.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما قرأ المازري كلامًا مشكلًا لإمام الحرمين الجويني، وفهمه خطأً قال :
وددتُ لو محوته بماء بصري ! أو قال:
بدمي.
هذه العبارة تبين لنا مدى استقباح المازري لهذا الكلام حتى أنه ود لو أنه يمحو هذه الشناعة – حسب ما فهمه - من الكتاب بماء بصره أو بدمه! وفي نفس الوقت تبين لنا مدى حب المازري للجويني حتى أنه ود لو أن يمحو هذا الكلام بماء بصره، ولا تؤخذ على الجويني .
ولم تكن محبته حائلًا من انتقاده وتقبيح هذا الكلام، حتى أن من يقرأ كلامه في التشنيع يظنه مبغض للجويني فوجدها فرصة ليُظهر كرهه له ،
فيقول السبكي :
هذه العبارات من المازري تدل على أنه لم يفهم كلام الإمام، أو فهم وقصد أن يشنع ، وهذا بعيد على الرجل فإنه من أئمة العلم والدين فالأغلب على ظني أنه لم يفهم. لكن الذي يبين أن المازري لم يقصد التشنيع على الجويني، وإنما قصد تبيين قبح الكلام حتى لا يغتر به مغتر قوله عنه معللًا تمنيه محو ذلك الكلام:
لأن هذا الرجل له سابقة قديمة وآثار كريمة في عقائد الإسلام والذب عنها وتشييدها وتحسين العبارة عن حقائقها وإظهار ما أخفاه العلماء من أسرارها .
ونترك تلك المحبة لنأتي لهذه العداوة، فنجد ابن المنِّير الأشعري على شدة عباراته وحدته في الرد على الزمخشري، وخصومته له في كتابه ، إذا جاء عند كلام للزمخشري وافق حقًا أو بيان بلاغة ونكتة لُغوية، يعطيه حقه من الثناء والإعجاب .
فلم تثنه العداوة وتلك العبارات الحادة عن إنصافه للزمخشري، ولم يبخسه حقه !
وبين تلك وتلك، نجد ابن القيم رحمه الله يقول :
شيخ الإسلام – يقصد الهروي - حبيب إلينا، والحق أحب إلينا منه !
ثم يشرح الكلام مبينًا ما له وما عليه .
أما اليوم حتى وإن وضعت لهم مقطعًا بالصوت والصورة، ورأوه بأبصارهم وسمعوه بآذانهم فلن يجرؤ أحدهم أن يقول عن محبوبه : أخطأ ! ولن تخرج منه كلمة الإنصاف لمن بين هذا الخطأ !
[color=""]بل الويل لك ثم الويل [/color]! فهناك التخوين واللعن والتكفير،
فسترى مسطورًا أمامك: يا رافضي يا جامي يا ليبرالي أو يا عبد الطواغيت، دون أن يتطرق لكلام محبوبه تصويبًا أو تخطئة !!
سواءً كان هذا المحبوب شخصًا أو جماعة !
وهناك من يرى أن كل من خالف شيخه فهو حزبي سروري إخواني متآمر على البلد وعلى السنة !
فمن كان هذا حاله فتعصبه إن لم يصل حد التقديس فقد قاربه ! فلو أن الطرف الأول : كان جريئًا واعترف بالخطأ وترك التهرب والتكفير والتخوين ،
والطرف الثاني: ترك عنه التحزيب والتبديع والاتهام لما وصلنا إلى هذه الدرجة من العدائية والانقسام !
والجميع يقول : فلان بشر يخطئ ويصيب ، ولا أحد فوق النقد، ولا أحد معصوم غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
لكن هذه كلمات وعبارات يرددون حروفها في العموم، مجردة عن التطبيق،
ففور أن تحدد الخطأ قائلًا : فلان أخطأ في كذا !. لا تجد لتلك العبارات أثرًا !
في حدود 2005 في أحد
المنتديات كتب أحدهم منتقدًا التوقيت الإعلامي لخطاب القاعدة، وهو من وجهة نظره أنه ناصح، ويبين فيه خوفه على أعضاء التنظيم ، فانهال عليه مقدسو أسامة بن لادن شتمًا وتكفيرًا، رأوا أنه طعن في حكمة المعصوم ! في ذلك الوقت حتى لو كذَّبتَ رؤيا أو قصة وردت عن أسامة لشنوا عليك هجومًا تكفيريًا !
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد .
.