اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته - أخي المسلم : الكثير من المسلمين لا يقرؤون القرآن إلا صدفة و آخرون يقرؤونه من دون تدبر و قسم ثالث يقرأ و يتدبر و لا يعمل به فما السر وراء ذلك ؟ إن الشيطان و هوى النفس هما السبب في ذلك و نحن سنحاول أن نتقصى خطط و مكائد الشيطان في هذا المجال . حقيقة : إن تلاوة القرآن أمر يحتاج إلى جهد فضلاً عن تدبره و العمل به و حفظه . يحاول الشيطان أن : - يبخس من أمر تلاوة القرآن و تدبره و حفظه و حضور مجالس العلم و الذكر بحجة أنك تعمل أعمالاً صالحة أهم منه و أن في الحياة أموراً أهم منه . - يلهيك عن إتقان اللغة العربية كي تجد صعوبات جمة إذا ما فكرت أن تتلو أو تحفظ القرآن و ذلك بتذكيرك بأن إتقان اللغة العربية ليست مهمة بالنسبة إليك طالما أنك لست مختصاً بها . - يقبح لك منظرك و أنت تجلس أمام الشيخ تتعلم القرآن و أنت بعمر متقدم حيث يوسوس لك و يذكرك بما سيقوله فلان و فلان عنك من أنك لا تعرف من القرآن شيئاً و أنك جاهل و أنك أضعت عمرك هنا و هناك و لم تلتفت لكتاب ربك . - يخيفك من مفاجآت غير سارة بالنسبة لك من أوامر أو نواهٍ قد تجدها أثناء تلاوتك للقرآن . - يذكرك بالشهوة الفلانية , طعام و شراب و مشاهدة تلفاز و التحدث مع الأهل و الأصدقاء ....كي تطلب نفسك الراحة و المتعة و تبتعد عن الجهد و المشقة في تلاوة القرآن و تدبره و حفظه . - يحثك على ملء ساعات نشاطك بالأعمال الدنيوية بحجة أن عليك التزامات يجب الوفاء بها مثل ( جمع المال لتدريس و تزويج الأولاد ) و هكذا لا يبقى لتلاوة و تدبر و حفظ القرآن وقتاً . - يجعل همك عند تلاوة القرآن الإنتهاء من التلاوة بأسرع وقت ممكن كي لا تفهم شيئاً . - يهون عليك أمر الأوامر و النواهي التي تجد أثناء تلاوتك بحجة أنها ربما هي منسوخة أو فيها أقوال للعلماء أو أنك لم تسمع أحداً يذكرها أمامك أو أنك غير ملتزم دينياً بما يكفي كي تطبقها أو أنك لا تستطيع تطبيقها أو أن الله غفور رحيم . - يثبط همتك و يثنيك عن متابعة الحفظ بقوله ها أنت تنسى ما تحفظ فاقنع بالتلاوة فقط . - يشككك بما تحفظ فيقول لك : هذه الآية مكانها في الصفحة الفلانية و ليست هنا و هذه الكلمة ليست كما تذكر بل هي كذا .... - يثبط همتك و يثنيك عن متابعة تطبيق ما تعلمت من القرآن بحجة أن الناس لا يليق بها الخُلُق القرآني الفلاني . - يشككك بمعاني الآيات المختلفة من القرآن و ذلك بحجة وجود آيات متشابهات لها معنى ظاهري مختلف و كل ذلك كي تترك البحث و الدراسة و التعمق فيه . يعظم الشيطان لك نفسك : - إن كنت مدرساً و معلماً للقرآن كي تتعامل مع المريدين بجفاء و خشونة فينفر جزء منهم من تعلم القرآن . - إن كنت قارئاً منفرداً حتى تظن أنك تفقه كل آيات القرآن من دون الرجوع للعلماء و حتى تتأبى عليك نفسك أن نسأل أهل العلم في شيء لم تفهمه فيوقعك ذلك في الفهم و العمل الخاطئين و من ثم أن تكون مصدراً لفتنة من حولك . - يقول لك الشيطان : لست مضطراً للحفظ من نفس نسخة القرآن أو شبيهة لها بعدد الصفحات فأنت بإصرارك تستطيع تذكر القرآن و لو حفظت الآيات و كررتها من نسخٍ مختلفةٍ في عدد الصفحات . يضعف لديك القدرة الذهنية و العقلية المهِمَّتَين لتلاوة و تدبر و حفظ القرآن و ذلك عن طريق : - ترغيبك بتناول الكثير من الطعام و الشراب أو باتباع حمية غذائية غير صحية . - ترغيبك بتناول و إدمان مواداً مؤذية مثل الدخان و المسكرات و المخدرات . - إيقاعك في خلافات و صراعات مع من حولك . - تنشيط الكآبة و عدم الرضا و عدم القناعة بما قسم الله لك و ذلك بتذكيرك بفلان و مركزه و فلان و أمواله و فلان و شهاداته أو أولاده .... اعلم أخي المسلم أن : - القرآن لمحبي الله عزوجل هو بلسم الروح , يقرؤونه و يتدبرونه و يعملون به و لا يشبعون منه ذلك لأنهم لم يروا ربهم في الدنيا و لكنهم سمعوا كلامه فذابوا فيه و قرؤوه و رددوه و تمعنوا به و تدبروه و عاشوا معه . - ماذا يقول الله عزوجل في كتابه , هذا ما يبحث عنه كل عاقل . - من يظن أنه قد ختم القرآن فهماً و علماً فقد ضل الصواب , و من يظن أنه ليس بحاجة إلى كلام ربه فهو أضل . - من اكتفى بالقليل منه فهو يبخل على نفسه و من يطلب المزيد فهو العالم الفطن . - من اكتفى بالقراءة دون التدبر فهو كمن يشم الطعام و لا يتناوله و من قرأه و تدبره و علِمه من دون أن يعمل به فهو كالحمار يحمل كتباً لا تغنيه شيئاً و من يقرأه و يتدبره و يعمل به فهو الموفَق .