13/6/1427هـ قرأت مقالا للأخ صالح عبدالله العريني من البدائع بعنوان (تعليقا على الشيخ الفوزان) جاء فيه مقاطع لا يجوز السكوت عنها دون بيان وتوضيح ولا سيما أنه طلب مني ذلك حيث قال: فليت فضيلته (يعنيني) أوضح لنا أكثر ليزيل اللبس عنا، وتحقيقا لطلبه أقول:
أولا: إنني أقصد بكلامي الرد على قوم يعيبون مناهجنا الدراسية باشتمالها على بيان أحكام الجهاد ويريدون إخلاءها من ذكره لكيلا نغضب العدو، ولا شك أنه يترتب على هذا الاقتراح لو تحقق ولن يتحقق بإذن الله أن نفقد بابا من أبواب عقيدتنا التي هي أساس ديننا ثم لو استجبنا لهذا الاقتراح الظالم فهل يكف الكفار عن قتالنا وغزونا في عقر دارنا - كما هو الواقع الآن من غزوهم الكثير من البلاد الإسلامية وتدميرها - وهذا مصداق قول الله تعالى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) وهل كفتهم عن بلادنا المعاهدات الدولية.
ثانيا: جهاد الطلب ثابت بالكتاب والسنة وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه وإجماع المسلمين، وأما تنفيذه فهو يخضع لظروف وشروط معلومة تتضمنها كتب الفقه والحديث والتفسير وهي مقررة في مناهجنا الدراسية أهمها:
1- أن تتوفر في المسلمين القدرة الكافية على تنفيذه فإن لم تتوفر فإنه يحرم لما يلزم عليه حينئذ من إبادة المسلمين على أيدي الكفار. وهذه الحالة يمثلها العهد المكي حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة مأمورين بالصبر وكف الأيدي وكان القتال محرما في حقهم حينذاك لما يجره عليهم من الضرر.
2- ألا يكون بيننا وبين الكفار عهد، فإن كان بيننا وبينهم عهد حرم قتالهم واحترمت أموالهم ودماؤهم، وهذا هو ما أشكل الآن على بعض الكتاب حيث قالوا إن الجهاد يتنافى مع الواقع ودخول المسلمين في المعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة وخلطوا بين دراسة أحكامه وبين القيام بتنفيذه وطالبوا بإلغائه من المقررات الدراسية في حين أن بين الأمرين فرقاً واضحاً. ولو لم ندرسه لالتبس الأمر على الجهال خصوصا الشباب وسموا الاعتداء على المعاهدين والمستأمنين جهادا وأوصوا المسلمين بالقيام به، ولو لم يكن بهم استطاعة له ولم يتصوروا ما ينتج عن ذلك من سوء العواقب على المسلمين لأنهم لم يدرسوا فقه الجهاد وضوابطه وشروطه، وما يكون منه فرض عين وما يكون منه فرض كفاية، ومن هو العدو الذي يقاتل والعدو الذي لا يقاتل، ومن هو الذي يصلح للمشاركة في الجهاد والذي لا يصلح وما هي سياسة تنفيذه.