هل تعتبرونها نكتة (بايخة)؟!..لا يا سادة..هذا منصب حقيقي في الخطوط السعودية يدل على مستوى الهدر المالي والفساد الإداري الذي يتغلغل في أركان وزوايا هذه الشركة المدعومة من الدولة للأسف.
هذه الشركة التي (تصيح) من الخسائر الفادحة كل سنة..ثم تحاول تعويض خسائرها برفع أجور التذاكر بانتظام وبحسب المزاج وتتفنن في (حلب) جيوب المسافرين..لم تكن خسائرها بسبب تكاليف سفري وسفرك أبداً أبداً..
فالتسهيلات التي تحصل عليها من الدولة لا تحلم بها أي شركة حكومية أو شبه حكومية في العالم..والدليل أنها تقف (كالضًُرة) لشركات الطيران التي تريد الزواج من المطارات السعودية..وتحاول جاهدة تأخير إتمام عقد هذا الزواج وتعطيله والتضييق بشتى الوسائل على ضرتها الأخرى الموجودة معها حالياً في نفس المنزل..لأنها مستفيدة حتى النخاع ولا تريد أن تخسر مكانتها وأرباحها المليارية.
إنها تفعل نفس ما تفعله شركة الاتصالات حالياً مع ضراتها..بمعنى (لا ترحم ولا تخلّي رحمة ربنا تنزل) مثلما يقول المثل المصري..والخسران الوحيد في هذه المعادلة هو المواطن الذي كان يتوقع أن تكون الخصخصة حلاً لتردي الخدمات وللمبالغة في الأسعار بخلق سوق حرة للتنافس الشريف..فاكتشف أن الخصخصة أتت (لخصيه) هو..وليس لخدمته..وليست شركة المياه والكهرباء عن هذا (الخصي) ببعيد..طالما أن الهيئات والوزارات المسؤولة عنها تربطها مصالح (شخصية خاصة) مع هذه الشركات الكبرى..وليست مصالح وطن ومواطنين..وهل مسمى شركة وطنية يتيح لها العبث كيفما تريد؟!
أعود لشركة خطوط الرفاهية..فأقول : إنه ليس من المصادفة أن يكون مهندس ومصمم هذا (التناطح على السوق) بين الضرّات هو نفسه في كلا الشركتين .. الاتصالات والخطوط..وهو نفسه من يبني أبراجه الخاصة على كورنيش جدة الآن كما يقال..فيا للمصادفات العجيبة الغريبة..ومن المصادفات العجيبة أيضاً أن أحد المقاولين العاملين في أبراج جدة حصل على عقود مع الخطوط لتغيير بلاط (كوم) فلل..وصبغها بدهان جديد يكلف 450 أربعمائة وخمسين ألف ريال لكل فيلا..فيا سبحان الله.
ومن الصدف العجيبة أن ترى عائلة كاملة جميع أبنائها وأرحامها وأقاربها وسكان حارتها ( والحارة اللي بجنبهم ) موظفين في الخطوط السعودية..وليست أية وظائف..بل الوظائف المميزة الخاصة مثل الإدارة العليا أو المحطات الخارجية في أوروبا وأمريكا..فيا سبحان الله.
وعلى ذكر الوظائف..هناك (عُزَب) جمع عزبة..في باريس ولندن وأورلاندو وميلانو ومانيلا وكازا وغيرها من وجهات العالم..يتجمع فيها الشباب (الشيبان طبعاً) من الموظفين الذين لا يعملون شيئاً..لتناول الكبسة ولعب البلوت وحضور الأعياد والمناسبات والمباريات في الإجازات والويكند بتذاكر مجانية ومهمات وهمية..وفي كل محطة هناك العشرات والعشرات من الموظين بمسميات مختلفة مثل مدير عام المحطة ومدير مكتب مدير عام سكرتير عام مدير عام مكتب مدير المحطة إلخ إلخ ..ووظائفهم الحقيقية هي طبخ الكبسة وتزبيط رأس الشيشة ولعب البلوت والإقامة المجانية وتدريس أبنائهم على حساب شركة (أبوهم) هناك..فيا سبحان الله.
أما عن الشركات المساندة التي تقدم الخدمات المختلفة لشركة الرفاهية..فمن المصادفة أيضاً أن أغلب مالكي أسهمها هم من مدراء شركة الخطوط (وحبايبهم) وأن العقود دائماً مضمونة وبمئات الملايين في مشاريع لا تستحق عشر المبلغ المذكور..فيا سبحان الله.
إن هذه الشركة (المدلًَعة) تقوم بتدليل بعض موظفيها وليس جميعهم ..لكن هذه الفئة المدللة تستحوذ على معظم رواتب الشركة..ويصرف على منصب وامتيازات أحد مديريها ما يعادل رواتب مائة موظف من المساكين الذين لا تربطهم صلة قرابة أو مصالح مع كبار هذه الشركة العائلية..الذين (يمتصّون) دمها ودسمها بانتظام ويلقون بالعظام لبقية الموظفين.
ولهذا..فإنني أعذر موظف الخطوط الجوية العربية السعودية (المضروب على عينه) حين أجده (مبرطماً) أمامي..فهو (ملعون خيّره) من مدرائه المدلعين..وهو يرى بعينه الغبن والتفريق في المعاملة والرواتب والامتيازات بينه وبين أبناء العائلة المخملية المسيطرين على الشركة..الذين يحظون بفرص التدريب والابتعاث والترقي دون غيرهم..فلا تستغربوا تردي الخدمات..ولا العبث..ولا الحشف ولا سوء الكيلة من هذه الشركة المهترئة.
لكن..إياكم أن تصدقوا بأنها (خسرانة)..بل هي تنفق مكاسبها لتدليل موظفيها الذين يعملون لا شيء في كل مكان بوظائف شبه وهمية وبطالة مقنّعة تزداد كل يوم..وكلما قلّت موارد الرفاهية سرقوها من جيبي وجيبك بزيادة أسعار خدماتهم.
إنه الفساد الإداري والهدر المالي الضخم الذي يعلن لنا في كل رحلة بأنه يعتز بنهب أموالنا ليصرفها على رفاه المدلعين من موظفي شركة العائلة.