ni: ماحدث في اليومين الماضيين في تركيا أكد لي ما كنت أقوله دائماً .. أننا شعب تحركه عواطفه قبل عقله ، نعم كنت كالكثيرين ممن فرحوا بفشل الإنقلاب بل أنني لم أنم تلك الليلة ولم يهدأ هاتفي فقد كنت قلقا على زملاء عمل لي أتراك أتابع معهم الأحداث ساعة بساعة حتى اطمئنيت على سلامتهم .
لكن بعد أن استقرت الأمور فكّرت كثيراً بردّة فعلي العاطفية ، بل أنني تذكرت أنه لم يواسيني أيٌ منهم في تفجيرات المدينة المنورة الأخيرة .. لم أسمع إلاَّ تصريح واحد من أنقرة تدين به هذه التفجيرات ... هل قام الاتراك أنفسهم بإدانة ما حدث مؤخرا ؟ هل قاموا بعمل هاشتاق لنا كسعوديين أو حتى للحرمين ؟ هل وضعوا صور الحرمين أو علم المملكة أو صورة الملك سلمان كما فعل الكثير من أبنائنا بتغير صور العرض الى العلم التركي و صورة أوردوغان ؟
وإن بحثتم الآن في حسابات مشاهيرهم لن تجدوا أي صورة أو تغريدة تدين أي تفجير حدث في المملكة ولكن ستتفاجؤن بصور مواساة كثيرة لفرنسا وما حدث بها .. من الأولى بتعاطفهم نحن أم الفرنسيين ؟
ما أدهشني أيضاً وسائل الإعلام منذ اللّحظة التي أُعلن فيها احباط عملية الإنقلاب حتى بدأت وسائل الإعلام تتداول أعمال أوردوغان فترة حكمه وتاريخه وانجازاته العظيمة منذ توليه الحكم أعدّوا هذه المادة باحتراف ما إن أُعطوا اشارة البدء حتى قاموا بعرضها لكن ماذا إن نجح الإنقلاب ؟ أيضا ستكون هناك مادة يظهرون فيها جميع أخطائه و لربما عرضوا حقائق سيئة لم نكن نعلم عنها .. تماماً كما فعلوا مع صدام حسين الذي كان رمزاً للعرب والعروبة والنضال طوال حربه مع ايران إلى أن قام بالإعتداء على دولة الكويت فوُصف بعدها بالطاغية ..في السياسة يستحيل عليك أن تعلم الحقيقة !
نرجع للأتراك .. هل الأتراك عنصريين ؟ نعم الأغلبية منهم .. قد يكون هذا الجيل متسامح قليلاً ولا يظهر عنصريته قدرما يستطيع لكن هم بالفعل عنصريين وهذه حقيقة شئنا أم أبينا أيضاً عنصريتهم ليست على العرب فحسب بل على العالم أجمع .. إن كنت قد زرت تركيا من قبل فمن المؤكد أنك لاحظت من الوهلة الأولى وفي المطار أن لوحاتهم الإرشادية باللغة التركية فقط .. و لنا النصيب الأكبر من هذه العنصرية لأننا بطردهم من الحجاز كانت تلك نهاية ولايتهم العثمانية على العرب .. أذكر أنني كنت في التاسعة من العمر عندما ذهبت مع عائلتي للحج وكانت تجلس بجانبنا حاجة تركية مسنة ترتدي ملابس ثقيلة كانت احدى قريباتي تحاول أن تتجاذب معها أطراف الحديث ولكن بعد دقائق تغيرت ملامح وجه قريبتي واخذت بيدي لنبتعد عن هذه المرأة التي علمت فيما بعد أنها قالت لها هذه أرضنا وسنعود لها يوما ما!
تُرى هل يعلم هذا الجيل ما كانت تفعله الدولة العثمانية بالعرب ؟ هل تعلمون عن السياسة القمعية التي كانت تحكم بها ؟هل تعلمون عن مجاعة ١٩١٥م ؟ هل تعلمون عن التجنيد الإجباري ؟ هل تعلمون عن اعتداءات الجنود الأتراك على نسائنا في مكة وجدة والطائف والمدينة ؟هل تعلمون عن قصة منيرة الشهيرة عندما نزل الأتراك من القطار في المدينة وهجموا على نسائها بلا رحمة وصاحت بها أمها " طبي في البير يا منيرة " وألقت منيرة نفسها في البئر حفاظاً على شرفها فما كان من بقية النساء إلاّ أن لحقوا بها وألقوا أنفسهم بالبئر ؟ ألا تعلمون أنهم اعتقلوا الكثير من رجالنا في المدينة ورحلّوهم بالقطار الى تركيا ولم يعودوا قط ؟
تُرى هل سيكون للأتراك نفس موقفنا إن حدث لنا شيء ؟ هل سيذرفون الدمع حزناً علينا أو فرحاً لنا ؟ بالتأكيد لا .. لأنه شعب عُرف ببرودة أحاسيسه ولا يعنيه شيء غير نفسه ومصالحه .. لا أقول يجب أن نكره الأتراك أو نقاطعهم ، حتى وإن أردنا لن نستطيع لأنّ قلوبنا لا تعرف الكره وهذه أيضاً حقيقة بدليل أن الكثير نسوا ماضي الأتراك في الجزيرة .. ! و إن سألني شخص عن تركيا سأجيب بأنني أعشقها وأعشق طبيعتها ولي فيها ذكريات كثيرة لكن آن الأوان أن نتعامل مع الأحداث بعقلانية أكثر ..
آن الأوان أن نأخذ منهم ما نريد ونترك ما ليس به فائدة لنا .. آن الأوان أن نترك قلوبنا جانباً ونتعامل معهم بالعقل والمنطق .. !
[٢٠/٧ ٦:٠١ i: هذا المقال صفعة في وجه كل اردغنجي متأترك