الفصل االثاني
رفعت تيسا شعرها عن وجهها بعد توقيفها السيارة بموقف المدرسة . من حسن الحظ انها لم تعلق بزحمة سير ومع ذلك فهي متأخرة عشرين دقيقة عن الموعد. فالطوارئ كانت مزدحمة وايما لم تدخل الى غرفة التصوير بعد ولكن ابنتها وصلت اخيرا. اسرعت تيسا بخطواتها على طريق المدرسة وعندما وصلت فتحت الباب الزجاجي وشعرت انها طفلة من جديد. بضع خطوات داخل الردهة كانت كفيلة ان تجعلها ترتعش. بعد دوام المدرسة كان السكون غير طبيعي.
كانت اروقة المدرسة مليئة بالظلال.وبالرغم من وجود بعض الاعمال الفنية المعلقة على الواح مزينة بالاوان الخريفية لم تتذكر الضحك والنجاحات الاكاديمية بل تذكرت استهزاءات الاطفال الذين يرتدون ثيابا اجمل من ثيابها والاصوات الحادة التي حددت قدرها.فهي جلست في ممر شبيه بهذا بعد يوم مدرسي في الصف الاول عندما كان الناظر يتصل بأمها او حاول ان يتصل بها لم تعرف تيسا الطريقة لتخبره انها كانت وامها تعيشان في السيارة منذ اسبوع.
لم تستطع السلطات ان تجد امها.وتيسا لم تعرف ابيها.فالجرس كان الوسيلة الوحيدة التي تذكرها بالعائلة التي لم تعرفها وموظفو الشؤون الاجتماعية كانوا يذكرونها دائما ان امها تحبها كثيرا لدرجة انها تخلت عنها من اجل ان تحصل على حياة افضل. وكانت تيسا تفضل ان تصدق كلامهم. فهذه هي الطريقة الوحيدة لتنجو من المأوى ومن منازل الاهل بالرعاية التي عاشت عندهم خلال فترة مراهقتها.
اسرعت نحو صف رايان محاولة إزالة الذكريات المؤلمة وكان ماكس قد اعطاها الارشادات لتصل الى الغرفة وقف هناك الان امام الباب ويداه متشابكتان على صدره ويعلو وجهه العبوس الشديد لدرجة ان جعلها تفكر بالعودة الى ايما.
"اين كنت" سألها بصوت خافت. وقبل ان تجاوب تابع "عرفت اي ساعة نقابل فيها السيدة باريت"
وتنقلت نظراته بين قميصها وسروالها الجينز وشعرها المجعد"او طرأ عليك امر اهم؟"
كانت على وشك ان تخبره السبب لكنه ادانها قبل ان يحاكمها سألته فجأة "هل بدأت؟"
"كلا فأنت قلت انك تريدين ان تكوني موجودة . والسيدة باريت كانت كريمة كفاية بانتظارها لكن...."
"اذا دعنا لا نؤخرها اكثر"اقترحت تيسا ودخلت وماكس الى الصف.
تبعها لكنه حملق بها وهي تعرف بنفسها امام السيدة باريت وجلس في احدى الكراسي الموضوعة امام طاولتها.
بدأت تجول بنظرها في الغرفة من دون ان تنخرط بالمحيط الموجودة بها. المعلمة الاربعينية ابتسمت بطريقة لطيفة وقالت "السيد وينثروب قال لي انك صديقة مقربة للعائلة."
"اجل هذا صحيح . بماذا يمكنني مساعدة رايان؟"
"لقد سألني السيد وينثروب الؤال ذاته وقد قال ايضا انه حاول التواصل مع رايان وانا ايضا حاولت لاتمكن من معرفة ما يشغل باله" لاحظت تيسا ان ماكس يراقبها تململها بعبوس فأجبرت نفسها ان تتحرر من توترها العصبي وسألت المعلمة"هل تعتقدين ان هذه مشكلة بالتعلم؟"
اجابت السيدة باريت"يمكننا امتحانه لمعرفة اذا كان عاجزا عن التعلم فأحيانا يكون عمله متوسطا واحيانا اخرى يركز اهتمامه ولكنه يبدوو مشتت التفكير اكثر من اي وقت اخر."
انسجمت تيسا مع السيدة باريت وما تقوله ونسيت مكان وجودها.
قالت تيسا:" لا افهم ."
"بعض الاولاد يقعون بالفوضى بسهولة ربما يشاهدون فيلما ويرتعبون منه ويبقون مرتعبين ولا يقدروا ان يناموا ليلا لاكثر من سنة حتى يتخبطوا خوفهم ."
تيس تتفهم الخوف الطفولي..... والكوابيس.
"وانت تعتقدين ان الامر نفسه مع رايان ؟"
"لا اعرف .ولكن رايان فقد والدته ومن الممكن ان انواعا عديدة من المخاوف تزعجه." فسرت لتيسا
"السيد وينثروب تكلم مع رايان عن امه عن مكان وجودها وبدا رايان انه تفهم الامر ولكن لا احد يدري ما يدور بفكر الطفل."
"اذا ماذا بامكاننا ان نعمل من اجله."
نظرت اليدة باريت الى المعلومات امامها للحظة وقالت :"بامكاننا ادخال مستشار المدرسة الى هذه المشكلة لكني اعتقد بأن رايان لن يكون منفتحا معها اكثر مما هو معنا . فهو يريد شخصا قريبا منه ويعرفه من قبل."وهي تنظر اليهما.
قال ماكس عابسا:"كما افهم ليس انا."
"نحن اساتذة سيد وينثروب ونحن نعلم ان احد الوالدين قد يكون سبب المشكلة. اخبرني كم مرة كان الصبيان في الفريق او تلاميذك بالصف كانوا صادقين معك؟"
فكر ماكس وهز رأسه وقال:"انت على حق . يقولون لي اشياء لا يقولونها لاهلهم ومع ذلك اريد ان اكون الشخص الذي يثق به رايان."
"يمكنك ان تدعمه وان تكون بجانبه عندما يرير مساعدتك . انسة كاهيل كما افهم انت تدخلين وتخرجين من حياة رايان وبالنسبة له انت صديقة مفضلة."
"نعم. وبعض الزيارات تكون اطول من غيرها."
"لا اعرف كم يسمح لك وقتك ان تبقي مع رايان هذه المرة وربما بامكانك ان تشجعيه ليخبرك ماذا يحصل معه بالمدرسة . وبماذا يحس ربما قد يساعدنا ويعطينا الحل لما يجري بداخل تفكيره."
"طبعا سأحاول وكنت اتمنى فعل اكثر من هذا" قالت تيسا ذلك وشعرت بنظرات ماكس تحدق بها.
"ربما هذه غلطتي لانني لم اجد امرأة تقف الى جانبه."
كان يتحمل اسباب كل المشكلة وتمنت تيسا لو بامكانها ان تضع ذراعيهاحوله وتعطيه عناقا هو بحاجة ماسة اليه وان تقول له ان هذه المشكلة ليست بسببه:"اعتقد انه يجب ان تكون مناسبة يا ماكس."
"لم ارد ان يكون احد بقرب رايان لا يستوفي الشروط المطلوبة."
"لم اقصد ذلك على الاطلاق والا يمكنك مصادقة الشخص المناسب لك وتطلب من رايان ان يتوافق معها."
"انت تعرفينني اكثر من ذلك ولم ارد استعراض النساء داخل منزلي."
كان لا يزال منزعجا من تأخيرها وهي لم تساعد في حل الامور . نظرت الى السيدة باريت وكانت المرأة تتأملها وشعرت تيسا بالاحراج.
"سيد رايان ليس هناك من جواب فقط استمع لرايان بانتباه ودعه يتوسع بكل ما يخبرك اياه."
سأل ماكس"وماذا عن عدم المصادقة مع زملائه؟"
وافقت معه تيسا وقالت:"بحلبة التزلج اراد البقاء معنا ولم يرد ان يتزلج مع الاولاد الذين يعرفهم فهل هذا طبيعي؟"
"ربما يشعر بالامان معكما . شجعاه ليلعب مع اترابه يمكن دعوة عدد من رفاقه في الصف الى المنزل ربما عندما يكون في منزله يساعد ذلك في الشعور بالثقة بالنفس وسيتعامل معهم."
عندما انتهى الاجتماع عاد محيط تيسا يغلق عليها الاجواء وحاولت قدر المستطاع تجاهل رائحة المدرسة من الشمع والطبشور ورؤية الشبابيك المكسوة بالجليد لحفظها من الفساد والكتب المكدسة على الطاولة خارج الصف وهي تحاول ان تلحق بخطوات ماكس.
وعوضا عن ذلك حاولت التركيز على رايان ومشاكله ربما تصبح اكثر جدية اذا لم يتم التعامل معها الان. هل سيتغيرالوضع اذا بقيت بجينكيز اكثر من اسبوع؟
عندما وصلا الى موقف السيارات وقفت بقرب سيارة ماكس وقالت :"انا متأسفة على تأخري وانت تعلم انني لن افوت هذا الاجتماع."
"هل اعرف ذلك؟كان بامكانك ان تتلقي اتصالا هاتفيا وتسافرين الى تيمبوكتو."