بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته – أخي المسلم : الأبناء , بناة المستقبل , عليهم تعتمد الأمة و المجتمع بعد الله عزوجل في إكمال ما بدأه آباؤهم في البناء و الرقي و التطور و نشر القِيَم السامية التي ارتضاها لنا الله عزوجل . الأبناء , هذه النفوس البريئة التي جعلها الله عزوجل لنا زينة و سعادة في الحياة الدنيا لابد لها من اعتناءٍ مميز و توجيهٍ رشيد كي تنمو و تبني مجتمعاً إنسانياً يرضي الله عزوجل , يستطيع الكل أن يعيش فيه سعيداً آمناً مطمئناً على نفسه و عرضه و مالِه . و لأن الإعتناء بهذه الورود الجميلة في حياتنا يحتاج لِعِلمٍ و معرفةٍ فكان لابد لكل من لديه ابن أو ابنة أن يتعلم ذلك العلم و يكتسب الخبرة فيه مضحياً بالمال و الوقت في سبيل تحصيله و من ثم بذله من دون تقصير حتى نحصل على النتيجة المرجوة و تحقيق السعادة الدنيوية قبل الأخروية . و لأن الكثير من المسلمين قد أكثروا من الشهوات , حلالها و حرامها , و رضوا من الإسلام بالقشور فقد أدى ذلك لتقصيرٍ كبير في حق أطفالهم و مجتمعهم و بالتالي امتلاء المجتمع الإسلامي بأنصاف و أرباع و أشباه المسلمين و هذا بدوره قد سبب الأذى لباقي المسلمين بشكلٍ غير مباشر حيث أن معظم هؤلاء المسلمين الذين لم يتعلموا دينهم بالشكل السوي كانوا السبب في أذية بقية المجتمع و ذلك لأنهم في كثير من الأحيان يؤذون و يضرون حيث يظنون أنهم ينفعون . و لأن البناء و الرقي الإسلاميان يحتاجان لمجهودٍ جماعي منظمٍ غير عشوائي و يحتاجان لنفوسٍ رضيت بتنظيم شهواتها بالشكل الذي وضعه لنا الباري جل جلاله فكان لابد لنا من تربية أولادنا و قبل ذلك أنفسنا على ذلك حتى نستطيع قطف الثمار العظام و أما إذا رضينا بالفردية العشوائية و الشهوانية غير المنضبطة فسنكون كحيوانات الغابة التي لم تبنِ صروحاً و لا أقامت حضارات . أخي المسلم : تجتهد في علوم الدنيا و تزهد في علوم الآخرة , ألا تثق بهذه الأخيرة أم أنك عشقت الدنيا و ما فيها ؟ تجتهد في صيانة متاعك الدنيوي بكل ما أوتيت من قوة و تزهد في تربية أطفالك , أأطفالك أرخص عندك من متاع الدنيا أم لأنك لا تريد القيام بواجبك تجاههم ؟ تنشط في عملك الدنيوي و تتكاسل عن عملك الأخروي , أتريد الرزق العاجل الذي تخاف أن يفلت منك و قد ضمنه لك رب العالمين أم أنك تظن أن الحصول على سعادة الآخرة يأتي بالأماني و ليس بالعمل الذي طلبه منك الله جل جلاله ؟ أخي المسلم : أدّ الفرائض و الواجبات التي عليك مبتدئاً بالأهم فالأقل أهمية و لا يتم ذلك إلا عندما تجلس بين يدي عالم بل علماء يفقهونك أمور دينك و من ثم تقوم بترتيب و تنظيم حياتك على الأساس الذي ارتضاه لك الله عزوجل و إلا فإنك ستكون من الذين قال فيهم الله عزوجل : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف .