إلى جوار جده الحسين ، حيث دفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة مشهورة.
سماته الخلقية وصفاته الخلقية
كان الشريف المرتضى ربع القامة نحيف الجسم أبيض اللون حسن الصورة. اشتهر بالبذل والسخاء والاغضاء عن الحساد والأعداء، بالرغم مما وصمه به هؤلاء من البخل وقلة الإنفاق. وخير دليل على سخائه وبذله ما تعهد به مدرسته العلمية وتلامذته من إنفاق وبذل. كان ميالا إلى الزهد في الدنيا راغبا عنها ذاما لها، داعيا إلى الاعتبار فيها، سالكا سبيل أجداده الكرام، والصحابة العظام، من جعلها مجازا للآخرة، ومزادا لدار القرار. إلا أنه مع زهده في الدنيا وتقشفه فيها كان ذا مقام سياسي في الدولة خطير، وذلك بفضل ما أوتي من أصالة الرأي ووقارة العلم والمال، مع عز العشيرة وكثرة الرجال. كان مشغوفا بالعلم منصرفا إليه بين دراسة وتدريس، محبا لتلامذته وملازميه وقد اتخذ من داره الواسعة مدرسة عظيمة تضم طلاب الفقه والكلام والتفسير واللغة والشعر والعلوم كالفلك والحساب وغيره، حتى سميت دار العلم، وكان له فيها مجلس للمناظرات.
الملفت للنظر حسب ما روى المحققون أن مدرسته كانت جامعة إنسانية، اجتمع فيها كثير من طلاب العلم من مختلف المذاهب والملل دون تفريق بين ملة وملة ومذهب ومذهب. وهذا يدل على رحابة صدره وسعة أفقه وعمق نظرته الإنسانية وترفعه عن العصبية والطائفية والمذهبية التي كان يعتبرها نابعة من الجهل وضيق الأفق. كما أنه - شغف بجمع الكتب وولع باقتنائها، ويكفي ما ذكر أن خزانته ضمت ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقروءاته على ما حصره وأحصاه صديقه وتلميذه أبو القاسم التنوخي.
عصره ومعاصروه وأصحابه
عاش الشريف المرتضى في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريين وهي فترة انكماش الدولة العباسية وضعفها ووهنها أيام سيطرة أمراء الإقليم على حكم أقاليمهم وتولي بني بويه شؤون السلطة في بغداد.
وكان له بفضل ما أوتي من شرف العلم والنسب وما تحلى به من غزارة العلم وقوة الشخصية وعزة النفس ووفارة المال وجميل الخصال وسمو الرتبة وجليل المكانة أصدقاء كثر جلهم من أهل العلم والأدب والفضل والشرف، ويكفي أن نذكر بعض أساتذته وتلامذته ممن كانت لهم المراكز والرتب العلمية والدينية والدنيوية، إضافة إلى صلاته الوثيقة بالخلفاء والملوك والوزراء والأمراء والقادة، لنتبين المكانة العالية التي كان يتمتع بها.
أساتذته ومشايخه
الشيخ المفيد العالم المتكلم المشهور، اشتهر بكثرة علمه. وهو محمد بن محمد بن عبد السلام العكبري البغدادي المكنى بأبي عبد الله وابن المعلم.
ابن نباتة: الشاعر المشهور وهو أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن نباتة السعدي.
المرزباني: وهو أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى بن عبيد الله المعروف بالمرزباني. كان راوية للأخبار والآداب والشعر.
ابن جنيقا: وهو أبو القاسم بن عبد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق المعروف بابن جنيقا. كان قاضيا محدثا ثقة مأمونا حسن الخلق.
أبو عبد الله القمي: وهو الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه، أخو الشيخ الصدوق، كان جليل القدر عظيم الشأن في الحديث. وقد وثقه أصحاب التراجم، وأخباره مشهورة في كتبهم.
ومن شيوخه في النحو: أبو علي الفارسي؛ الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمّد بن سليمان بن أبان الفارسيّ، المولود في "فسا" عام288هـ، وتوفي عام377هـ، ودفن بالشونيزي[1].
تلامذته
الطوسي: وهو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، الفقيه الأصولي والمحدث الشهير.
أبو يعلى الديلمي "سالار": وهو محمد بن حمزة أو ابن عبد العزيز الطبرستاني. وكان ينوب عن أستاذه المرتضى في التدريس، وهو فقيه متكلم.
أبو الصلاح الحلبي: وهو الشيخ تقي الدين بن النجم الحلبي خليفة المرتضى في البلاد الحلبية ومن كبار علماء الإمامية.
ابن البراج: وهو أبو القاسم القاضي السعيد عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج.
أبو الفتح الكراجكي: وهو الشيخ الإمام العلامة أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، عالم، فاضل، متكلم، فقيه، محدث، ثقة جليل القدر.
عماد الدين ذو الفقار: وهو السيد الإمام عماد الدين ذو الفقار محمد بن معبد بن الحسن بن أبي جعفر الملقب بحميدان، أمير اليمامة بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن يوسف بن الأخيضر بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. كان فقيها عالما متكلما ورعا.
الدوريستي: هو أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباسي الرازي الدوريستي. من أكابر علماء الإمامية اشتهر في جميع الفنون.
في مرآة الجنان : " إمام أئمة العراق بين الاختلاف والافتراق، إليه فزع علماؤنا، وأخذ عنه عظماؤنا، صاحب مدارسها وجامع شاردها وآنسها ،ممن سارت أخباره وعرفت بها أشعاره، وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره، وتواليفه في أصول الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين مما يشهد أنه فرع تلك الأصول، ومن أهل ذلك البيت الجليل "
في جامع الأصول قال ابن الأثير: " إن مروج المائة الرابعة بقول فقهاء الشافعية هو أبو حامد أحمد بن طاهر الاسفرايني، وبقول علماء الحنفية أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي، وباعتقاد المالكية أبو محمد عبد الوهاب بن نصر، وبرواية الحنبلية هو أبو عبد الله الحسين ابن علي بن حامد، وبرواية علماء الإمامية هو الشريف المرتضى الموسوي ".
في تتمة يتيمة الدهر قال الثعالبي: "قد انتهت الرئاسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم، وله شعر في نهاية الحسن ".
تصانيفه
بلغت تصانيفه ورسائله ومؤلفاته مئة وسبعة عشر مصنفا كما ورد في كتابه (رسائل الشريف المرتضى - المجموعة الأولى) المطبوعة في قم سنة 1405 هـ. لاحظ الصفحات من 33 إلى 39.