مصر تقترض 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء محطة طاقة نووية
القاهرة تبدأ السداد على 22 عام بفائدة 3 %
بعد الاتفاقية.. القرض الروسي يعادل أكثر من نصف إجمالي الدين الخارجي لمصر
وخبراء اقتصاد لـ"بوابة القاهرة"
مصطفى الرفاعي: سياسة الاقتراض تدمر الاقتصاد المصري ويزيد من عجز الموازنة
حاتم عزام: القرض الروسي كارثي ورهن لمستقبل مصر
رشاد عبده: هكذا تسدد مصر قيمة القرض لإنشاء محطة الضبعة !
"الشافعى": القرض لن يكلف الدولة أي أعباء مالية
صلاح الدين: هناك مشكلة كبيرة تواجه مصر بسبب الطاقة
في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مصر، فاجأت الجريدة الرسمية، التي تنشر قرارات الدولة النافذة، عموم المصريين، الكشف عن موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاقية قرض حكومي روسي بقيمة 25 مليار دولار، لتمويل مشروع محطة الضبعة النووية، الذي يهدف في مرحلته الأولى إنشاء 4 وحدات لإنتاج الطاقة قدرة كل منها نحو 1200 ميجاوات.
ويعد القرض الذي وافق عليه الرئيس السيسي هو الأكبر في تاريخ مصر، حيث ذكرت الاتفاقية التي وقعت عليها وزارتي المالية المصرية والروسية، على استخدام الطرف المصري للقرض لمدة 13 عامًا وذلك خلال الفترة من “2016 حتى 2028”، في صورة دفعات على سنوات متتالية.
وعن الفائدة، ذكرت الاتفاقية أن الطرف المصري يدفع فائدة على القرض بمعدل 3% سنويًا، وتستحق الفائدة على أساس يومي بداية من استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائي لكل مبلغ من مبالغ أصل القرض، ويسري سداد آخر دفعة من الفائدة بالتزامن مع السداد النهائي لأصل القرض.
واشترطت الاتفاقية على أنه في حالة عدم سداد أي من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسي.
كما اشترطت أنه في حالة عدم سداد أي دفعة من أصل القرض أو الفائدة المذكورة خلال 10 أيام عمل يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 120%، وأعطت الاتفاقية، في حالة عدم دفع المتأخرات، أو فوائدها، خلال 90 يومًا ميلاديًا، الحق للجانب الروسي بشكل منفرد في تعليق أي استخدام أخر للقرض.
ومن المقرر أن تنتقل إلتزامات السداد إلى أجيال مقبلة، كما أن السيسي لن يكون في موقعه بالرئاسة الجمهورية وفقا للدستور الذي يحظر تولي منصب الرئاسة لولايتين متتاليين، مدة كلا منهما 4 سنوات فقط.
مناقشة الاتفاقية في البرلمان
ومن جانبها لم توضح الحكومة ما إذا كان البرلمان سيناقش هذه الاتفاقية المنشورة في الجريدة الرسمية للدولة أم لا، كما هو الحال الذي تم مع أتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وتنازل الرئيس السيسي للمملكة عن جزيرتي تيران وصنافير.
وخلال العامين الماضيين شهد الاقتصاد المصري، أكبر فترة منحنى صاعد لوتيرة القروض التي تتلقاها مصر من الخارج، ففي 2014 اقترضت مصر من دول الخليج حوالي 30 مليار دولار، حيث أعلن البنك المركزي في مارس الماضي أن الدين الخارجي لمصر ارتفع بنحو 6?5 مليار دولار خلال عام لتسجل 47?8 مليار دولار في ديسمبر 2015.
وفي نفس السياق، انقسمت آراء بعض الخبراء الاقتصاديين حول، اقتراض مصر 25 مليار دولار لإنشاء محطة الضبعة النووية في ظل سوء الحالة الاقتصادية التي تشهدها منذ فترة كبيرة، وارتفاع معدل الدين الخارجي لمصر خلال العاميين الماضيين.
عجز الموازنة وارتفاع الدين
في البداية، انتقد مصطفى الرفاعي، وزير التجارة والصناعة الأسبق، لجوء الحكومة المصرية إلى اقتراض 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء في محافظة مرسى مطروح على البحر المتوسط.
وأكد الرفاعي، أن سياسة الاقتراض تدمر الاقتصاد القومي، لأن سداد الديون يستنزف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
وأشار ويزر التجارة والصناعة الأسبق، إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة مستمر بسبب "الاقتراض" وارتفاع الدين الذي يسبب أزمة كبيرة داخل الحكومة المصرية، والتي لامها على اتباع سياسة الاقتراض وتجاهل العمل على زيادة الإنتاج.
احتلال مصر
وشدد الرفاعي على أن "سياسة الاقتراض من الخارج تعد احتلالا لمصر، حتى وإن كانت ميسرة"، معتبراً أن "القرض الروسي يأتي ضمن سياسات الدولة التي تسمح بالتمويل الخارجي، بعد أن كانت هناك تحفظات على الاقتراض من الخارج".
ونبه إلى أن "الاقتراض الخارجي دائماً ما يحمل مخاطر، وإذا لم تتم الاستفادة من القرض سيزيد ذلك من عجز الموازنة المتفاقم، خاصة أن دولا كبرى تعثرت عن السداد في وقائع سابقة"، مؤكداً أن "المشروعات التي تقيمها الدولة هي مشروعات في البنية التحتية والخدمات ولا تؤتي أي عوائد، وبالتالي الاقتراض لتنفيذها، ما يزيد من أعباء الاقتصاد".
وأوضح أن "ضعف الإنتاج وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي سيضعفان قدرة مصر على مواجهة أعباء القروض والديون الداخلية والخارجية، وأنه كان من الأجدر تنمية الوضع الاقتصادي أولاً في مصر من أجل القيام بمشروعات اقتصادية كبرى من خلال موارد الدولة وليس بالقروض".
وطالب الرفاعي الحكومة المصرية بـ"إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تشجيع الاستثمار، والحث على العمل لزيادة الإنتاج"، داعيا إلى "القضاء على الفساد والبيروقراطية، وتحسين الوضع الأمني لتشجيع السياحة، لضمان توفير العملات الصعبة".
إما الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والخبير الاقتصادي، رأى أن عائد مشروعات محور قناة السويس واكتشافات الغاز في مصر ستغطي اقتراض مصر لـ"25 مليار" دولار لإنشاء محطة الضبعة النووية، وفقًا للاتفاقية التي وقعت عليها مصر وروسيا.
وأضاف عبده في تصريح خاص لـ"بوابة القاهرة"، أن إنشاء محطة للطاقة النووية في مصر أهم من أي شئ أخر، مؤكدًا أن إنشاء محطة الضبعة ستكون السبب الرئيسي في تنمية مصر اقتصاديًا خلال السنوات المقبلة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الطاقة النووية لها مميزات كثيرة أهمها، أنتاج طويل الأجل الذي يمتد لأكثر من 80 سنة، لذلك يكون تكليفاتها المادية مرتفعة ولكنها مهمه جدا لمصر خلال الفترة المقبلة.
وتابع: "الاتفاقية الموقعة بين مصر وروسيا تنص على عدم أحقية روسيا في أخذ أي أقساط مالية طوال فترة إنشاء المحطة النووية، حتى يتم الانتهاء منها وتبدأها مصر بعدها بعام كامل بدفع أولى أقساط القرض البالغ 25 مليار دولار"
وأشار رشاد عبده، إلى أن مصر ستتحصل في عام 2023 على ما يقارب 80 مليار دولار من المشاريع القومية والاستثمارات الأجنبية الحالية، وبالتالي يسهل على مصر تسديد أقساط القرض الروسي.
أعباء مالية
ومن جانبه، أعتبر الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، أن مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية واقتراض مصر 25 مليار دولار لإنشاءها، لن يكلف الدولة أي أعباء مالية، ولن يؤثر على الحالة الاقتصادية للبلاد على المستوى البعيد.
وأضاف الشافعي، في تصريحات خاصة لـ"بوابة القاهرة"، أن سداد القرض سيكون من ناتج المحطة النووية التي سيتم إنشائها في منطقة الضبعة، والإيرادات التي ستحققها المحطة بعد تشغيلها ستغطي القرض والفائدة التي تبلغ 3 %.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر في حاجة كبيرة لإنشاء مثل هذه المحطات النووية وخاصة أن مصر ما زالت تعاني من أزمات في الطاقة الكهربائية.
مشكلة خطيرة
قال الدكتور صلاح الدين أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن إنشاء محطة الضبعة النووية في مصر ستؤثر إيجابيا على مصر وليس العكس كما قال البعض، مؤكدًا أن هناك فترة سماح كافية لمصر لتبدأ في سداد القرض البالغ 25 مليار دولار، وهي الفترة التي سيتم فيها إنشاء المحطة وتشغيلها.
وأضاف الدين في تصريح خاص لـ"بوابة القاهرة"، أن هناك مشكلة لا يدري بها الكثيرين وهي وجود مشكلة كبيرة في الطاقة الكهربائية التي ينتجها السد العالي وبالتالي تحتاج مصر لإنشاء محطة طاقة لتعويض هذا النقص في الكهرباء.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن قيمة فائدة القرض لا يتعدى 3 % وهي تعد أقل بكثير بالنسبة لقروض بعض الدول لمصر والتي يبلغ قيمتها أكثر من 8%.
كارثة اقتصادية
أكد المهندس حاتم عزام عضو مجلس الشعب السابق وأمين لجنة الصناعة و الطاقة بالبرلمان المنتخب أن القرض الروسي الذي وقعت عليه مصر لإنشاء محطة الضبعة النووية كارثي ويرهن مستقبل مصر برمتها.
وقال عزام،"القرض الروسي السري الذي أعلن عنه (25 مليار دولار و فوائدة) لإنشاء محطة نووية روسية كارثي بالغ الضرر بوضع مصر الاقتصادي الآني و رهن لمستقبلها".
المواضيع المتشابهه 
بعد اقتراض 25 مليار دولار .. هل قضى السيسي على مستقبل الاقتصاد في مصر .. ؟ 
العرض الشجري
