منذ بداية الطرح للشركات القائمة للاكتتاب بعلاوة اصدار والمقالات تنشر عن التضخيم الذي يتم لعلاوة الإصدار وآخر القوائم المالية للشركة المزمع طرحها والزيادات العالية والمتعددة لرأس المال قبيل الطرح، الا انه لم يتم النظر بجدية لكل الدلائل والايضاحات التي تثبت ذلك باعتبار ان التوجه كان لرفع عدد الشركات بالسوق وبدون المراجعة التي تضمن المحافظة على حقوق من سيتملك اسهم تلك الشركات، ومع ان الأداء والقوائم المالية للشركة بعد الطرح اثبتت تلك المبالغات والتجاوزات وتضرر المساهمين الجدد من ذلك، لم نر أي تحرك من جهاتنا للتحقق مما قدم بنشرات الإصدار لبعض الشركات وحجم المبالغ التي حصل عليها المؤسسون استنادا على ان ذلك كان مصادقا عليه من مكاتب محاسبة قانونية! الا ان تصاعد شكاوى مساهمي شركة المعجل من سرعة وحجم خسائر الشركة اجبر هيئة السوق المالية عام 2014م على بحث الموضوع بجدية ورفع دعوى ضد مجلس الشركة اثناء مرحلة الاكتتاب وبعض كبار التنفيذيين والمحاسبين القانونيين.
ومع ان ماقامت به الهيئة يمثل خطوة غير مسبوقة، الا ان الدافع لذلك لم يكن في حقيقة الامر مبادرة منها بل بسبب ضغط مطالبات مساهمي الشركة المتضررين من التضليل الذي حدث لهم بالاكتتاب والتداول لأسهم الشركة وايقافها بعد الخسائر الفادحة السريعة وقرب افلاسها، والذي اثبتته تحقيقات لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية قبل أسابيع وصدر قرارها بإدانة بعض أعضاء مجلس الإدارة وإعادة المبالغ المحصلة بناء على المخالفات (1.6) مليار ريال مع السجن والغرامة، أي ان ماكنا نتناوله كمحللين وكتاب في شأن عدم دقة ما تتضمنه بعض نشرات الإصدار والقوائم المالية كان صحيحا ويستوجب في حينه على جهاتنا ان تتم المراجعة والتدقيق فيما يقدم قبل الموافقة على طرحها، وان لا يتم الاعتماد فقط على اختام مكاتب ما يهمها الا قيمة ختم تلك القوائم والنشرات، بل كان يجب ايضا التحقيق مع من كان يضلل بالقنوات الفضائية وينفي التلاعب بالاكتتاب ومصالحه التي دفعته لذلك.
ولكون التحقيق في شأن تلك التجاوزات وثبوت ارتكابها والادانة لبعض مسؤولي الشركة ومكاتب المحاسبة قد اتى متأخرا جدا وبعد الخسائر التي ستفلس بالشركة والتي ستأخذ الوقت الطويل لتعويض المتضررين وفق الية مازالت غير واضحة، فانه من المهم ان يتم الفحص والتحقق من دقة نشرات الإصدار وما تضمنته من قوائم مالية وارباح سابقة والعلاوات ليتم العمل على التصحيح ومعالجة التجاوزات مادام ان الشركات قائمة وقبل تخلص مؤسسيها منها، فلدينا حاليا العديد من الشركات التي طرحت بعلاوة اصدار عالية كشركة استثمارية رابحة تحولت بعد الطرح وانهيار نتائجها لشركة مضاربية بعد تخارج معظم مؤسسيها ومازال مساهموها متضررين من الخسائر والديون الضخمة التي لحقت بها، فالمفترض ان يتم رفع درجة الموثوقية بالسوق من خلال التحقق من صحة كل مايطرح من شركات والرقابة على ادائها كجهة مختصة يهمها المحافظة على حقوق المستثمرين بمختلف شرائحهم وان لا نؤجل ذلك لما بعد افلاس الشركات وخسارة المستثمرين لأموالهم.