المثير في الأمر أن الغرب تريث ساعات قبل أن يضطر إلى التظاهر برفض الانقلاب بعد أن ظهرت معالم فشله!! فما الذي أفشله؟
من مجريات الأحداث يتضح أن الفشل شبه المؤكد للمحاولة الانقلابية، يرجع إلى تضافر جملة من المعطيات، أولاها أن أكثر القادة العسكريين الكبار ليسوا مع الانقلاب، كما أن الناس نزلوا إلى الشوارع بكثافة استجابة لدعوة الرئيس التركي للتظاهر رفضاً لأي حكم عسكري.فقد امتلأت الساحات الكبرى في المدن المختلفة بحشود غاضبة،بالرغم من وقوع إصابات قليلة وطفيفة في صفوفهم.
وأثبتت هذه الليلة الساخنة أن الطبقة السياسية التركية اليوم طبقة ناضجة وتختلف جذرياً عن أسلافها في زمن الانقلاب الأخير في البلاد، والذي قام به كنعان إفرين سنة 1980م.
فقد أعلن زعماء الأحزاب المعروفة بمعارضتها الشرسة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، عن رفضهم المبدئي والمطلق للانقلاب، بمن فيهم رئيس حزب الشعب الأتاتوركي!!
هذه المعطيات مجتمعة فرضت على الغرب المنافق عدم الترحيب بالانقلاب، وهنا تسقط أسطورة حرصه على الديموقراطية، وإن كان الساسة الغربيون لا يكترثون بالمعايير الأخلاقية، وإلا فكيف يتآمرون على رئيس منتخب مثل أردوغان، ويوفرون حماية مذهلة لطاغية الشام الذي يقتل شعبه منذ ما يقرب من 6 سنوات؟!
والأنكى أن دافعهم الرئيسي لمحاولة التخلص من أردوغان بهذه الطريقة الفجة، إنما يرجع إلى موقفه المؤيد للشعب السورية ضد طاغيته!! مع أنه في المدة الأخيرة اضطر إلى تقديم تنازلات مؤلمة في سياسته الخارجية،فقد استرضى موسكو،وأعاد تطبيع علاقات أنقرا بالكيان الصهيوني.وربما كان نجاحه في إصلاح علاقاته بروسيا أزعجت واشنطن،التي كانت تراهن على خنقه دبلوماسياً واقتصادياً، ففاجأها بالانقلاب على نفسه،بالرغم من أن ثمن خطوته مع بوتن كان باهظاً بالنسبة إلى صورته في تركيا وفي المحيط الإسلامي.
فإذا انتهت المحاولة الانقلابية بالفشل كما تدل الظروف حتى الساعة، فإنه سيزيد من مناعة تركيا ضد حكم العسكر، وسوف يعزز صوت الشعب التركي وثقته بنفسه،الأمر الذي قد ينهي أحلام الغرب المنافق، الذي كان يحرِّك عملاءه في الجيش كلما تطلبت مصلحته ذلك.