أهناك حقا نصف ربيع آخر، تداعب فيه نسمات باردة حجاب القلب المثخن بالاعتياد؟ ويتكاثر طلع الشوق في أصص الأقحوان الذي جف على باب العمر، من فعل الإهمال؟ أهناك حقا أبيات تعاد قراءتها، بل وكتابتها من جديد، وتثير في النفس دهشة أولى؟ وأغان تخرج من علب مخفية، تراكمت فوقها الأوراق والفواتير والملفات والأعباء؟ أهناك حقا حب يعيشه الرجل بعد سن الأربعين، ويقول على إثره: أنا لم أكن حيا قبل اليوم؟!
والسؤال بتلقائية أكثر: هل يقع الرجل بالحب ثانية، بعد سن الأربعين؟ وأقصد طبعا الرجال المتزوجين وأرباب الأسر، الذين جربوا أو لم يجربوا طعم الحب، في سنين مراهقتهم وشبابهم. إذ يبدو أن هذا الشخص، قد اكتسب خبرة عاطفية وحياتية أوسع، تؤهله للنظر إلى الأشياء من زاوية أعمق، يعيد من خلالها التفكير، بحيادية، مع نفسه ومتطلباته.
وهنا اسمحوا لي أن أتجاوز قليلا، المقطع الخاص بحقوق أسرته والعيب والحرام، لأنني أنوي متابعة الموضوع من جوانبه كافة في مقالات لاحقة. لكنني اليوم أسأل من باب الاهتمام والتعلم، لماذا يحدث هذا الأمر مع معظم الرجال، ولن أقول جميعهم؟ وهل للحب قوانين وأعراف تتحكم في مواعيد الدخول والخروج، بحيث يعتاد المرء عبر مفهوم العشرة، على تدريب جوارحه وأحاسيسه، على عدم التمادي الى أبعد من عيني الزوجة؟! أجيبكم أنا؟ لا!
وإلا فماذا نسمي حالات الحب والهيام التي تنهمر أشعارا غير منظمة غالبا، وجملا ملغومة وأغاني "مفهومة"، ومقاطع منقولة يطلقها رجال متزوجون على صفحات التواصل الاجتماعي، متعللين بالرجوع إلى الذكريات، ومتمترسين خلف شعار "الافتراضية"، الذي قدمه عالم الفيسبوك هدية مجانية، لمن لا يجرؤ على قول الحقيقة! وبماذا نفسر الخلافات الزوجية وحالات الطلاق المتزايدة، هذه الأيام بسبب اكتشاف الزوجة وإحساسها المتكرر، بهذه العلاقة أو تلك؟
أنا اليوم لا أضيف معلومة جديدة، بقدر ما أضيئ فكرة علينا أن نتحاور حولها، وهي أن الأمر يحدث غالبا مع هؤلاء الرجال، في سن معينة، وربما يستمر، لأسباب تفسرها النساء، أنها أنانية وشريرة. لكن يبدو، وأقول يبدو، أن مبررات أكثر عمقا وعلمية ونفسية، تدفع بالرجل إلى هذه التجربة. وحان الوقت أن نتعرف عليها!
شخصيا لا أستطيع أن أخرج من دائرة الأسباب التاريخية، والتي ربما لا تكون صحيحة بالمناسبة، كالاعتياد والملل، وعدم اهتمام الزوجة والهروب من المسؤولية. لكنني متيقن أن أسبابا أخرى، إلى جانب تلك، تقف وراء الموضوع. وإلا فبماذا نفسر السعادة والقوة والرغبة في الحياة، التي تظهر جليا على محيا العشاق المتجددين؟ كيف نقرأ لمعة عيونهم وتورد وجوههم، وانكبابهم على شاشات الهواتف الخلوية، والحواسيب كل دقيقة، وكأنهم يفتشون عن أمل لا يجب أن ينضب لحظة واحدة.
وهل تبدلت أسرار الحياة، بفعل تكنولوجيا الاتصال، لدرجة تدفعنا إلى التعاطف شبه الجمعي، مع قصص الحب المخفية، والتآمر المكشوف مع شجون العاشق الولهان، وبـ"اللايكات" والتعليقات المؤيدة.
متأكدة أن الكثيرين لن يعجبهم طرح الموضوع، وأنني سأتلقى تعليقات تربوية أو تلك التي تقرأ الأشياء من منظور شخصي. وأنا أرحب بها جميعا. ورغم ذلك سأبقي الباب مشرعا للسؤال: لماذا يحب الرجل بعد سن الأربعين؟ وهنا علي أن أؤكد الفرق، بين الذي يلعب ويلهو بالعادة، وليس محصورا بسن معينة، وبين الذي يعشق ويحب من جديد، من كل عقله وقلبه.
الموضوع منقول للفائده وخلاصته لماذا من بلغ سن الاربعين رجع مسنتر على الاستغرام والواتس والسناب وش يدور له