يخشى عدد من المصارف الغربية من التعامل مع إيران خوفاً من خرقها عقوبات أمريكية أخرى، ليست لها علاقة بالاتفاق النووي، ولكنها على علاقة بوكالات أمريكية، ومحققين يدققون في عمليات غسيل أموال.
رفعت العقوبات ولم ترفع. ولم تتدفق الاستثمارات الغربية، رغم كل الوعود، لأن مصارف، وخاصة الأوروبية، تمتنع عن التعامل مع إيران وكتب روبرت فيسك، الصحافي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقاله الأخير في صحيفة إندبندنت، أن الشرق الأوسط يعج بالفرص الضائعة، والأحلام التي تتحول إلى سراب، ومنها الصفقة الإيرانية التي تسير في نفس الاتجاه.
فالرئيس الإيراني، بطل الساعة والسيد الطيب بالنسبة إلى أمريكا حصل على دعم المرشد الأعلى عند توقيعه الاتفاق النووي مع ست قوى كبرى، ويبدو أنه بات يتحول إلى السيد السيئ.
تبخر وعود
في مقابل تراجع مكانة روحاني، يقول فيسك إن كبار الثوريين الإيرانيين، وأبناء الشهداء والمحاربين القدامى، وفيالق الحرس الثوري، ومدراء الشركات الكبرى، بدأوا في الإشارة إلى أنهم كانوا على صواب. فقد رفعت العقوبات ولم ترفع. ولم تتدفق الاستثمارات الغربية، رغم كل الوعود، لأن مصارف، وخاصة الأوروبية، تمتنع عن التعامل مع إيران. وبات الشعار الواجب على كل رئيس إيراني إدراكه:" واشنطن تقدم الوعود ثم تسحبها".
مجتمع مدني
وبرأي فيسك، كان محمد خاتمي، الذي انتخب في إيران عام ١٩٩٧، السياسي الوحيد في الشرق الأوسط الذي أراد حكم" مجتمع مدني"، وهو أقرب إلى دولة علمانية تحكمها ديموقراطية شيعية، لكن الولايات المتحدة عاملته بازدراء، وكان أن خلفه الأحمق محمود أحمد نجاد الذي شعر متطرفو اليمين الأمريكي معه بمزيد من الارتياح.
ويلفت الكاتب إلى ما قاله هؤلاء من أن زعماء إيران مجانين نوويين معادين للسامية، أي أنهم أسوأ من هتلر في نظر الإسرائيليين. واليوم قد يخفق روحاني في الفوز في الانتخابات بفترة رئاسية أخرى، لأنه نسي شعار إيراني" لا تثقوا بأمريكا".
النظام المالي العالمي
ويقول فيسك إن إيران لم تعد إلى النظام المالي العالمي، ولن تكون جزءاً منه، رغم حماسة الصينين لتنفيذ مشاريع هناك. واليوم يقول أنصار خامنئي، إن المرشد هو البطل الحقيقي لأنه يقظ وحاد الذكاء، وليس ساذجاَ كالرئيس.
وكتب أحد أنصار خامنئي مؤخراً " إن المرشد على حق، إنه المنقذ، شكراً أمريكا".
ويلفت الكاتب لتكبد عدد من البنوك الأوروبية، خلال السنوات الخمس الماضية، خسائر لتعاملها مع إيران، مثل بي ن بي باريبا الفرنسي، وإتش بي سي البريطاني وستان شارت، وبلغت خسائرهم الإجمالية ١٠,٧ مليارات جنيه استرليني.
أزمة مع حزب الله
ومن جهة أخرى، يواجه البنك المركزي اللبناني أزمة مع حزب الله، إذ يرفض أي بنك لبناني إجراء أية معاملات مع عناصر الحزب، أو الاحتفاظ بحسابات خاصة لأعضاء في الحزب أو أنصاره. وستفقد البنوك اللبنانية التي تخرق تلك القواعد حقها في التعامل بالدولار الأمريكي.
وهاجمت قيادة حزب الله حاكم البنك المركزي اللبناني رياض سلامة لانصياعه للمطالب الأمريكية، زاعمة أن العقوبات الأمريكية تستهدف كامل الطائفة الشيعية.
إغلاق حسابات
ويشير فيسك إلى تحديد مكتب مراقبة الأصول النزيهة الأمريكي لـ ٩٩ حساباً لحزب الله، ومنها لجمعيات خيرية ومدارس وشركات ومحطات تلفزيونية. وقد وصل الأمر إلى درجة أن نواب من حزب الله في البرلمان اللبناني، ووزيرين في الحكومة اللبنانية، لم يعودوا قادرين على فتح حسابات بنكية، أو الاحتفاظ بحساباتهم القديمة.
وفيما تقف إيران عاجزة اليوم عن التحرر من عقوبات ظنت أنها تخلصت منها، وقعت الميلشيا التي تتلقى دعمها منها والتي وصفت يوماً بأنها" رئة إيران في المنطقة"، في نفس الشبكة المالية. ولم يعد من الصعب على الإيرانيين الإشارة إلى ما يعنون به بالفارسية" الدسيسة" وما يقوله حزب الله بالعربية" المؤامرة" التي تستهدفهم في المنطقة.
الله لا يجعل للمجوس ولا اتباعهم رايه امين يارب العالمين