أكدت دراسة حديثة أجرتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، أن الفساد يعتبر من بين التحديات الأبرز للمجتمع، التي تضم المخدرات والإرهاب وأزمة الإسكان، وأن الواسطة هي أشيع أشكال الفساد انتشارا في القطاع العام.
واستطلعت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "الفساد المالي والإداري في الجهات الحكومية الخدمية"، آراء عينة عشوائية بعدد 1254 من الموظفين والمراجعين، وذلك في ثلاث مناطق بالمملكة هي: منطقة الرياض، والمنطقة الشرقية، ومنطقة مكة المكرمة.
وأوضحت الدراسة أن "الواسطة" جاءت أكثر أنماط الفساد انتشاراً في القطاع الحكومي الخدمي، بحسب 62.9 % من المشاركين في الدراسة، ثم اللامبالاة بالعمل في المرتبة الثانية بنسبة 19.4 %، تليها الرشوة، فيما جاء الاختلاس والتزوير في ذيل القائمة كأقلّ أشكال الفساد انتشارا.
وأشارت الدراسة، وفقاً لنتائج العينة، إلى أن ضعف الوازع الديني والأخلاقي، هو أحد أهم الأسباب التي ساهمت في انتشار الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي الخدمي، يليه تباعاً عامل ضعف أداء الجهات الرقابية والقضائية، والتساهل في تطبيق العقوبات النظامية، ووجود أنظمة إدارية ومالية معقّدة وقديمة، وغياب الشفافية (عدم الإفصاح عن المعلومات المتعلّقة بإجراءات وقرارات الجهات الحكومية الخدمية)، وحصل عامل القبول الاجتماعي لبعض مظاهر الفساد على أقلّ نسبة.
وبيّنت أن التجربة الشخصية تُعدّ المصدر الأكبر لمعلومات المبحوثين حول ظواهر الفساد في القطاع الحكومي الخدمي، ويمثل ذلك ما نسبته 41.5% من العينة، وهو ما يعطي دلالة على معاناة العينة من الفساد شخصياً، أكثر من كونه حديثا يتم تداوله في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، أما المصدر الثاني للمعلومات حول ظواهر الفساد فكان حديث المجالس بنسبة 26.2%، ثم وسائل الإعلام بنسبة 16.7%، وأخيراً شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
ورأت 29 % من عينة الدراسة أن ممارسات الفساد تحدث في المستويات الإدارية الوسطى، حيث تتركّز مُعظم العمليات الإدارية التنفيذية، بينما يعتقد 22.9 % أن التجاوزات المالية والإدارية تحدث في المستويات الإدارية العليا، وبالمقابل يعتقد قلة من المبحوثين أن التجاوزات تحدث في المستويات الإدارية الدنيا.
وقالت الدراسة إن 39.2 % من عينة الدراسة يرون أن الآونة الأخيرة قد شهدت تراجعاً في درجة الفساد، في حين يرى 19.7 % من المبحوثين أنها ارتفعت، وبالمقابل يرى 19.9 % من عينة الدراسة أنها لم تتغير.
وقدمت الدراسة عدداً من التوصيات، منها، إعادة النظر بجدّية في الإجراءات المناسبة للحد من ظاهرة الواسطة، لا سيما أن لها أبعاداً كبيرة ولاحقة على بيئة العمل الحكومي، كما أوصت بضرورة تكثيف الحملات التوعوية التي تعني بتقديم المعلومات الضرورية حول مخاطر الفساد المالي والإداري، وكيفية اكتشافه، والإبلاغ عنه، مع مراعاة تنويع الوسائل التوعوية بصورة ملائمة للوضع الاجتماعي، كما أكدت الدراسة على إعادة النظر في عقوبات جرائم الفساد المالي والإداري، حيث إن أكثر الإجابات كانت تؤيّد بشدّة العقوبات المالية العالية، بالإضافة إلى ضرورة العمل على تشجيع الجهات الحكومية الخدمية على تفعيل الحكومة الإلكترونية؛ لتسهيل الإجراءات وسرعة تقديم الخدمة، وحث تلك الجهات أيضاً على إجراء دراسات سنوية؛ لتحديد مكامن الخلل والقصور في نفس الجهة.